إذا كنت دبلوماسيا أمريكيا اعتاد التودد والتملق أو الضغط على الحكومات خلف الستار فسوف تعاني ولو لفترة على الأقل من الإهمال والتجاهل من الآخرين بسبب ما سربه موقع ويكيليكس من برقيات سرية. ويقول الدبلوماسيون الحاليون والسابقون أن سيل برقيات السفارات الأمريكية التي حصل عليها الموقع والكشف التدريجي المحرج عن محتواها في وسائل الإعلام له تأثير سلبي على الدبلوماسية الأمريكية. وقال دبلوماسي أمريكي كبير طلب عدم نشر اسمه «على الأمد القصير سنكون تقريبا خارج الخدمة ... الأمر سيء حقا. لا أبالغ في ذلك». وأضاف «بكل صدق لا احد يريد أن يتحدث إلينا». وتابع أن عملية إعادة بناء الثقة قد تستغرق ما بين عامين إلى خمسة أعوام. ومضى يقول «بعض الناس مازالوا مضطرين للتحدث إلينا خاصة في الحكومة لكنهم يسألوننا أسئلة من قبيل /هل ستكتبون عن هذا..». وقال الدبلوماسي الأمريكي «الأشخاص خارج الحكومة لا يريدون التحدث إلينا مطلقا». وتكشف 251287 برقية لسفارات امريكية كل شيء بدءا من آراء أمريكية في الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف بأنه يلعب شخصية روبين مساعد باتمان الذي يمثله رئيس الوزراء فلاديمير بوتين إلى مسؤول أمريكي يصف كوبا وفنزويلا بأنها «محور الشر». وحصل عدد من المؤسسات الإعلامية على البرقيات -وبدأت تنشر قصصا عنها بالإضافة إلى ما تضمنته من وثائق- في 28 نوفمبر تشرين الثاني. وقال مسؤول أمريكي أن مؤسسات إخبارية وويكيليكس نشرت نحو 1100 برقية على الانترنت حتى وقت متأخر من مساء الجمعة الماضي فضلا عن نحو 250 ألف برقية أخرى من شأنها في حال انتشارها أن تحرج حكومات أجنبية وواشنطن خلال الأشهر المقبلة. وانتقدت وزيرة الخارجية الأمريكية بشدة التسريبات وقالت إنها لن تضر بالتحالفات المهمة للولايات المتحدة. واعطى وكيل وزارة الخارجية وليام برنز تقييما اشد في شهادة أمام لجنة بالكونجرس الأسبوع الماضي. وقال بيرنز «الحقيقة هي أن الانتهاك الخسيس للثقة الذي نشاهده من خلال ما يكشف عنه ويكيليكس الحق ضررا كبيرا بقدرتنا على القيام بجهودنا الدبلوماسية». غير أن دبلوماسيا أمريكيا في الشرق الأوسط قال إن المسؤولين الأجانب الذين يتعامل معهم لم يتوقفوا فجأة عن الحديث وأشار إلى أن العواقب طويلة الأمد ستكون على الأرجح أكثر وضوحا على الدول الأجنبية منها على الدبلوماسية الأمريكية. وقال الدبلوماسي الأمريكي «هذه مشكلة مؤقتة وفي غضون عامين أو ثلاثة وربما أقل سنعود إلى العمل بالطريقة التي اعتدنا عليها. الزمن يداوي الجراح». وأضاف المسؤول أنه كثيرا ما تكون هناك فجوة بين ما يقوله الزعماء في الشرق الأوسط في العلن وما يقولونه خلف الأبواب المغلقة ومن خلال البرقيات ربما يرى الناس في المجتمعات المغلقة للمرة الأولى ذلك «بكل ما يحمله من تناقض صارخ». وتابع قائلا «أعتقد انه سيكون لذلك أثر أعمق وأطول على المجتمعات هنا مما سيكون على قدرتنا على أداء عملنا الدبلوماسي». وأكد وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس نفس المفهوم يوم الثلاثاء قائلا «الحقيقة هي أن الحكومات تتعامل مع الولاياتالمتحدة لان ذلك من مصلحتها لا لأنها تحبنا ولا لأنها تثق بنا ولا لأنها تؤمن أننا نستطيع أن نحفظ الأسرار. «هل هذا محرج.. نعم. هل هذا مربك .. نعم. هل لذلك عواقب على السياسة الخارجية الأمريكية.. أعتقد أنها متواضعة تماما». وردا على سؤال بشأن أي الدول التي غضبت بشكل خاص من تسريب البرقيات قال مسؤول أمريكي رفيع «السؤال الأسهل هو .. من الذي لم يغضب..»