توقعات أحوال الطقس ليوم السبت    الصين: تنظيم منتدى "بواو" الآسيوي ما بين 25 و 28 مارس المقبل    الصين: تسجيل 1211 هزة ارتدادية بعد زلزال شيتسانغ    الدار البيضاء... فتح تحقيق قضائي للاشتباه في تعنيف أم لطفلها القاصر    مأساة غرق بشاطئ مرتيل: وفاة تلميذ ونجاة آخر في ظروف غامضة    حادثة سير خطيرة بطنجة تسفر عن إصابة شابين بجروح بليغة    عفو ملكي على 1304 أشخاص بمناسبة ذكرى 11 يناير    اطلاق ثلاث خطوط جوية جديدة تربط الصويرة بباريس وليون ونانت ابتداء من أبريل المقبل    رواية "بلد الآخرين" لليلى سليماني.. الهوية تتشابك مع السلطة الاستعمارية    طنجة : الإعلان عن الفائزين بجائزة بيت الصحافة للثقافة والإعلام    المنتخب المغربي يودع دوري الملوك    مراكش... توقيف مواطن أجنبي مبحوث عنه بموجب أمر دولي بإلقاء القبض    حرائق لوس أنجلوس .. الأكثر تدميرا والأكثر تكلفة في تاريخ أمريكا (فيديو)    مراكش تُسجل رقماً قياسياً تاريخياً في عدد السياح خلال 2024    تهنئة السيد حميد أبرشان بمناسبة الذكرى ال81 لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال    وزير الخارجية الفرنسي "يحذر" الجزائر    إيكال مهمة التحصيل الضريبي للقطاع البنكي: نجاح مرحلي، ولكن بأي ثمن؟    مدن مغربية تندد بالصمت الدولي والعربي على "الإبادة الجماعية" في غزة    هذا ماقالته الحكومة عن إمكانية إلغاء عيد الأضحى    "الباطرونا" تتمسك بإخراج قانون إضراب متوازن بين الحقوق والواجبات    مؤسسة طنجة الكبرى في زيارة دبلوماسية لسفارة جمهورية هنغاريا بالمغرب    الملك محمد السادس يوجه برقية تعزية ومواساة إلى أسرة الفنان الراحل محمد بن عبد السلام    المناورات الجزائرية ضد تركيا.. تبون وشنقريحة يلعبان بالنار من الاستفزاز إلى التآمر ضد أنقرة    أحوال الطقس يوم السبت.. أجواء باردة وصقيع بمرتفعات الريف    أسعار النفط تتجاوز 80 دولارا إثر تكهنات بفرض عقوبات أميركية على روسيا    الضريبة السنوية على المركبات.. مديرية الضرائب تؤكد مجانية الآداء عبر الإنترنت    اللجان الإدارية المكلفة بمراجعة اللوائح الانتخابية العامة تعقد اجتماعاتها برسم سنة 2025    الملك محمد السادس يهنئ العماد جوزيف عون بمناسبة انتخابه رئيسا للجمهورية اللبنانية    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأخضر    إيداع 10 علامات تجارية جديدة لحماية التراث المغربي التقليدي وتعزيز الجودة في الصناعة الحرفية    أغلبهم من طنجة.. إصابة 47 نزيلة ونزيلا بداء الحصبة "بوحمرون" بسجون المملكة    تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، محطة نضالية بارزة في مسار الكفاح الوطني من أجل الحرية وتحقيق السيادة الوطنية    "الأحرار" يشيد بالدبلوماسية الملكية ويؤكد انخراطه في التواصل حول مدونة الأسرة    القِرْد سيِّدُ المَشْهد !    فيلود: "المواجهة ضد الرجاء في غاية الأهمية.. وسنلعب بأسلوبنا من أجل الفوز"    وفاة صانعة محتوى أثناء ولادة قيصرية    حوار بوتين وترامب.. الكرملين يعلن استعدادا روسيا بدون شروط مسبقة    بوحمرون: 16 إصابة في سجن طنجة 2 وتدابير وقائية لاحتواء الوضع    "بوحمرون.. بالتلقيح نقدروا نحاربوه".. حملة تحسيسية للحد من انتشار الحصبة    بوحمرون يواصل الزحف في سجون المملكة والحصيلة ترتفع    عصبة الأبطال الافريقية (المجموعة 2 / الجولة 5).. الجيش الملكي من أجل حسم التأهل والرجاء الرياضي للحفاظ على حظوظه    صابرينا أزولاي المديرة السابقة في "قناة فوكس إنترناشيونال" و"كانال+" تؤسس وكالة للتواصل في الصويرة    "جائزة الإعلام العربي" تختار المدير العام لهيسبريس لعضوية مجلس إدارتها    ملفات ساخنة لعام 2025    ارتفاع مقلق في حالات الإصابة بمرض الحصبة… طبيبة عامة توضح ل"رسالة 24″    اتحاد طنجة يعلن فسخ عقد الحارس بدر الدين بنعاشور بالتراضي    السعودية تستعد لموسم حج 2025 في ظل تحديات الحر الشديد    الحكومة البريطانية تتدخل لفرض سقف لأسعار بيع تذاكر الحفلات    فضيحة تُلطخ إرث مانديلا... حفيده "الرمز" في الجزائر متهم بالسرقة والجريمة    بطولة إنجلترا لكرة القدم.. إيفرتون يفك الارتباط بمدربه شون دايش    مقتل 7 عناصر من تنظيم "داعش" بضربة جوية شمال العراق    النظام الجزائري يخرق المادة 49 من الدستور ويمنع المؤثر الجزائري بوعلام من دخول البلاد ويعيده الى فرنسا    الكأس الممتازة الاسبانية: ريال مدريد يفوز على مايوركا ويضرب موعدا مع برشلونة في النهائي    الآلاف يشاركون في الدورة ال35 للماراطون الدولي لمراكش    أخذنا على حين ′′غزة′′!    الجمعية النسائية تنتقد كيفية تقديم اقتراحات المشروع الإصلاحي لمدونة الأسرة    فتح فترة التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1447 ه    وزارة الأوقاف تعلن موعد فتح تسجيل الحجاج لموسم حج 1447ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تدخل المستشار محمد عداب الزغاري عن فريق التحالف الاشتراكي بمجلس المستشارين في المناقشة العامة لمشروع قانون المالية لسنة 2011
نشر في بيان اليوم يوم 19 - 12 - 2010

لا يمكن لنا كجزء من الأغلبية إلا أن نساندمشروع قانون المالية
لسنة 2011 لاندراجه ضمن استمرارية السياسات العمومية
لم نقتنع بالدور الذي يمكن أن تقوم به بسياسة التقشف لأن مستوى الحد من النفقات المعلن عنه لا يتعدى 1.5% من الناتج الداخلي وهذا لا يعدو أن يكون سياسة للتحكم في النفقات
صادق مجلس المستشارين أول أمس الأربعاء على مشروع قانون المالية لسنة 2011 وفي إطار المناقشة العامة للمشروع تدخل المستشار محمد عداب الزغاري باسم فريق التحالف الاشتراكي، وفيما يلي نص التدخل:
أتقدم أمامكم برأي ومواقف فريق التحالف الاشتراكي بمجلسنا من مشروع قانون المالية لسنة 2011، في إطار هذه المناقشة العامة للمشروع والتي ليست مجرد مناقشة تقنية لمشروع قانون عادي، بل هي مناسبة، كما اعتدنا على ذلك سنويا، لنقاش سياسي ينكب على مجمل السياسات العمومية، التي يعبر مشروع قانون المالية على جزء هام منها...
ولابد أن أشير إلى أن منطلقاتنا في هذا النقاش مرتبطة بموقعنا داخل الأغلبية، موقع يلزمنا سياسيا وأخلاقيا بدعم المشروع، دون أن يعني ذلك التبني المطلق لكل مضامينه، والصمت على النواقص والهفوات، التي نرى أن التنبيه إليها هو شكل آخر لدعم العمل الحكومي، ليكون أكثر إنتاجية وأحسن آداء..
-1 ظرفية و طنية تدعو للتماسك ودولية تدعو للحذر
نناقش مشروع قانون المالية لسنة 2011 و بلادنا تعيش ظرفية دقيقة، و تواجه هجوما لم يسبق له مثيل، من عدة جهات، بخصوص قضية و حدتنا الترابية.
إننا نعيش فترة هجوم مضاد، بكل معنى الكلمة، بعد النجاحات التي حققناها على المستوى الدولي بعد طرح بلادنا لمشروع الحكم الذاتي، كحل وطني وديمقراطي للنزاع المفتعل من طرف الجزائر حول أقاليمنا الجنوبية، وبعد أن تمكنا من فضح الإرهاب والقمع الذي تمارسه عصابات البوليزاريو، ووضعية حقوق الإنسان بمخيمات تندوف، من خلال نموذج وتعامل هذه العصابات مع مصطفى سلمى ولد سيدي مولود، وانكشاف، أمام من لم يفهم ذلك بعد أو يتجاهله، تورط الجزائر بشكل مباشر، و حمايتها للخروقات الفضيعة لحقوق الإنسان التي تمارسها عصابة تتواجد فوق أراضيها، في خرق سافر وتحد للقوانين و المعاهدات الدولية ذات الصلة..
ومن الطبيعي أن لا يسلم خصوم بلدنا، خاصة الجزائر وبعض القوى ذات الحنين الاستعماري داخل إسبانيا، بهذا الأمر وبهذه النجاحات، فكانت مناورة اختلاق أحداث العيون وما ترتب عنها من انشغالنا بهذه الأحداث، وتداعياتها الإقليمية والدولية، سواء على المستوى الإعلامي أو الدبلوماسي... لقد فرضت على بلادنا معركة شرسة ترمي إلى جعلنا في موقف دفاعي بعد أن تقدمنا خطوات هجومية ناجحة..
وعلينا أن نعي جيدا هذا المسار الذي يريد خصوم بلادنا جرنا إليه، علينا تدبير المعركة الدفاعية دون السماح بالتراجع عن مكاسبنا، وعلينا أن نخوض معركة مزدوجة دفاعية و هجومية في نفس الوقت، بكل ما يستلزم ذلك من إمكانيات مادية و معنوية.
إنها ظرفية لابد من استحضارها، ونحن نناقش مشروع قانون المالية للسنة المقبلة.. ظرفية تدعونا إلى مزيد من التماسك الوطني و تقوية الجبهة الداخلية، تماسك وإجماع عبرت عنه بقوة مسيرة الدار البيضاء التاريخية ضد مناورات خصوم و أعداء وحدتنا الترابية.
إن هذا التماسك وهذا الإجماع الوطني هو أساس مواجهتنا لخصومنا، وعلى السياسات العمومية، وقانون المالية إحدى أدواتها، أن ترسخ أكثر وتدعم بشكل أقوى هذا التماسك، بتدابير اقتصادية واجتماعية، لكن أيضا بتدابير سياسة، ومنها مراجعة بعض المقاربات المعمول بها بخصوص قضيتنا الوطنية، سياسيا واجتماعيا وأمنيا ودبلوماسيا، انطلاقا من الدروس التي علينا استخلاصها جميعا من أحداث العيون من حيث المسببات والنتائج والتداعيات. وعلى الدولة أن تطهر الحقل السياسي من سلوكات وممارسات تخل بالعمل السياسي الجاد، من خلال إصلاح سياسي عميق، والتوقف عن تبخيس العمل السياسي والحزبي بوجه خاص، وقد بينت مسيرة الدار البيضاء العظيمة أهمية التأطير الحزبي، ودور الأحزاب السياسية الجادة في تعبئة المواطنين وتأطيرهم للدفاع عن قضايانا الوطنية الكبرى.
نستحضر كذلك السياق الدولي الذي تم فيه إعداد ومناقشة هذا المشروع، وهو سياق يتميز بمناخ اقتصادي دولي غير مستقر، واستمرار تداعيات الأزمة المالية، بالرغم من وجود بعض الانفراج، وظهور مؤشرات صحوة اقتصادية ومالية متبانية. غير أن وضعية الاقتصاد العالمي لا تدعو إلى كامل الارتياح، علما أن اقتصادنا الوطني مرتبط، بدرجات متفاوتة وحسب القطاعات، بالاقتصاد العالمي، ويمكن القول إجمالا، أن نسبة النمو في البلدان الأروبية لا تعرف تحسنا ملحوظا، بل أن بعض بلدان الاتحاد الأروبي شرعت في برامج تقشفية لمواجهة تداعيات الأزمة، مما يقوي احتمال تراجع الاستثمارات الأجنبية، كما أن هناك اتجاها نحو ارتفاع أثمنة بعض المواد الأولية، ومن المحتمل جدا أن يفوق سعر البترول 80 دولار، مما يجعلنا نتساءل عن قيمة الفرضيات الأساسية التي ينبني عليها المشروع..
إنها وضعية تدعو إلى مزيد من الحذر، وتوقع أن يواجه تنفيذ الميزانية صعوبات مرتبطة بالوضع الاقتصادي العالمي و السوق الدولية، وإيجاد آليات لتكييفها مع المستجدات المحتملة، خاصة ما يتعلق بأثمنة البترول و المواد الأولية، وتأثيرات ذلك على جانب النفقات، خاصة منها صندوق المقاصة، ونحن ندعم توجه الحكومة المرتكز على الطلب الداخلي لما يشكله الارتباط بالخارج من خطورة في ظرف اقتصادي دولي غير مستقر.
2 - ملاحظات شكلية ومسطرية
السيد الرئيس:
نناقش مشروع قانون المالية هذه السنة في إطار نفس الإشكاليات المسطرية التي نطرحها كل سنة، دون أن نتمكن من تجاوزها مع الأسف، فميكانيزمات المناقشة تغيب عنها العديد من المعطيات لجعل البرلمان فاعل ومشارك، فهناك تأخير في مراجعة القانون التنظيمي للمالية بشكل يمكن البرلمان من لعب دوره التشريعي كاملا، وكان من المفروض أن يبرز المشروع ويعطي إشارات في أفق الميزانيات الجهوية، وكنا ننتظر أن يتم التركيز على الأجزاء المكونة للميزانية العامة للدولة والميزانية التي تكون قابلة للتحويل للجهوية، ونسجل أن الاعتمادات الجهوية قدمت لنا بشكل إجمالي دون توطين محلي مضبوط، يسهل علينا عملية متابعة الانجاز الفعلي للمشاريع. وبهذا الخصوص نسجل عدم نشر التقارير النصف سنوية حول تنفيذ البرامج، وسيكون من المفيد إنشاء خلية لمراقبة السياسات العمومية داخل لجنة المالية، للمراقبة ومتابعة التنفيذ، وكذا أهمية تنسيق عمل اللجان الدائمة بهذا الخصوص، خاصة في مجال التقييم، وكذلك توضيح الاختلالات التي يكشف عنها تقييم المجلس الأعلى للحسابات، وما يتم القيام به تفاعلا مع تقارير هذا المجلس.
3- مواصلة الالتزام بالاختيارات الإستراتيجية الكبرى ومواجهة صعوبة الظرفية
السيد الرئيس
بعد هذه الملاحظات، والتي نرجو من الحكومة ومن السيد وزير المالية بشكل خاص، أخذها بعين الاعتبار مستقبلا، نعبر، فيما يلي عن مواقفنا من مضامين هذا المشروع.
ونبادر بالقول، مجددا، أنه لا يمكن لنا كجزء من الأغلبية، ومتحملين مسؤولية هذا الموقع، إلا أن نساند، إجمالا، مشروع قانون المالية لسنة 2011 لاندراجه ضمن استمرارية السياسات العمومية التي نساندها منذ سنوات.
فمن إيجابيات المشروع أنه آخذ بعين الاعتبار المعطيات الجديدة، وترتيب الأولويات في الإنفاق العمومي، وتمكن من مواصلة الالتزام بالاختيارات الإستراتيجية الكبرى المتمثلة في سياسة الإصلاحات الهيكلية والأوراش الكبرى، التي تروم النهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية، مع الحفاظ على التوازنات المالية والاقتصادية الكبرى، وهو أمر هام في حد ذاته، في ظل الظروف الدولية التي نعيشها.
ويحمل المشروع أهدافا واضحة وهي:
دعم الاستثمار العمومي، تشجيع الاستهلاك، النهوض بالصادرات، مواكبة الإصلاحات القطاعية، تعزيز التنمية الاجتماعية والتضامن.
هذه الأهداف موضوعة في ظل الأزمة المالية، وفي ظل تقلبات الأسعار العالمية، وتقلص ملحوظ في رصيد العملة الصعبة، وتراجع محسوس في مداخيل الضرائب، زيادة على استفحال متطلبات صندوق المقاصة.
وسجلنا كذلك أهمية التوقعات التي أتت بها الميزانية سواء على مستوى النمو 5% أو التحكم في العجز أو التضخم 2%، وإن كنا نتساءل عن قدرة اقتصادنا الوطني، فعلا، في تحقيق هذه التوقعات.
و سجلنا كذلك أهمية الإجراءات المبرمجة، سواء الإجراءات القطاعية ( الفلاحة، البيئة، التكنولوجيا، الصحة..)، وكذلك الإجراءات المتعلقة بالتحفيزات المالية والجبائية، خاصة إعادة هيكلة القطاع غير المهيكل، وهو إجراء جديد ومهم من شأنه توسيع الوعاء الضريبي وضمان مداخيل مالية للخزينة، خاصة وأنها ستفتقد لمداخيل أخرى عبر تدابير يتضمنها المشروع، ودعم المقاولات الصغرى، والاستثمار الأجنبي، والمنطقة المالية للدار البيضاء، وكلها تدابير تندرج ضمن استمرارية التوجهات العامة، و مواصلة المشاريع الكبرى للإصلاح، رغم ما نسجله من تراخي بخصوص بعضها، وعدم لمس نتائج واضحة بخصوص أخرى، مما يفرض إعطاء نفس جديد لمجمل هذه المشاريع.
-4 الحكامة شرط لربح الرهانات:
أيها السيدات و السادة
إن مشروع قانون المالية لسنة 2011، يندرج في إطار الاستمرارية، وهي استمرارية لسياسات عمومية نريد لها أن تتوسع نحو آفاق جديدة وتتقدم إلى الأمام، والسير نحو جيل جديد من الإصلاحات على مختلف المستويات و المجالات . نسجل للمشروع أنه لا يتراجع عن المكتسبات، لكنه في نفس الوقت لا يتقدم بوضوح إلى الأمام. ويحمل المشروع رهانات لا يمكن لنا سوى تبنيها و الدفاع عنها، وهي رهانات مرتبط تحققها أساسا بمدى القدرة على دعم الأداء الاقتصادي، والنهوض بالعدالة الضريبية، من خلال تفعيل الآليات المعتمدة الواردة في المشروع.
وإذا كنا نعتقد أن صعوبة التملك والتغلب على الصعوبات، بسبب ارتباط بعضها بالظرفية الاقتصادية العالمية، وبعضها الآخر بالظروف المناخية التي يصعب ضبطها رغم المؤشرات الايجابية حاليا، وهو ما قد يحيل دون تحقيق الأهداف المسطرة، فإننا مع ذلك نسجل مظاهر الطموح والإرادة والآمال، اعتمادا على القدرة في التحكم في التوازنات، كما تبين من خلال الميزانيات السابقة، رغم الظرفية الاقتصادية العالمية الصعبة خاصة في أوروبا، التي تعرف ركودا مزمنا وتفاقما مستمرا، بسبب تفعيل سياسة التقشف المتبعة للحد من الدين العمومي وتفاحش عجز الميزانية.
لكن رغم ذلك فإنه يمكن تحقيق الأهداف المعلنة، إذا ما تم توفر الحكامة في التدبير والتنفيذ والتتبع، فالحكامة الجيدة شرط أساسي لربح رهانات المشروع، والرهانات المطروحة على الاقتصاد الوطني والسياسيات العمومية بوجه عام.
ورغم تفاؤلنا، فإننا نتساءل عن مدى التأثير السلبي المحتمل على تنفيذ الميزانية في حالة عدم تحقيق نسبة النمو المتوقعة، وتحصيل المداخيل الجبائية المقررة، وفي حالة استمرار ارتفاع الأسعار في السوق الدولية وتأثيرها على تفاقم عجز الميزانية، مع العلم أن الاتجاه إلى الضغط على نفقات الدولة قد لا يفيد كثيرا، لأن وضع الاستثمارات العمومية لا يصاحبه أي مؤشر للتحسن خلال 2011 عند تقييمها بالأسعار الثابتة، وذلك راجع إلى عدة عوامل منها الضآلة المالية التي يعاني منها المغرب، والالتجاء إلى القروض، وعدم كفاية المردودية الاقتصادية لبعض الأوراش الكبرى، وهو ما يجعلنا نتخوف من تفاقم عجز الميزانية.
إننا لم نقتنع، في الوقت الراهن، بالدور الذي يمكن أن يقوم به التدبير المحكم للنفقات، أو ما يسمى بسياسة التقشف، لأن مستوى الحد من النفقات المعلن عنه لا يتعدى 1.5% من الناتج الداخلي، وهذا لا يعدو أن يكون سياسة للتحكم في النفقات ومحاربة التبذير، والتي ينبغي العمل بها باستمرار لكن دون أن تؤثر على السير العادي لمرافق الدولة، وتبقى بذلك سياسة إرادية ترجع إلى الإدارة، كنفقات البنزين والكهرباء والسيارات والأسفار.
إلا أن ما يجب الانتباه إليه هو النقص الحقيقي الحاصل، وبشكل مستمر، في المعدات ووسائل العمل والتنقل على صعيد إدارات الدولة المركزية ومصالحها الخارجية، وهو ما سيكون له انعكاس سلبي، في حالة التقليص منها، على أداء الاقتصاد من جهة، وعلى قيمة الخدمات العمومية من جهة أخرى، فالإنفاق العمومي، في حالة وضعية المغرب، يعتبر من أدوات تحريك عجلة الاقتصاد و حسن الأداء في التنفيذ، حيث نلاحظ أن نسبة الحد من الإنفاق العمومي لا تتعدى 25 % بالمقارنة مع 2010، وهذه النسبة قد تصل لدى الدول المتقدمة إلى 45 % كضرورة لدعم الأداء الاقتصادي والاجتماعي، وتحريك دواليب الإدارة في خدمة المجتمع.
ومن جملة الآليات والإجراءات المبرمجة في هذا المشروع:
- هيكلة القطاع غير المنظم في اتجاه البحث عن مسالك إدماجه في المنظومة الاقتصادية، وهذا توجه ندعمه، وقد طالبنا به منذ سنوات عديدة، في إطار دعوتنا لتوسيع الوعاء الضريبي، و مساهمة الجميع في الأعباء الضريبية. غير أننا نسجل غياب الإعلان عن البرنامج التفصيلي لهذا الإجراء، والآليات التي تنوي الحكومة استعمالها، باستثناء ما يتعلق بالجانب التحفيزي المنحصر في تخفيض الضريبة على المقاولات التي لا يتعدى دخلها 3 مليون درهم إلى 15%، وضمان الأمن الجبائي بالنسبة للمقاولات التي تنخرط لأول مرة في القطاع المنظم. وهنا نتساءل عن الفئات الاجتماعية التي يمسها هذا الإجراء، والكيفية التي سيتم بها وضع البرامج لهذا القطاع، الذي يتفاعل بداخله قطاع غير منظم و خطير على الاقتصاد الوطني، والذي يعتمد نوعا من اللصوصية، من تهريب وتخزين ومضاربة من جهة، كما يتواجد به قطاع معيشي لفئات مستضعفة، والتي لا تملك القدرة الشرائية للتسوق داخل المناطق المنظمة من جهة أخرى.
كما أتى المشروع بإنشاء صندوق دعم الاستثمارات و تمويله بنسبة 50% من عائدات تخلي الدولة عن أسهمها في الشركات و المقاولات التابعة لها، وذلك بموازاة مع إحداث منطقة مالية للدار البيضاء، وهو تدبير من شأنه تجشيع الاستثمار.
ويتجلى الجانب التحفيزي في المشروع في عدة إجراءات، إلا أننا نرى أنه مهما كان الدور التحفيزي لها واضحا وقائما في المجال الاقتصادي، فإنه سيبقى بدون جدوى إذا كان عاجزا عن تفعيل العلاقة بين الاقتصادي والاجتماعي، بهدف التنمية والعدالة الاجتماعية، وتفعيل التضامن الوطني، لأن مقياس الحصيلة الإيجابية في الأخير يبقى هو الحصيلة الوطنية وانعكاس التدبير على الحياة اليومية للمواطن، وهي التي تشخص قدرة النماء الحقيقي.
5 - تدابير جبائية جزئية و المشروع بعيد عن تحقيق العدالة الجبائية
السيد الرئيس،
بخصوص الجانب الجبائي، نرى أن العدالة الضريبية يجب أن تتحقق من خلال إصلاح شمولي عميق، يعتمد على توزيع الأعباء العامة على كافة المواطنين بجميع فئاتهم وحسب قدراتهم، بالموازاة مع عدالة توزيع الثروة الوطنية حسب المساهمة في خلقها، وذلك على أساس: التساوي في المداخيل المماثلة، وتحميل الأغنياء الحصة الكبرى لكونهم يستحوذون على جزء كبير من الثروات الوطنية، والتناسب في المداخيل المختلفة، وهذا يقتضي وجوب تعميم الضرائب على جميع أنواع المداخيل بدون استثناء، وبدون إعفاء، مع العمل بمعيار تصاعد السعر، والاعتدال في الفرض، وإعفاء الحد الأدنى اللازم لعيش الفئات ذات الدخل المحدود.
وانطلاقا من هذه المبادئ، فإن مشروع قانون المالية لسنة 2011 مازال بعيدا عن تحقيق العدالة الضريبية، ومازال في نفس الطريق الذي سارت فيه القوانين المالية السابقة، التي تتميز بالبطء في الإصلاح الجبائي ومعالجة بعض الجزئيات، على حساب وضع نظام جبائي شامل وعادل. وما سجلناه أن الضرائب غير المباشرة بما فيها الجمركية ما زالت تشكل القسط الأوفر من موارد الميزانية (44%)، ولاحظنا ارتفاعا واضحا لمداخيل الضريبة على القيمة المضافة بنسبة تجاوزت 10%، وهو ما يعني استمرار تحميل المستهلكين ما تخسره الخزينة من مداخيل في إجراءات أخرى اختيارية أو مفروضة، عوض التوجه للبحث عن موارد مالية حيث توجد وعند من توجد الأموال... فالضرائب غير المباشرة يتحمل معظمها كافة الشرائح الاجتماعية دون استثناء أو تفضيل.
أما الضرائب عن الشركات، وإن عرفت مداخيلها تحسنا ملموسا خلال السنوات الأخيرة، فإنه مازال وعاؤها ضئيلا حيث أن حوالي 2% فقط من الشركات هي التي تتحمل أزيد من 80% من مجموع الوعاء الضريبي المخصص لها.
وبخصوص الضريبة عن الدخل فإن حجمها لا يتعدى 14.9% ،وقد عرفت في الآونة الأخيرة تخفيضا لا باس به استفاد منه ذوو الأجور المرتفعة، في حين عرفت الأجور المنخفضة بعض الزيادات الطفيفة نتيجة إصلاح جبائي جزئي، وهو ما يبين وجه انعدام العدل في نظامنا الضريبي.
وينضاف إلى ذلك حيف آخر يتمثل في استمرار حجم الإعفاءات التي تستفيد منها عدد من القطاعات، دون ربط بمردوديتها الاقتصادية والاجتماعية، كالفلاحة والعقار والخدمات، مما يعطي فرصة للبعض لمراكمة أرباح كبرى دون مساهمة في تحمل الأعباء العامة.
6- دعم المكتسبات في المجال الاجتماعي ومحدودية النتائج
نسجل استمرار الاهتمام بالقطاعات الاجتماعية، فمشروع الميزانية أكد حرص الحكومة والتزامها بدعم المكتسبات وتوسيعها في المجال الاجتماعي وفي كل القطاعات السوسيو اقتصادية، إلا انه مع ذلك نسجل انخفاضا نسبيا في ميزانيات التربية الوطنية والتعليم العالي، والتنمية الاجتماعية، والتشغيل والتكوين المهني، وهي قطاعات كنا ننتظر أن تعرف زيادة في مخصصاتها، بحكم أولوياتها وضروريتها للإنعاش الاقتصادي والاجتماعي.
أما ميزانية قطاع الصحة، فإنها عرفت زيادة ضئيلة لا تتعدى 1.8% رغم الأعباء الثقيلة لهذا القطاع، وهذا يجعلنا نتساءل عن قدرة هذه الميزانية على المساهمة في تحقيق أهداف الألفية للتنمية في أفق 2015، وحول الأولويات التي تحضى بها التنمية البشرية، ناهيك عن قدرتها في تحقيق التنمية والتغطية الصحية.
وبخصوص التشغيل فإن مشروع الميزانية يراهن على خلق 18 ألف منصب شغل دون بيان ما إذا كان هذا الرقم يتعلق بالصافي، و دون الأخذ بعين الاعتبار عدد الأجراء المقبلين على التقاعد، أم أن الأمر يتعلق برقم جزافي، وهنا لابد من التوضيح، ففي حالة ما إذا تعلق الأمر بعدد إجمالي فإن حصيلة مناصب الشغل الصافية لا تتعدى 6000 منصب شغل، وهو عدد غير كاف بالتأكيد للتخفيف من البطالة.
و لاحظنا أن المشروع سكت عن إشكالية التقاعد وعلاقة الميزانية بمصير حوار جاري حول إصلاح نظام التقاعد، في الوقت الذي كان من المنتظر أن تتقدم الحكومة بمشروع لإصلاح التقاعد، بموازاة مع مشروع الميزانية،ولم يتم لحد الآن الإعلان عن أسباب هذا السكوت.
ودائما في المجال الاجتماعي فإن المشروع لم يهتم سوى بشكل جزئي بمسألة السكن، خاصة الاجتماعي، وهو قطاع يمثل أحد مظاهر الإخفاق الاجتماعي عبر العقود الماضية، إلا أنه ما زال لم يأخذ طريقه نحو تحقيق النتائج المرجوة، رغم مختلف الصيغ التي وضعت للتجربة ( السكن الاقتصادي، السكن الاجتماعي، السكن المنخفض الكلفة) بالموازاة مع برنامج القضاء على مدن الصفيح الذي لم يحمل المشروع، مع الأسف، أي إجراء جديد من شأنه أن يعزز وتيرة سرعة الإنجاز والتحقيق على مستوى النتائج، خاصة وأن البلاد عرفت عدة كوارث طبيعية كالفيضانات، وانهيار عدد كبير من المساكن في المدن العتيقة بوجه خاص، وبقاء عدد كبير من الأسر دون مأوى، واستمرار العجز في السكن، وارتفاع أثمان العقار بشكل يجعل الفئات الفقيرة و حتى المتوسطة عاجزة عن امتلاك سكن خاص.
وبارتباط مع المسألة الاجتماعية، نسجل أن المشروع لم يؤكد على أي برامج أو تدابير أو تحفيز لضمان إنجاح مقاربات النوع في مختلف مستويات ميزانية الدولة، التي يمكن أن تبقي وضعية الخلل في المساواة والحيف الذي تعاني منه النساء في مختلف القطاعات، مما يتعين معه إرفاق المشروع بأدوات تكميلية وضبطية، لضمان الأهداف المسطرة للنموذج التنموي الذي التزمت به الحكومة في تصريحها أمام البرلمان.
السيد الرئيس
لابد أن نشير في الأخير إلى إشكالية تنفيذ الميزانية، فمهما كانت الأرقام إيجابية وطموحة، فإن التنفيذ ينقص من مردوديتها الفعلية. إننا نلاحظ انه بقدر ما يكون دعم الاستثمارات العمومية كبيرا بقدر ما تطرح مسالة نسبة تنفيذ المشاريع، التي لا تتعدى في غالبية القطاعات 60%، حيث يسجل كل سنة تأخر كبير خاصة في القطاعات الحساسة كالتعليم، الصحة، العدل، وحتى في مشاريع الأشغال الكبرى، ومشروع الميزانية لم يأت بأي جديد للتحكم في التنفيذ وفق قواعد الحكامة.
ولابد من التأكيد، أخيرا،على أن مشروع 2011 بقدر ما هو مشحون بالأمل والطموح، فإنه كذلك سيعتمد في تنفيذه على توفير كل الشروط الموضوعية والذاتية لدى كافة الفاعلين السياسيين والاقتصاديين، لتفهم الوضعية الصعبة التي هيأ فيه، وتفهم عدم استقرار أفق الظرفية الاقتصادية العالمية، واحتدام التوترات والصعوبات التي يمكن أن تؤثر عليه في أي لحظة، وارتباطا مع متطلبات القضية الوطنية والدفاع عن سيادة البلاد، وما يتطلب ذلك من مسؤولية وحذر من الجميع، لتعزيز الجبهة الداخلية، تضع نصب أعينها أولويات، وواجب حماية المكتسبات، والدفاع عن البلاد لضمان وحدتها و تماسكها واستقرارها.
السيد الرئيس،
إن ما قدمناه من ملاحظات لا يعني التنقيص من الجوانب الإيجابية العديدة لهذا المشروع، وهدفنا هو الحوار الإيجابي والبناء مع الحكومة، لدعم وتطوير أدائها، ليكون في مستوى الرهانات المطروحة على بلادنا، وطموحات شعبنا في العيش الكريم،وتماسك الجبهة الداخلية، الضروري أكثر من أي وقت مضى، لمواجهة الحرب المفروضة علينا من عدة جهات، ولضمان الانتصار النهائي لقضية وحدتنا الترابية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.