حب وامتنان .. " وردية " تصغر زوجها " قدور" كثيرا ، رابضت و إياه في خنادق الحقل و البيت .. خرود ولود .. شمرت عن ساعديها ، و بنت و إياه على أنقاض جُحر التابوت المتهالك منزلا حديثا من ثلاثة طوابق ، و دكانا نذرت نفسها فيه بائعة حاذقة ! حازت نصيبها من الإرث و الكراهية من إخوة أشداء ، و أفلحت في تحقيق حلم زوجها ، بتمكينه من شراء بضعة فدادين ، كان طوال عمره عاملا زراعيا لدى أصحابها ! تتحول إلى لبؤة حقيقية كل مرة يقع فيها فريسة منازلة غير متكافئة ، فتنخرط في عراكات دامية ، آلتها القادوم و المدراة و المنجل و اللجام و الحجارة و الناب !! لا تركن إلا و زوجها عزيز سيد .. لا زال رأسها الصغير المكور و جبينها المحدودب يحتفظان بآثار ندوب غائرة شاهدة على ضراوة تلك المعارك !... ترافقه إلى الإدارات ، و تتكلم نيابة عنه في همة القرويات ، لتقول ما يعجز عن قوله ، هو الذي لا يفتأ يطل على مداخلها حتى يبح صوته ، و يعقل لسانه ، ويرتعش نصف خده ، و يتصبب جبينه عرقا ، و تبدأ رجلاه فيما يشبه الغزل !! " وردية " لسان " قدور" الدلول ، و عينه الساهرة ، و ساعده الجبار ، و مجنه الصلب ، و خافقه الرحيم ... خلال الشهور القليلة الماضية ، نهش المرض جسدها الضامر ، و وقف " قدور" إلى جانبها وقفة لم تشهد مثلها أبدا ، و بجَرَاءة ناذرة خاطبها في هذه الأوقات العصيبة قائلا : ( اذهبي عند إحدى بناتك ، فأنا أرغب في الزواج !!!) ذ . إدريس الهراس / الفقيه بن صالح