قال الفلسطينيون أول أمس الأربعاء إن «تعنت إسرائيل» دفع واشنطن للتخلي عن جهود تجميد الاستيطان الإسرائيلي وشككوا فيما إذا كانت الولاياتالمتحدة يمكن أن تساعدهم في تحقيق الاستقلال. وقال ياسر عبد ربه أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية إن الولاياتالمتحدة تقترح العودة إلى المحادثات غير المباشرة لإخراج عملية السلام من أزمة عميقة بعد وصول محاولاتها لإحياء العملية إلى طريق مسدود. وطلب الفلسطينيون وقف الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية في الضفة الغربيةوالقدسالشرقية قبل موافقتهم على استئناف المحادثات المباشرة في مسعى لإقامة دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل. وأجرى الزعماء الإسرائيليون والفلسطينيون ثلاث جولات من المحادثات تحت رعاية الولاياتالمتحدة في سبتمبر أ. لكن الفلسطينيين انسحبوا بسبب استئناف النشاط الاستيطاني في 26 سبتمبر بعد انتهاء فترة تجميد جزئي قررتها إسرائيل لمدة عشرة أشهر. وتقول إسرائيل إن تجميد الاستيطان شرط مسبق ولم يكن موجودا في المراحل السابقة من عملية السلام المستمرة منذ 20 عاما. وهي ترى أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس استغرق وقتا طويلا قبل بدء المحادثات بعد أن أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التجميد المؤقت في نوفمبر تشرين الثاني 2009. ولم يشمل التجميد رسميا القدسالشرقية وهو ما كان من شروط عباس رغم أن البناء توقف بهدوء هناك وفي ربيع 2010. ويمثل الإعلان الأمريكي انتكاسة كبيرة للرئيس باراك أوباما الذي يعتقد أن تسوية الصراع في الشرق الأوسط «مصلحة حيوية للأمن القومي»، وقال حين بدأت المحادثات في سبتمبر ايلول انه يأمل توقيع اتفاق للسلام في غضون عام. وقال سميح شبيب أستاذ العلوم السياسية بجامعة بير زيت قرب رام الله إن فشل الولاياتالمتحدة «سيكلفها الكثير في المنطقة»، وأضاف أن «مصداقيتها باتت ضعيفة جدا بين الفلسطينيين والعرب». وقال عبد ربه في مقابلة مع إذاعة صوت فلسطين إن السياسة الأمريكية تغيرت «بسبب التعنت والرفض الإسرائيلي. وتساءل قائلا «من لا يستطيع أن يقنع أو يجعل إسرائيل تتوقف عن الاستيطان لفترة محدودة من اجل إجراء مفاوضات جادة كيف سيكون بمقدوره جعل إسرائيل تقبل بحل متوازن على أساس الشرعية الدولية.. حل الدولتين على قاعدة أو انطلاقا من حدود 67». وأضاف أن الفلسطينيين فوجئوا أيضا بأن الولاياتالمتحدة لم تندد بالسياسة الإسرائيلية. وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات إن على أوباما محاسبة إسرائيل على «فشل عملية السلام». وقال مسؤولون أمريكيون إن إسرائيل كانت مستعدة لتمديد تجميد البناء في الضفة الغربية لكنها رفضت وقف البناء في القدسالشرقية ومحيطها. وقالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إن «التراجع الأمريكي» يشير إلى فشل عملية السلام. ودعت حماس السلطة الفلسطينية إلى إعلان وقف التفاوض بشكل لا رجعة فيه. وذكر مسؤولون أمريكيون طلبوا عدم نشر أسمائهم في تصريحات أدلوا بها يوم الثلاثاء الماضي، ثلاثة أسباب للتخلي عن جهود تجميد النشاط الاستيطاني. أولها أن إسرائيل لن توقف البناء في القدسالشرقية وثانيا احتمال أن يعود الوسطاء من حيث بدأوا إذا لم يتحقق تقدم خلال تجميد مؤقت يستمر 90 يوما وثالثا القلق بشأن سخاء الحوافز التي عرضتها واشنطن على إسرائيل مقابل التجميد المؤقت. وقالت مصادر إسرائيلية إن هذه الحوافز تضمنت 20 طائرة ستيلث مقاتلة من طراز (اف- 35) قيمتها ثلاثة مليارات دولار. وقال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية مارك ريجيف إن إسرائيل ما زالت مصممة على «التزامها بمواصلة جهودها الحالية للتوصل إلى اتفاق سلام تاريخي مع الفلسطينيين». وقالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون من خلال متحدثة إن «الإسرائيليين لم يكونوا في وضع يتيح قبول تمديد التجميد». وقالت «رأينا بشأن المستوطنات واضح هي غير مشروعة بموجب القانون الدولي وعقبة أمام السلام». وقال مسؤولون في واشنطن إن الولاياتالمتحدة تبحث الآن إجراء محادثات منفصلة مع كل من الجانبين أي العودة إلى المحادثات غير المباشرة التي استمرت معظم فترات العام الماضي بطريقة الدبلوماسية المكوكية كما حدث في مساعي وساطة أمريكية سابقة. وأضاف المسؤولون أن من المتوقع أن يزور مسؤولون فلسطينيون وإسرائيليون كبار واشنطن ربما خلال الأسبوع القادم.