يرى محللون أنه مع تصاعد التوترات بين إسلام آباد وطهران بعد تفجير خارج مسجد في إيران ربما تجد باكستان نفسها أكثر عزلة في حين تتطلع إيران لزيادة نفوذها في المنطقة. وأعلنت جماعة جند الله -وهي جماعة سنية مسلحة تقول إيران إنها تتمركز في إقليم بلوخستان في جنوب غرب باكستان- مسؤوليتها عن التفجير الانتحاري الذي وقع يوم 15 ديسمبر في بلدة جابهار وأسفر عن مقتل 39 وإصابة أكثر من مئة آخرين. وطالبت إيرانباكستان باتخاذ إجراء كما دعا الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد نظيره الباكستاني اصف علي زرداري هذا الأسبوع إلى إلقاء القبض على «إرهابيين تم التعرف عليهم» وتسليمهم إلى إيران. وتقول إيران إن مقاتلي جند الله يحتمون داخل باكستان في حين تنفي إسلام آباد إيواء الجماعة. لكن في تصريحات تعيد إلى الأذهان المطالب الأمريكية فيما يتعلق بمخابئ طالبان في شمال غرب باكستان لمح عضو في لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني إلى أن إيران ستتخذ إجراء إن ظلت باكستان ساكنة. ويقول محللون إن كلمات المسؤولين الإيرانيين شديدة اللهجة تزيد من الضغوط الدولية على باكستان لاتخاذ إجراء صارم مع المقاتلين الذين يشنون عمليات انطلاقا من أراضيها. وفي مراجعة للإستراتيجية الأمريكية للحرب في أفغانستان والتي تم الكشف عنها في الأسبوع الماضي أشاد البيت الأبيض بالخطوات التي اتخذتها باكستان في مواجهة الجماعات المتشددة لكنه قال ان أفغانستان لن تنعم بالاستقرار ما لم تتخذ باكستان إجراء حاسما ضد المتشددين على أراضيها. ويقول المحللون إن إيران ربما تسعى لاستغلال موقف الضعف الذي تبدو عليه باكستان في مواجهة هذه الضغوط إما نتيجة عجزها أو إحجامها عن محاربة المتشددين الذين ينشطون على أراضيها في زيادة نفوذها كقوة في المنطقة. وقالت مؤسسة ستراتفور للمعلومات إن إيران «طرف معني رئيسي في أفغانستان ومنافس لباكستان هناك ومن المرجح أن تكون تستعرض الآن عضلاتها على حدودها الشرقية لإظهار صعود نجمها بالمنطقة». وتتنافس باكستانوإيران منذ فترة طويلة على النفوذ في أفغانستان وتدعم باكستان البشتون وحركة طالبان وهم من السنة في حين تدعم إيران أعداء طالبان في التحالف الشمالي الذي يتألف من أفراد ليسوا من البشتون وبعض الجماعات الشيعية. وقالت ستراتفور إن باكستان ستحاول معالجة مخاوف إيران في وقت توترت فيه العلاقات بالفعل مع الدولتين المجاورتين الهند وأفغانستان بسبب عنف المتشددين. ويتهم كلا البلدين باكستان بدعم المتشددين الذين يستهدفونهما أو غض الطرف عنهم. وقال وزير الداخلية الباكستاني رحمن مالك إن حكومته أكدت لإيران أنها ستساعد في تعقب المسؤولين عن تفجير المسجد. وصرح مالك للصحفيين «أكدنا لهم أننا سنعتقل وسنسلم أي إرهابي إيراني يتم ضبطه في باكستان وطلبنا منهم أن يعطونا معلومات محددة». وكان مسؤول باكستاني قد قال في فبراير إن بلاده ساعدت إيران في إلقاء القبض على عبد المالك ريجي زعيم جند الله وسط تقارير متضاربة عن كيفية احتجازه. لكن التفجيرات التي أعقبت ذلك بددت أي ثقة تحققت نتيجة اعتقال زعيم الجماعة. وتتسم العلاقات بين باكستانوإيران بالتوجس منذ قيام الثورة الإسلامية عام 1979 والتي أدت إلى تولي شيعة متشددين السلطة في طهران. لكن كلا الجانبين أحجما بصفة عامة عن تبادل الاتهامات علنا بإذكاء التوترات. لكن هذا الوضع تغير مع وقوع الهجمات الأخيرة في إيران والتي أعلنت جماعة جند الله مسؤوليتها عنها. وتربط إيران بين جماعة جند الله وتنظيم القاعدة وتقول إن الجماعة تحظى بمساندة أمريكية. وتنفي الولاياتالمتحدة ذلك. وقال الكاتب والمحلل الأمني أحمد راشد إن جماعة جند الله ظهرت من خلال تحول الولاءات وأن عدة أطراف يدخل بينها الأمريكيون وطالبان وأجهزة المخابرات الباكستانية تعتبر الجماعة أداة ضد إيران. وتتشكك إيران في مصداقية نفي باكستان دعمها للجماعة. وقال راشد «هناك ريبة تجاه باكستان في كل مكان. من الجيران.. من الحلفاء.. من كل مكان. إنه وضع خطير للغاية».