افتتح أخيرا المركب الرياضي محمد الخامس بمدينة الدارالبيضاء، بإجراء مباراة قمة عن مؤجل الدورة 21 من البطولة الاحترافية "اتصالات المغرب" لكرة القدم بين فريقي الوداد البيضاوي والجيش الملكي، أمس الاثنين، بعدما يقارب السنة من الإغلاق، والتي عرفت أشغال الصيانة التي كان مفترضا أن تنتهي شهر يناير الماضي، لكنها تأخرت بل ما تزال غير مكتملة. مخاوف من شغب أضرار للحلة الجديدة تتخوف سلطات الدارالبيضاء من اندلاع أعمال شغب تتسبب في أضرار لمركب محمد الخامس في حلته الجديدة، بعدما سمحت لفريقي الوداد والرجاء البيضاويين باستضافة خصومهما فيما تبقى من جولات بالبطولة الاحترافية، خاصة أنها صرفت مبلغا كبيرا يناهز 22 مليار سنتيم كتكلفة إجمالية للإصلاحات. وتبني السلطات البيضاوية مخاوفها على تجارب سابقة، كما حدث في جل الملاعب الوطنية بمدن الرباطوالجديدة وأسفي وخريبكة وطنجة وأكادير وغيرها، بل إن الشغب غزا مركبات حديثة النشأة كمركب مراكش بعد أشهر قليلة خلال مباراة فريقي الكوكب المراكشي وأولمبيك أسفي في أبريل 2011. ويعلم الجميع أن الشغب كان السبب الرئيسي في إغلاق مركب محمد الخامس، بعد الأحداث اللارياضية التي عرفها الملعب شهر مارس 2016 عقب انتهاء مباراة فريقي الرجاء البيضاوي وشباب الريف الحسيمي (2-1) برسم الجولة 21 من بطولة الموسم الماضي، وأسفرت عن خسائر بشرية ومادية جسيمة. من جهة، يتخوف البيضاويون أن يتكرر سيناريو المركب الرياضي الأمير مولاي عبد الله بالرباط، والذي أغلق عقب فضيحة "الكراطة" ضمن منافسات كأس العالم للأندية سنة 2014، مع مركب الدارالبيضاء في حال حدوث شغب أضر بمنشآته، لأن ذلك سيعني إغلاقه من جديد إلى أجل غير مسمى. إصلاحات بالجملة تعيد الحياة ل "دو نور" شهد مركب محمد الخامس إصلاحات بالجملة همت إعادة تعشيب أرضيته الطبيعية رغم أنها لا تعاني أي أضرار، بل تعتبر أفضل أرضية بالملاعب الوطنية، وتم تغيير ما تبقى من الكراسي القديمة التي لم تطلها أيدي المشاغبين، وتثبيت أخرى جديدة بألوان الرمادي والأزرق والأصفر بالمدرجات الشمالية والجنوبية، وتم تركيب ساعتين إلكترونيتين. ولم تكتف الشركة المكلفة بإصلاح المعلمة الكروية للدار البيضاء، بالجانب الخارجي للملعب، إذ أنشأت قاعة للندوات الصحفية بعدما كان المدربون يلتقون مع رجال الإعلام في قاعة ضيقة ولا تليق بملعب اسمه مركب محمد الخامس، ومنصة جديدة للصحافيين مزودة بالإنترنيت، مع تكبير مساحات مستودعات الملابس، وترميم المدرجات المغطاة ومصابيح الإنارة ومرافق أخرى وتحسين دكتي جلوس طاقمي الفريقين. كل هذه الإصلاحات ستعيد الحياة إلى مدرجات مركب الدارالبيضاء، سواء لعشاق الرجاء والوداد أو أنصار المنتخب الوطني، والذين لم يروا "أسود الأطلس" منذ المواجهة الودية ضد المنتخب القطري تحت قيادة الناخب الوطني آنذاك بادو الزاكي، علما أن الملعب كان مرشحا لاستضافة لقاء ودي بين المغرب وهولندا، لكن تم نقله إلى ملعب أكادير بسبب عدم اكتمال أشغال الإنارة بالملعب واستحالة إجراء المباراة نهارا. معلمة كروية للبيضاويين والمغاربة لم يعد مركب محمد الخامس الواقع بالمعاريف وهو أحد الأحياء الراقية بالعاصمة الاقتصادية، مجرد ملعب تجرى فيه مباريات كرة القدم، بل أصبح معلمة كروية يفتخر بها البيضاويون، ويكفي أن "دو نور" الذي تأسس سنة 1955، شهد مواجهة الديربي قطبي الكرة المغربية لعقود، واستضاف العديد من اللقاءات المصيرية للمنتخب الوطني وبطولات قارية ودولية. في البداية، كان المركب يحمل اسم"مارسيل سيردان" ويتسع فقط ل 30 ألف متفرج، وهو رقم كبير في تلك الفترة، قبل أن يتم تغيير اسمه إلى الملعب الشرفي أو "دو نور"، وهو ما استمر إلى غاية سنة 1981 ليطلق عليه مركب محمد الخامس في أفق استعداد الدارالبيضاء لاستضافة دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط لسنة 1983 بطاقة استعابية بلغت 75 ألف متفرج. وتم إغلاق الملعب مرات كثيرة، ولعل أشهرها سنة 1998 قبل زيارة لوفد تابع للاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) لتفقد المركب المرشح كأحد الملاعب المبرمجة في ملف ترشيح المغرب لاستضافة نهائيات كأس العالم 2006، إضافة إلى أنه أغلق لفترات قصيرة من أجل إصلاح أرضيته وبعض المرافق سنوات 2000 و2006 و2010، علما أن ذلك أثار غضب إداراتي الرجاء والوداد وكلف السلطات ميزانية ليست بالقليلة. في انتظار ما تجود به الأيام من أحداث، يبقى الأمل في أن لا تطال يد الشغب مركب محمد الخامس فيما تبقى من دورات، خاصة في ظل المقاربة الأمنية الرامية إلى محاربة هذه الظاهرة واقتلاعها جذريا، ف "دو نور" ليس ملعبا فقط للرجاويين أو الوداديين أو البيضاويين، بل هو ملعب المغاربة أجمعين. صلاح الدين برباش