[b] عندما سئل رئيس الحكومة البريطاني إبان الحرب العالمية الثانية ونستون تشرشل عن سبب إقدامه على التحالف مع سطالين أجاب بدون تردد بأنه مستعد للتحالف حتى مع الشيطان من أجل مصلحة بريطانيا و دحر العدو النازي هتلر. تشرشل الذي كان يحمل حينئد لواء الرأسمالية الغربية و الفكر الرأسمالي قرر أن يتحالف مع الاتحاد السوفياتي الذي قام على أنقاض الإمبراطورية البولشيفية بأديولوجية اشتراكية شيوعية ترى في رأسمالية الغرب عدوها الأول الاقتصادي و الفكري و الأديولوجي من أجل هدف واضح و محدد هو الوقوف في وجه هتلر و موسولوني و القضاء على النازية و الفاشية. لم يكن تشرشل و هو السياسي المحنك حين مد يده إلى سطالين غافلا عن طبيعة الاتحاد السوفياتي الاشتراكية و فكره الماركسي اللينيني المناقض للغرب الرأسمالي لكن توالي انتصارات هتلر في إفريقيا و البلقان و تتابع تساقط القرى و المدن السوفياتية أمام الآلة الحربية النازية لم تترك أنذاك خيارا لتشرشل . مناسبة هذا الحديث هو السجال الفكري و الإعلامي الذي عرفته الساحة الإعلامية العربية بعد قرار الجامعة العربية القاضي بطلب فرض الحصار الجوي على ليبيا من طرف مجلس الأمن فقد انبرى بعض الكتاب و المفكرين و الزعماء الإقليميين ليحذروا من التدخل الأجنبي في ليبيا و يدعوا إلى الحوار من أجل وقف الاقتتال بين الإخوة الليبيين مرددين بذلك ادعاءات القذافي بكون ما يجري الآن في ليبيا حرب أهلية ، طاعنين بشكل أو آخر في وطنية المجلس الوطني الانتقالي. إن و صف ما يجري في ليبيا بالحرب الأهلية أو تناحر الأشقاء بدل الثورة الليبية ضد الطغيان هو انحياز مفضوح إلى جانب القذافي الذي يشن حربا طاحنة غير متكافئة بمختلف الأسلحة الثقيلة وعن طريق الجو و البحر و البر على شعب أعزل وثوار ليس بأيديهم إلا أسلحة قديمة غنموها من كتائب القذافي و الجنود الذين اختاروا الانحياز للشعب و مطالبه. كما أن الطعن في وطنية الثوار لمجرد اتصالهم بالدول الغربية لتقديم المساعدة و إنقاذ الشعب الليبي من الإبادة الجماعية التي وعد بها القذافي كل من خلا قلبه من حبه هو و أبنائه هو أمر مردود على أصحابه و من يقف ورائهم بل يطعن في مصداقية هؤلاء . ليس أمام الثوار الذين يتصدون لمليشيات القذافي و مرتزقته بصدور عارية و إيمان كبير لا يعادله إلا حبهم الذي لا يوصف لوطنهم و تشبثهم بأرضهم واحترامهم لأمجاد أبائهم و أجدادهم و إصرارهم على الحرية و الكرامة أمام التخاذل العربي و الإسلامي و تقاعس الأشقاء عن نصرتهم سوى خياران إما الاستشهاد أو قبول المساعدة الغربية عبر الحصار الجوي على ليبيا و توجيه ضربات خاطفة لمعسكرات القذافي . إن الاستعانة بالغرب الحريص على مصالحه التي لم تعد مضمونة مع القذافي بشروط مسبقة تراعي السيادة الليبية و القانون الدولي من أجل القضاء على الطاغية المجرم الذي مرغ سمعة ليبيا في الوحل و وصف الشعب الليبي بالحشرات و الجرذان لا تطعن في وطنية الثوار و المجلس الوطني الانتقالي و غيرتهم على وطنهم و تشبثهم باستقلاله و كرامته . إذا كان من أحد يستحق التخوين فهو القذافي الذي بدد ثروات الليبيين في دعم الإرهابيين عبر العالم و تعويض ضحايا حماقاته الشخصية بالملايير و كذلك أبناؤه الذين كانوا يغدقون على الحسناوات الغربيات الشقراوات الملايير من أموال الليبيين دون رقيب ولا حسيب لمجرد إتيان شهوة عابرة أو قضاء سهرة ماجنة. القذافي الذي لم يترك بنكا غربيا إلا كدسه بعائدات البترول تاركا ليبيا صحراء جرداء بلا تعليم و لا صحة و لا خدمات أساسية هو من يستحق أن يوصف بالعمالة و ليس شباب ليبيا الحر الذي قام يطالب بحق الشعب في العيش الكريم و الصحة و التعليم الجيد لأبنائه. من أجل إسقاط القذافي و أبنائه و بطانته و من أجل إنقاذ ليبيا من القذافي المجنون المتعطش لدماء شعبه كل الوسائل مبررة و كل التحالفات مشروعة B]