تعتزم الحكومة وضع إجراءات صارمة، حسب التصريحات الرسمية، للحد من النفقات داخل الإدارات والمؤسسات العمومية والوزارات، لتلافي انعكاسات الأزمة المالية العالمية، التي ألقت بثقلها على الاقتصاد المغربي، مما يعني أن ميزانية العام المقبل ستكون ميزانية تقشفية تأخذ بعين الاعتبار تقلص المداخيل والعائدات. مبادرة الحكومة جيدة ولا غبار عليها. لكن المشكلة هي أنه بدل هذا التوجه كان على حكومة عباس الفاسي أن تبدأ بوزرائها الكثيرين لإعطاء المثال عبر التضحية بجزء من تعويضاتهم أو رواتبهم لكي يكون لسياسة التقشف معنى، كما فعلت الحكومة الإسبانية، التي لجأت إلى التقليص من أجور الوزراء والموظفين بنسبة 5 في المائة. ونفس الأمر بالنسبة للبرتغال ودول أوروبية أخرى. أما أن تعتمد الحكومة سياسة تصدير الإجراءات إلى الآخرين وإعفاء نفسها، فهذا ينزع ثقة المواطن بها ويزيد من توسيع الفجوة بين الرأي العام والمسؤولين في بلادنا. ولكي تكون سياسة التقشف والحكامة الجيدة والترشيد ذات فائدة ومصداقية يجب أن تمس هذه السياسة الأجور العالية في المؤسسات العمومية الكبرى، ومحاربة التبذير وسن سياسة صارمة في التعامل مع المال العمومي، فقبل أشهر قليلة جدا صدر تقرير المجلس الأعلى للحسابات، الذي وضع اليد على مجموعة من الاختلالات والاختلاسات ومظاهر التبذير في العديد من المؤسسات التابعة للدولة، لكن الحكومة لم تحرك ساكنا وكأن التقرير وضع للاستئناس فقط أو لإعطاء درس حول «كيف تسرق أموال الدولة في خمسة أيام دون متابعة». بسياسة كهذه من غير الممكن أن ينتظر المواطن شيئا من الحكومة الحالية، لأنه لا يمكن أن تحجب الشمس بالغربال.