سارة محسن مغربية تعود من إسبانيا لتنشئ مقاولة أدخلتها في عالم الأعمال داخل رواق تؤثثه خضروات وفواكه طازجة مصففة بعناية فائقة في صناديق تحمل ملصق شركة «أكروبا ماركة»، تعرض الشابة المغربية سارة محسن، التي شقت طريقها بنجاح في عالم الاستثمار، ثمار مشروعها بالسوق الدولي الأول للاستثمار النسائي. بفضل مثابرتها وتكوينها العلمي بإسبانيا (تخصص تدبير المقاولات)، واقتناعها بقدرة النساء على مجابهة التحديات مهما بلغت صعوبتها، استطاعت هذه المقاولة المغربية فرض وجودها في قطاع كان، حتى الأمس القريب، حكرا على الرجال. سارة محسن، المديرة العامة وصاحبة شركة إنتاج وتلفيف الخضراوات والفواكه، تجسد، بامتياز، نموذج المرأة المغربية الناجحة في مجال الاستثمار وفي خلق المقاولات المدرة للدخل وفرص الشغل. بدأت هذه المقاولة، وهي من مواليد مدينة الدارالبيضاء، مسارها المهني بإنتاج الخضراوات والفواكه في نواحي الدارالبيضاء (اثنين اشتوكة)، غير أن الظروف المناخية التي تتسم بها هذه المنطقة حالت دون متابعة استثمارها هناك لتنقل مشروعها إلى مدينتي أكادير والعرائش، حيث بدأت رحلتها العملية بخطى ثابتة بشراكة مع مقاولين إسبان كانوا يريدون الاستثمار بالقطاع الفلاحي بالمغرب. وتقول سارة، خلال مشاركتها في السوق الدولي الأول للاستثمار الفلاحي الذي احتضنته الدارالبيضاء من 23 إلى 26 نونبر الجاري، أن شركة «أكروبا ماركة»، التي تأسست قبل أربع سنوات، منخرطة بفعالية في تنفيذ نظام تجميع الفلاحين الصغار باعتباره دعامة أساسية لمخطط «المغرب الأخضر». ولم يكن اختيار أكادير لزراعة المشمش والدلاح والقرعة، والعرائش لإنتاج البطاطس والبصلة، اعتباطيا بل أملته أحوال الطقس الملائمة لإنتاج هذه الأنواع من الخضر والفواكه، خاصة وأن هذه المقاولة البيضاوية تحرص بشدة على ربح سبق تصدير منتجاتها إلى الأسواق الأوروبية قبل منتجات بلدان أخرى. وشكل هاجس الارتقاء بالمنتجات الفلاحية المصدرة دافعا لسارة من أجل الاستثمار، بناء على معايير دولية تقوم على اعتماد تقنيات جد متطورة على مستوى الزراعة والسقي والتسميد والمعالجة، وعلى إشراك مهندسين فلاحيين لهم باع طويل في مجال إنتاج الخضراوات والفواكه. ولا يقتصر استثمار سارة على تشغيل الرجال فقط في الضيعات الفلاحية وفي شركة تلفيف الخضروات والفواكه، وإنما وفرت فرص عمل ودخل قار للنساء أيضا، إذ يتراوح عدد العاملات بضيعات فلاحية تبلغ مساحتها 140 هكتار ما بين 800 و1000 امرأة، بالإضافة إلى تشغيل عدد كبير من النساء بمحطة التلفيف في الشركة. وشركة «أكروبا ماروك» مكلفة بعمليات الإنتاج والتبريد وتلفيف الخضراوات والفواكه، فيما يتولى شركاؤها الإسبان تسويق وتوزيع هذه المنتجات بالأسواق الإيطالية والفرنسية والهولندية والبريطانية انطلاقا من إسبانيا، غير أن سارة تبذل جهودا جبارة للترويج لمنتجاتها بالأسواق العربية، لاسيما في بلدان الخليج. ولا تمثل المقاولة سارة محسن سوى نموذجا لنساء نجحن في إثبات كفاءتهن المهنية بالمجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وشكلن فاعلا مؤثرا في المسلسل التنموي الذي انخرط فيه المغرب خلال العشرية الأخيرة.