الصندوق «في صحة جيدة» وأشغال اللجنة التقنية ستستأنف قريبا أكد عبد الرفيع الجناتي أن الحديث عن إفلاس الصندوق المهني المغربي للتقاعد مجانب للحقيقة. فبعد الإصلاح العام لسنة 2003 ضمن الصندوق استمرارية نظامه، وبات يحقق النتائج الإيجابية تلو الأخرى يشهد عليها فائض الاستغلال الذي بلغ سنة 2008 ما قدره 2138 مليون درهم مسجلا بذلك ارتفاعا بنسبة 14% مقارنة مع سنة 2007 ، فيما تم تحقيق مردودية متوسطة مستقرة تقدر ب 10 % على مدى الخمس سنوات الماضية. وهو مستوى جد مرتفع مقارنة مع نسبة 5 % المطلوبة لتحقيق استمرارية النظام. وبخصوص مساهمة الصندوق كطرف في الحوار داخل اللجنة، قال عبد الرفيع الجناتي، في حوار أجرته معه بيان اليوم، إن الأشغال ستستأنف، مشيرا إلى أن الخطوة الإيجابية التي قام بها المغرب هو أنه لم يحذو حذو العديد من البلدان التي جاء التغيير فيها مفروضا من طرف المسؤولين. لقد أراد المغرب أن يكون الإصلاح نتيجة حوار تشارك فيه كل الأطراف المعنية، يؤكد المتحدث. * أين وصلت أشغال اللجنة التقنية لإصلاح أنظمة التقاعد اليوم؟ - نترقب استئناف أشغال اللجنة التقنية المشتغلة على أنظمة التقاعد. وستكون الشهور القادمة حاسمة من أجل إصلاح أنظمة التقاعد وضمان ديمومتها وتحسين جودة الخدمات. ولعل إصلاح هذه الأنظمة يعد من مواضيع الساعة بالعديد من البلدان التي تواجه صعوبات في ضمان ديمومتها بسبب الشيخوخة المتزايدة للسكان وارتفاع معدل الأمل في الحياة بالإضافة إلى إكراهات أخرى تؤثر على التوازنات المالية للصناديق. لقد انخرطت السلطات في بلادنا، بالنظر إلى المشاكل المطروحة لعدد من الصناديق، في عملية إصلاح أنظمة التقاعد ووضعتها ضمن أولويتها مركزة في هذا الصدد على استراتيجية تعتمد مراجعة شاملة وفعالة لهذه الأنظمة. * هل سيتم تمديد سن التقاعد؟ - بصفتى عضوا في اللجنة التقنية، يمكنني أن أؤكد أن الأشغال ستستأنف و لم يتم الجزم في خلاصاتها بعد. فقد قام المكتب الدولي بدراسة جميع الأنظمة. وقد قام بدراسة عدة سيناريوهات. مسألة الرفع من سن التقاعد ليست معطى وحيدا. هناك العديد من البارامترات التي سيتم تدارسها والتي يمكن أن يطالها التغيير كنسبة المساهمة ونسبة المعاشات والأجر. ولحد الآن لم نقل أننا سنرفع سن التقاعد. إن الخطوة الإيجابية التي قام بها المغرب هو أنه لم يحذو حذو العديد من البلدان التي جاء التغيير فيها مفروضا من طرف المسؤولين. لقد أراد المغرب أن يكون الإصلاح نتيجة حوار تشارك فيه النقابات وأرباب العمل وممثلو الحكومة وممثلو الصناديق، بمعنى أن أي تغيير سيكون متوافقا بشأنه. * هل يمكن القول إن التوازن المحقق لحد الآن سيجعل شبح الإفلاس يتوارى إلى غير رجعة؟ - لقد تجاوز صندوقنا شبح الإفلاس وهو اليوم يدخل مرحلة جديدة تتميز بتسيير عقلاني وبنظام حكامة يضمنان استمرارية الصندوق. فبعد الإصلاح العام، ضمن الصندوق استمرارية نظامه وهاهو يحقق النتائج الإيجابية سنة تلو الأخرى، والدليل على ذلك هو فائض الاستغلال الذي بلغ 2138 مليون درهم سنة 2008 مسجلا بذلك ارتفاعا بنسبة 14% مقارنة مع سنة 2007 . * كيف يمكن حسابيا الإقناع بمقولة الانتقال من حالة الإفلاس الوشيك إلى ديمومة النظام؟ - من جهة أولى، مكن تطور الموارد التقنية، التي قاربت ضعف المصاريف التقنية، من تحقيق فائض تقني نهاية سنة 2008 مسجلا ارتفاعا بنسبة 27.6 % مقارنة مع سنة 2007. فقد ارتفعت الموارد التقنية بنسبة 11 % حيث انتقلت قيمتها من 3496 مليون درهم إلى 3885 مليون درهم، في حين ارتفعت التكاليف التقنية بنسبة 6.5 % فقط بقيمة 2906 مليون درهم مقابل 2729 مليون درهم السنة الماضية . ومن جهة ثانية لم ترتفع المصاريف العامة إلا بنسبة 6 % سنة 2008 رغم المشاريع العديدة المنجزة في السنة ذاتها . وتجدر الإشارة هنا إلى أن ذخيرة الاحتياط تنتج عن تراكم فوائض الاستغلال للسنوات الفارطة. وتم استثمار هذه الذخيرة بشكل معقلن. من جهة ثالثة ارتفع الناتج المالي بنسبة 4.2 % ليصل إلى 1226 مليون درهم رغم الأزمة المالية العالمية. وقد حدد الناتج المالي للصندوق ب 1226 مليون درهم رغم تأثيرات الأزمة المالية العالمية، إذ بلغت مردودية الحقيبة المالية الإجمالية 9.2% وهذا يبرهن على صلابة التسيير المالي الذي مكن من تحقيق مردودية متوسطة مستقرة تقدر ب 10 % على مدى الخمس سنوات الماضية. وهو مستوى جد مرتفع مقارنة مع نسبة 5 % المطلوبة لتحقيق استمرارية النظام. إنها مؤشرات جد إيجابية رغم وضعية البورصة ورغم التخوفات التي طرحتها الأزمة. * إذا تركنا جانبا هذه الأرقام، كيف تفسرون، عمليا، المدى التصاعدي للنتائج الإيجابية والمتوجة بحصيلة ملفتة سنة 2008 ؟ - من الناحية التقنية استطاع النظام أن يحصل على عدد كبير من الانخراطات بفضل المجهودات التجارية المبذولة. وقد بلغ عدد الشركات المنخرطة في الصندوق المهني المغربي للتقاعد إلى حدود سنة 2008 ما مجموع 4116 مسجلة بذلك زيادة بنسبة 4.4 % مقارنة مع سنة 2007 . وسجلت السنة ذاتها انخراط 391 شركة جديدة لصالح 7166 مشارك. أي ما يعادل تطورا بحوالي 3.2 % في عدد الانخراطات الجديدة مقارنة مع 2007. وفي سنة 2008 ارتفع عدد مشاركي الصندوق بنسبة 4.3 حيث بلغ عددهم 464172 موزعين بين 247329 مشارك نشيط و216843 ذوي حقوق. وتجدر الإشارة إلى أن 3.8 % من المشاركين، منخرطون في نظام التقاعد التكميلي الذي سجل 9413 مشارك سنة 2008 أي بزيادة 3.5 مقارنة مع 2007. وتؤكد الحصيلة الاكتوارية لسنة 2008 مثل سابقاتها استمرارية نظام الصندوق. أي أن الصندوق له إمكانية تسديد معاشات للمتقاعدين في أفق غير محدود. ويجدر التذكير أن هذه الحصيلة تعتمد إسقاطات ديمغرافية ومالية على مدى طويل مبنية على فرضيات حذرة جدا. ويتم إعداد الحصيلة الاكتوارية من طرف اكتواريي الصندوق قبل تصديق نتائجها من طرف مكتب اكتواري مستقل ذي صيت عالمي، كما تنص عليه معايير حكامة النظام التي نعتمدها. ويشمل التصديق تدقيقا لجميع مراحل إعداد الحصيلة الاكتوارية ابتداء من طلب المعلومات إلى النتائج النهائية. * تم إعداد الحصيلة الاكتوارية لسنة 2008 حسب طريقتين للحساب. لماذا تم اعتماد هاتين الطريقتين وكيف سيتم تقييم النظام مستقبلا؟ - تماما. فالحصيلة الاكتوارية لسنة 2008 أنجزت باعتماد طريقتين مختلفتين. في الطريقة الأولى، تساوي القيمة الأولية لمخزون الاحتياط القيمة الحسابية للاحتياطات زائد نصف فائض القيمة المرتقبة. كما أن الإسقاطات تعتمد على مردود مالي بقيمة 5 %. و يستعمل الصندوق المهني المغربي للتقاعد هذه الطريقة الحسابية منذ إصلاح 2003. وتهدف الطريقة الثانية التي قدمناها هذه السنة إلى تجاوز التقلبات المالية في الحسابات الاكتوارية. وتعتمد هذه الطريقة اتخاذ القيمة الحسابية فقط كقيمة أولية لمخزون الاحتياط. لكن مع مردود مالي بقيمة 6 %. وهذه نسبة حذرة لأن متوسط المردودية الملحوظ منذ 2003 على القيمة الحسابية هو 10 %. بالنسبة للحصيلات الاكتوارية القادمة سيتم اعتماد الطريقة الثانية. يبين هذا التغيير الاهتمام الذي نوليه للتتبع المتواصل للنظام والذي يمكن من التوفيق بين الفرضيات والتغييرات المتعلقة بالظرفيات الاقتصادية والديمغرافية . وقد عرفت المقاييس الاكتوارية انخفاضا طفيفا بالنسبة لسنة 2007 ويعزى ذلك إلى إدماج تقييم النظام التكميلي بعد دمج النظامين التكميلي والعادي الذي تمت الموافقة عليه خلال الجمع العام الاستثنائي ل 2 دجنبر 2008 وكذلك إلى انخفاض مخزون فائض القيمة المرتقبة. وهكذا ارتفع مستوى الالتزامات الصافية غير المغطاة بنسبة 4.4 % لينتقل من 43.1 مليار درهم سنة 2007 إلى 47.5 مليار درهم سنة 2008. كما استقرت نسبة التمويل المسبق في 55 %. بينما انخفضت نسبة التغطية ب 0.9 % لتنتقل من 28.8 % إلى 27.9 %. بعكس ذلك فإن نسبة المشاركين النشيطين / المتقاعدين بقيت مستقرة. حيث أن قيمتها عادلت 2.46 مقابل 2.47 لسنة 2007 . * لكن تبقى هذه الأرقام ناطقة عن تضحيات مشتركة لم تتطرقوا إليها . كيف توزع حمل الإصلاح بين كل مكونات النظام ؟ - نعم كل مشارك في النظام، أو كل مكوناته قامت بمجهود معين. وأقصد بمكونات النظام الشركات والأجراء والمتقاعدين. فالشركات رفعت مساهماتها ب 30 % دون أن يقابل هذا الهامش المضاف منح نقط إضافية. والأجراء قبلوا استقرار قيمة النقطة عند التصفية إلى حدود سنة 2010. أما المتقاعدون فقد تم تجميد إعادة تقييم معاشاتهم في 0.7 % إلى غاية 2010. وبعد هذا التاريخ ستنتقل هذه النسبة إلى 1 % أو تواكب مستوى التضخم. * تخلف معايير نظام الصندوق لسنة 2008 بعض ردود الفعل، خاصة النقابية منها. وهي على أي حال تنقل هموم وانشغالات منخرطي النظام. - نظام الصندوق يعمل وفق معيارين الأجر المرجعي وقيمة النقطة عند التصفية. وهو نظام بالتنقيط. فحين نتوصل بمساهمة الأجير، نقوم سنويا بتحويلها إلى نقط معتمدين في ذلك على ثمن النقطة الواحدة الذي نسميه الأجر المرجعيsalaire de référence الذي، وبموجب مقتضيات الفصل 6 من النظام الداخلي، يتطور بنسبة 4 % إلى حدود سنة 2010، حيث انتقل سنة 2007 إلى 17.22 ثم ارتقى إلى 17.91 سنة 2008 لينتقل سنة 2009 إلى 18.63. إن احتساب عدد النقط التي يحصل عليها المنخرط يتم عبر عملية قسمة المساهمة على ثمن النقطة الواحدة 6 مضروبة في 18.63. عموما يرتفع الأجر المرجعي بنسبة تعادل ارتفاع متوسط الأجر لدى المشاركين. ويبقى لكل مشارك في المتوسط نفس عدد النقط سنة بعد أخرى. * ألا ترون أن الرفع من الأجر المرجعي يخفض عدد نقط المنخرطين؟ - هذا ليس صحيحا في المتوسط. فنحن لا نرفعه بشكل اعتباطي. فإذا كان الأجر المرجعي، سنة 2007 على سبيل المثال ، هو (س) فإن قيمته ستصبح سنة 2008 هي (س مضروبة في 1.04). أي أنه، وفي المتوسط، يحافظ الجميع على النقط نفسها، مع فارق مستوى الأجر. إن الفلسفة التي يقوم عليها الاحتساب، هي أن الأجر المتوسط للمنخرطين يرتفع بنسبة 4 % ليتحول عدد النقط إلى معاش. فالمساهمات تمنح الأجير عددا معينا من النقط. لنفرض أن هذا الأخير حصل على 3000 نقطة عند نهاية سنة 2009 (تاريخ بلوغه سن التقاعد)، فسيتم احتساب المعاش السنوي كالتالي: 3000 مضروبة في قيمة النقطة عند التصفية (التي تصل حاليا إلى 11.64 درهم). وعند اقتسام الحاصل على 12 نحصل على المعاش الشهري. وتجدر الإشارة هنا إلى أنه، طبقا للمقتضيات المنصوص عليها في الفصل 13 من النظام الداخلي، تم تجميد قيمة «النقطة عند التصفية» حدود 11.64 درهم من سنة 2003 وستظل كذلك إلى غاية يوليوز 2011، موعد تغييرها لتصبح متحركة مثل الأجر المرجعي. فالإصلاح الذي اعتمده الصندوق المهني المغربي للتقاعد، إصلاح يخدم أولا و أخيرا مصلحة الأجراء والمتقاعدين. * لكنه لا يراعي معضلة التواصل الذي يظل غائبا - الحديث عن التواصل يقودنا إلى المشاكل التي يطرحها غياب الوعي بأهمية «بيان النقط». و هو الأمر الذي أريد أن أثير الانتباه إليه. فالصندوق يرسل سنويا، للشركات بيان النقط الخاص بكل أجير على حدة. هذا البيان يحمل اسمه وتاريخ ازدياده وعدد النقط التي حصل عليها. كما يضم ثلاث معلومات ذات أهمية كبيرة جدا: أولا : يوضح للأجير الذي توقف عن العمل قيمة المعاش الذي سيحصل عليه حين يبلغ الستين من عمره. ثانيا : يبين مبلغ المعاش إذا واصل الأجير العمل والمساهمات إلى حدود 60 سنة. ثالثا : ينبه الأجير إلى الثلاثة أشهر الأخيرة المؤداة من طرف المشغل والتي نعتبرها مهمة بالنسبة لحقوق الأجراء. فعلى سبيل المثال إذا ضم بيان النقط الثلاثة أشهر الأخيرة لسنة 2008 فهذا يعني أن الشركة أدت كل ما ترتب عليها من مساهمات. وفي حال العكس فإن الشركة تقتطع المساهمات من أجر الأجير دون أن تدفعها للصندوق. مثال آخر: إذا أشار بيان النقط إلى الفصل الرابع من سنة 2005 فهذا يعني أن الأجير لم يحصل على أية نقطة خلال ثلاث سنوات. وبالتالي ندعوه إلى الاستفسار وممارسة الضغط على المؤسسة التي يعمل فيها من أجل إصلاح الوضع. إنني ألح و أؤكد على الأهمية القصوى لبيان النقط. فهو الوسيلة الوحيدة التي يعرف بها الأجير إذا كان محميا أم لا. كما أنه يحدد للأجير المعاش الذي سيتوصل به إذا توقف عن العمل قبل الأوان أو إذا واصله إلى غاية الستين من عمره. كما ينبهه إلى ضعف وعدم كفاية ما سيحصل عليه عند حلول المعاش، فيسارع في هذه الحالة إلى الرفع من معدل المساهمة أو إلى اتخاذ ما يلزم من إجراءات وسيجد الصندوق المهني المغربي للتقاعد مستعدا للتعاون معه من أجل بلوغ الحل . فإذن، يمكن اعتبار بيان النقط خارطة طريق تحدد كل المسارات. * لماذا لا يكون التعامل مباشرا مع الأجراء لتفادي كل هذه المشاكل ؟ - إن مشكلة الصندوق تكمن في كونه لا يملك عناوين الأجراء وبالتالي فهو يرسل بيان النقط إلى الشركات التي من واجبها توزيعه على أجرائها. وللتقليص من هذه المشكلة، قام الصندوق بإخبار العموم عبر نشر إعلانات في الجرائد وعبر موقعه الإلكتروني حول قيامه بعملية إرسال بيان النقط حتى يتمكن كل أجير من الحصول عليه من مصلحة الموارد البشرية لشركته. إنني ألح على أهمية بيان النقط وعلى ضرورة قراءة الزوايا المشار إليها أعلاه حتى يعرف جميع الأجراء حقوقهم ومصيرهم وحتى يتمكنوا من تصحيح الأخطاء المتعلقة بأسمائهم وتواريخ ازديادهم تجنبا للمشاكل التي قد تعترضهم عند بلوغ سن التقاعد وبداية تاريخ صرف المعاش. فإذا تبين للصندوق وجود هذه الأخطاء فإنه يطالب بوثائق تأكيد الهوية وتترتب عن ذلك مع الأسف تأخيرات في صرف التقاعد. فعلى الجميع قراءة بيان النقط وإصلاح الأخطاء التي قد ترد فيه صونا لحقوقهم. ونحن من جانبنا نقوم بدورنا كاملا.