تنظيم الباعة المتجولين بتخصيص أماكن لاشتغالهم بشكل يصون كرامتهم أمسى امرا ضروريا. فالظاهرة مجتمعية بامتياز وتحتاج لتظافر جهود الفاعلين من منتخبين وجمعيات وسلطة محلية من أجل تثبيت هذه الفئة وتقديم فضاءات لها لممارسة مهنتها باعتبار هذه المهنة مورد رزقها الأساسي، وكلك من أجل وضع حد المواجهات اليومية مع هؤلاء الباعة، مما يؤدي إلى احتجاجات وعنف. مؤخرا، تم بعمالة مقاطعة عين الشق، افتتاح فضاء تجاري للقرب لفائدة 74 من الباعة المتجولين، موزعين على مختلف الأنشطة التجارية، خاصة تسويق الألبسة، والفواكه الجافة والأواني والمكسورات. وتروم فكرة تجارة القرب بالأساس إعادة تنظيم تدفقات أنشطة الباعة المتجولين كسبيل للنهوض بظروف عمل هؤلاء الباعة، وتحرير الطرق والفضاءات العمومية، علاوة على جعل المشهد الحضري جميلا. ويهدف هذا المشروع كذلك إلى النهوض بالاقتصاد التضامني، وكذا إدماج الأنشطة التجارية للباعة المتجولين في النسيج الاقتصادي، والرفع من الجودة، والسلامة الصحية للمنتجات التجارية، وتنمية البنية الاقتصادية والتجارية لمدينة الدارالبيضاء. ويبدو أن فضاءات القرب التجارية، تساهم إلى حد كبير في تنظيم الباعة المتجولين، وهي فكرة بدأت تستهوي المسؤولين عن الشأن المحلي بالعاصمة الاقتصادية، إذ قرر مجلس المدينة انتداب "شركة الدارالبيضاء للتنمية"، لتدبير الأسواق الجماعية المسماة "فضاءات تجارية للقرب"، وذلك إثر تزايد عدد الباعة المتجولين بالمدينة. ومن شأن تعميم هذه التجربة على باقي مقاطعات الدارالبيضاء، أن يساهم في القضاء على النقاط السوداء، إلى جانب إدماج هذه الشريحة من الباعة في إطار منظم ومهيكل، لتقديم خدمات جيدة لفائدة البيضاويين. وكان عبد الصمد حيكر، نائب عمدة الدارالبيضاء، خلال مناقشة الاتفاقية الخاصة بانتداب "شركة الدارالبيضاء للتنمية" لتدبير هذه الفضاءات، داخل لجنة المرافق العمومية والممتلكات والخدمات، أكد أن الجماعة تسعى إلى هيكلة القطاع، وتفادي الإشكالات المترتبة عن الظاهرة، من قبيل انتشار الأزبال وعرقلة السير والجولان. ودعا المستشارون الجماعيون خلال مناقشة الاتفاقية من أجل المصادقة عليها إلى ضرورة حصر المستفيدين من هذه الأسواق من أبناء كل مقاطعة على حدة، حتى تستفيد الفئات الهشة ويتم إدماجها، كما طالبوا بإشراك السلطة المحلية في إحصاء الشريحة المستفيدة بعد نجاح السلطات بعمالة البرنوصي في هذه التجربة. وأقدم عامل مقاطعات البرنوصي، محمد علي حبوها، على تعميم تجربة الفضاءات التجارية للقرب، ليتم القطع بشكل كلي بالمقاطعة مع ظاهرة الباعة المتجولين، إذ جرى منح الباعة رخصا للاستغلال داخل فضاءات تجارية منظمة بطريقة عصرية، من شأنها تقديم خدمات جيدة لفائدة البيضاويين. وعلاقة بظاهرة الباعة المتجولين وطرق معالجتها، فقد سبق للشرقي ضريس الوزير المنتدب في الداخلية أن أفاد خلال إحدى جلسات الأسئلة الشفوية بمجلس النواب، بأنه تنفيذا للتعليمات الملكية السامية انكبت لجنة حكومية بهدف النهوض بأوضاع الباعة المتجولين على مستوى العمالات والأقاليم بما يضمن كرامته هذه الفئة الاجتماعية. ووفقا للمعطيات التي أماط اللثام عنها الوزير، فقد تم حصر الباعة المتجولين حسب الصنف، وتم وضع برنامج لصون كرامتهم، وتحرير الملك العام من الاحتلال الذي يضر بصورة المدن المغربية، مسجلا أن اللجنة الحكومية أعدت أربعة أصناف من الباعة المتجولين. وأكد اضريس أنه تم تخصيص ما يطلق عليه ب"أسواق الأزقة" التي تكون وفق شروط وأوقات معينة ومنظمة بنظام داخلي، أما الفئة الثانية فيهم الباعة المتجولون عبر توفير الدراجات النارية مثل بائعي السمك. وفيما يخص الفئة الثالثة من الباعة المتجولين، أوضح المسوؤل الحكومي أنه سيتم إدماجهم عبر الأسواق الدورية التي يتم تحديد وقت معين لها، مضيفا إلى ذلك الأسواق القارة ذات الأسقف الحديدية، والتي ستأوي جزء من هؤلاء الباعة.