تبنى مندوبو حوالي 200 بلد اجتمعوا برعاية الأممالمتحدة أول أمس السبت في كانكون (المكسيك) نصا يتضمن مجموعة من الآليات لمكافحة التغير المناخي, منها إنشاء صندوق اخضر لمساعدة البلدان النامية. وهذه الخاتمة الايجابية في المنتجع البحري المكسيكي في ختام لقاء كانت أهدافه متواضعة, تتيح أولا تحفيز عملية التفاوض التي تأثرت كثيرا بخيبة الأمل الكبيرة الناجمة عن قمة كوبنهاغن قبل سنة. وقالت وزيرة الخارجية المكسيكية باتريسيا اسبينوزا التي غطى على صوتها التصفيق المتواصل للمندوبين في الجلسة العامة, إن اتفاق كانكون «يفتح عصرا جديدا للتعاون الدولي حول التغير المناخي». وقالت وزيرة البيئة الفرنسية ناتالي كوسيوسكو-موريزيه إنه بهذا الاتفاق «ننقذ نظام التفاوض التعددي حول التغير المناخي من الإفلاس». وأقر الاتفاق بعد 12 يوما من المفاوضات الكثيفة وأحيانا المتوترة, على رغم معارضة بوليفيا التي كانت البلد الوحيد الذي أعلن رفضه الاتفاق. وقال المفاوض البوليفي بابلو سولون إن «قاعدة الإقرار هي التوافق», وتحدث عن «سابقة مشينة». وردت وزيرة الخارجية المكسيكية أن «قاعدة التوافق لا تعني الإجماع, ولا تعني أن في استطاعة وفد فرض حق النقص على إرادة أنجزت بعد جهود كبيرة». ويبقي اتفاق كانكون أيضا المسألة الحساسة المتصلة بمستقبل بروتوكول كيوتو عالقة, وهو البروتوكول الوحيد الملزم قانونيا حول المناخ والموجود حتى اليوم. ويسمح النص بنزع فتيل «القنبلة» التي يشكلها الخلاف حول تمديد بروتوكول كيوتو, على الأقل مؤقتا. وسبب مآل بروتوكول كيوتو, المعاهدة الوحيدة الملزمة قانونيا حتى الآن توترا حادا في المؤتمر بعد رفض اليابان وروسيا القبول بالالتزام بها لفترة إضافية. وسيسمح مخرج ايجابي للاجتماع الذي عقد في المنتجع الساحلي المكسيكي في ختام محادثات اهدافها متواضعة, بإنقاذ عملية التفاوض التي تضررت بشدة بفشل مؤتمر كوبنهاغن قبل عام واحد. وبعد 12 يوما من المفاوضات المكثفة والمتوترة في بعض الاحيان, قدمت وزيرة الخارجية المكسيكية التي ترأس المناقشات, نص تسوية مساء الجمعة. ولقيت مبادرتها ترحيبا كبيرا وتصفيقا حارا للحضور وقوفا, في حدث نادر في هذا المؤتمر. والميزة الرئيسية للنص هي انه كرس عدة نقاط من الاتفاق السياسي الذي تم التوصل إليه في كوبنهاغن ولم تقره الدول ال194 الأعضاء في معاهدة الأممالمتحدة, وترتيبها بشكل دقيق وعملي. ويؤكد النص مجددا ضرورة الإبقاء على ارتفاع درجات حرارة الأرض عند درجتين مئويتين, داعيا «الأطراف إلى التحرك بسرعة لتحقيق هذا الهدف على الأمد الطويل». وكان هذا الخلاف يهدد بنسف نتائج المؤتمر. ووعدت الدول المتطورة في كوبنهاغن بتخصيص مئة مليار دولار كل سنة وحتى 2020 لمكافحة التغير المناخي. وسيكون للصندوق الأخضر الذي سيمر عبره الجزء الأكبر من الأموال, مجلس إدارة تمثل فيه بشكل عادل الدول المتطورة والدول النامية. ويقضي نص كانكون بان يتولى البنك الدولي إدارته في مرحلة انتقالية تستمر ثلاثة أعوام. لكن التساؤلات الكثيرة عن طريقة تمويل الصندوق تبقى بلا رد. واقترحت لجنة تابعة للأمم المتحدة إيجاد تمويلات بديلة مثل فرض رسوم على وسائل النقل والصفقات المالية, وكلها ما زالت اقتراحات. من جهة أخرى, يضع النص أسس آلية تهدف إلى الحد من انحسار الغابات الذي يسبب 15 إلى عشرين بالمائة من انبعاثات الغازات المسببة لارتفاع حرارة الأرض. ولم ترد في النص إمكانية استخدام سوق الكربون لتمويل هذه الآلية المكلفة التي نوقشت مطولا. وتحدث مندوبو غالبية الدول الواحد تلو الآخر, في جلسة عامة ليعبروا عن تأييدهم للنص الذي اعتبر أفضل تسوية ممكنة للملفات التي تجرى مناقشتها منذ اثني عشر يوما في كانكون. وقال وزير البيئة الهندي جايرام راميش للوزيرة المكسيكية «لقد أعدت ثقة الأسرة الدولية في التعددية». من جهتها, قالت المفوضة الأوروبية للمناخ كوني هيديغارد إن «الاتحاد الأوروبي جاء إلى كانكون على أمل الوصول إلى مجموعة (قرارات) متوازنة وتوصلنا إلى ذلك». وقال جريمي هوبس المدير التنفيذي لمنظمة اوكسفام الدولية إن الاتفاق «يعطي دفعة للمفاوضات», مع دعوته المنظمات غير الحكومية إلى التحرك بصورة «عاجلة» من اجل رفع مستوى طموحات خفض الغازات المسببة لارتفاع حرارة الأرض. ويتضمن نص كانكون خطوطا عريضة لمشاريع في عدد من الملفات لكنه لا يتضمن أي جديد بشأن الطموحات إلى خفض انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون الذي يرى الخبراء أنها متواضعة إلى درجة لا تسمح بتحقيق هدف الحد من الإبقاء على ارتفاع الحرارة بمقدار درجتين.