ندد الفلسطينيون الاثنين الماضي بقرار الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو إقرار ملايين الدولارات لتهويد وتوسيع ساحة البراق بجوار المسجد الأقصى المبارك. واعتبر المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية خطيب المسجد الأقصى الشيخ محمد حسين المخطط الإسرائيلي القاضي بمواصلة الحفريات في باحة حائط البراق لإقامة منشآت جديدة، كونه يهدف إلى تغيير معالم ساحة البراق ومنطقة باب المغاربة، في سياق حملة تهويد المدينة المقدسة. وحذر المفتي في بيان صحافي من الآثار الخطيرة التي ستلحق بالمسجد الأقصى وبالوجود العربي والإسلامي في مدينة القدس جراء هذا المخطط. وأشار المفتي إلى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلية «ماضية في طمس كل أثر إسلامي وعربي في مدينة القدس والمناطق الفلسطينية المحيطة بها، في إطار سياسة مبرمجة تهدف إلى فرض الأمر الواقع على الأرض من خلال الإجراءات المباشرة وغير المباشرة التي تخدم هذا الهدف». وقال المفتي إن الاحتلال الإسرائيلي يواصل حفرياته أسفل المسجد الأقصى المبارك وبخاصة في المنطقة الغربيةوالجنوبية للمسجد الأقصى المبارك، كما يواصل حفر الأنفاق وتدمير الآثار الإسلامية والعربية، وبناء الأبنية الجديدة لتهويد محيط المسجد، ومن ثم السيطرة عليه. وأكد المفتي أن المشروع الإسرائيلي الذي يهدف إلى تهويد القدس والمسجد الأقصى المبارك أو وضع اليد عليهما هو ضرب من الخيال، لأن المسجد الأقصى المبارك بساحاته وأروقته وكل جزء فيه هو حق خالص للمسلمين وحدهم، كما أن مدينة القدس إسلامية الوجه عربية الهوية ولن يسلبها الاحتلال وجهها وهويتها مهما أوغل في الإجرام وتزييف الحقائق. وطالب المفتي بعقد اجتماع عاجل لدول منظمة المؤتمر الإسلامي لبحث سبل الدفاع عن المقدسات الإسلامية ودعم صمود المقدسيين والشعب الفلسطيني، كما طالب المجتمع الدولي بمنع سلطات الاحتلال من تنفيذ مخططاتها ضد الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته. ومن جهته ندَّد وزير الأوقاف والشؤون الدينية ورئيس لجنة القدس بالحكومة المقالة بقطاع غزة الدكتور طالب أبو شعر بمصادقة حكومة الاحتلال الإسرائيلي على رصد 85 مليون شيكل - حوالي 24 مليون دولار- لتهويد ساحة البراق الواقعة على تخوم المسجد الأقصى، وذلك في أعقاب المصادقة على «مخطط تطوير الساحة وجوارها». ولفت إلى أن حكومة الاحتلال ستنقل تلك الموازنة إلى الوزارات المعنية خلال 4 سنوات بحجة أنهم يهدفون إلى تطوير ساحة البراق وتوسعتها ورفع عدد الزائرين اليهود واستمرار الحفريات التي تقوم بها سلطة الآثار، محذراً من خطورة هذا المخطط الذي يرمي إلى طمس المقدسات الإسلامية وتهويدها. وأبدى أبو شعر استياءه وقلقه إزاء تلك المخططات المتصاعدة ضد المدينة المقدسة ومعالمها الأثرية ومقدساتها الإسلامية خاصة أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو هو الراعي والمسؤول عن تنفيذ هذا المخطط وإدارة الموازنة العامة للمشروع. ودعا أبو شعر كافة المسؤولين من العرب والمسؤولين الدوليين إلى نصرة القدس والمقدسات والمقدسيين من ظلم الاحتلال بحقهم وذلك من خلال إقامة المشاريع التطويرية في المدينة المقدسة من جانب والتصدي لانتهاكات الاحتلال وشرعنته التهويدية في القدس من جانب آخر. وكانت الحكومة الإسرائيلية أقرت الأحد الماضي خطة تهويد ساحة حائط البراق وخصصت لهذه الغاية 85 مليون شيكل في خطة مقسمة على مجموعة من المشاريع الاستيطانية لتوسيع الباحة المحيطة بحائط البراق،باتجاه الشرق والجنوب والشمال داخل البلدة القديمة وخارجها. ويذكر أن الخطة تشمل مرحلتين الأولى تم الانتهاء من معظمها، أما المرحلة الثانية فتحمل مسمى خطة تطوير ساحة الحائط الغربي والمنطقة المحيطة بها وتشمل مساحات واسعة من داخل وخارج أسوار البلدة القديمة والجهة الجنوبية من سور المسجد الأقصى المبارك - القصور الأموية وباب المغاربة والجسر وأراضي الأوقاف الإسلامية المعروفة باسم الصلودحة وأجزاء من مقبرة باب الرحمة، مع إقامة الموقف الخاص بحائط البراق مقابل البؤرة الاستيطانية المسماة مدينة داود (عير دفيد) في سلوان وربط البؤر الاستيطانية في مناطق العين وعين اللوزة وربط باب النبي داود مع باب الخليل. وقال بيان للمتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي للإعلام العربي أوفير جندلمان: يشكل هذا القرار بتنفيذ الخطة التطويرية لأعوام 2011-2015 استمراراً مباشراً للخطة الخماسية التي أقرتها الحكومة عام 2004. وأدت هذه الاستثمارات إلى ازدياد هائل في عدد الزوار السنوي الذي وصل إلى 8 ملايين زائر في عام 2009. وكانت بلدية الاحتلال في القدس قد أعلنت عزمها إقامة أول مدخل جديد للمدينة القديمة منذ أكثر من مئة سنة في إطار خطة اشمل لتغيير معالم القدس القديمة تحت عنوان (وجه القدس) حسب التصور الاستيطاني وإمكانية الوصول إلى المدينة القديمة وتعزيز الجانب الاستيطاني وربط البلدة القديمة بشبكة من الطرق والأنفاق بالقدسالغربية والحي اليهودي بسلسلة منشآت سياحية في حائط البراق وسلوان والبستان ومنها إلى رأس العامود والطور. مؤسسة الأقصى تحذر من خطورة الخطوة ومن جهتها حذرت مؤسسة الأقصى للوقف والتراث من خطورة القرار الإسرائيلي وقالت انه يتبين من حجم وعمق الحفريات الإسرائيلية التي تنفذ في مناطق أسفل المسجد الأقصى المبارك وفي محيطه الملاصق على امتداد مئات الأمتار، بداية من منطقة ساحة البراق ومن ثم بمحاذاة الجدار الغربي للمسجد الأقصى ووصولاً إلى وقف حمام العين والمنطقة أسفل باب المطهرة الواقعة داخل مساحة المسجد الأقصى المبارك من الجهة الغربية، وتدل الصور على أنّ هناك شبكة من الأنفاق والحفريات يجريها الجانب الإسرائيلي أسفل وفي المحيط الملاصق للمسجد الأقصى، وأن هناك مخططا للربط بين هذه الأنفاق، ونسبها إلى تاريخ وهمي في المواقع المذكورة، ويشمل هذا المخطط إنشاءات جديدة ستستعمل كمراكز تهويدية وتلمودية وأخرى كمراكز شرطية وعسكرية. وأوضحت المؤسسة أن الحكومة الإسرائيلية صادقت على هذه الميزانية على أن تصرف خلال أربع سنوات، بحيث يقوم مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية بمتابعة مباشرة لتنفيذ مخططات التهويد، وتصرف الميزانيات من عدد من الوزارات، ويقوم بتنفيذها ما يسمى ب صندوق تراث المبكى وهي شركة حكومية تتبع مباشرة لمكتب رئيس الحكومة، وتنشط في تهويد منطقة البراق ومحيط المسجد الأقصى. وقالت المؤسسة إنّ أحد أهداف المصادقة على هذه الميزانية هو زيادة عدد المستوطنين الذين يزورون منطقة البراق، وبالتالي فهم يسعون إلى تطويق المسجد الأقصى بمدّ استيطاني تهويدي، الأمر الذي يشكل خطراً مباشراً على المسجد. وأكدت مؤسسة الأقصى أنه بحسب معلومات جمعتها من شهود عيان، ومن الأهالي المقدسيين القاطنين بالقرب من المناطق المذكورة، فإنّ العمل في هذه الحفريات يتواصل ليل نهار، وبمشاركة مئات الحفارين والعمّال، أغلبهم من العمال الأجانب من شرق أسيا ممن لا يعرفون اللغة العبرية، وقالت إن مثل هذه الحفريات تشكل أخطاراً جسيمة على المسجد الأقصى إن من الناحية البنائية العمرانية أو من الناحية التاريخية الحضارية. وشددت مؤسسة الأقصى على أن السلطات الإسرائيلية تسرّع حفرياتها وتوسعها بشكل غير مسبوق خاصة بعد الانتهاء من المرحلة الأولى وإقرار المرحلة الثانية ورصد مبالغ كبيرة لهذا الهدف. وأوضحت أن الحديث يدور عن ورشات كبيرة من الحفريات، أولها في أقصى غرب ساحة البراق بالتوسيع وإنشاء طابقين من الأعمدة يضم بوابة ومركز شرطة وتفتيش للمتوجهين إلى باب المغاربة والبلدة القديمة، حيث تتواصل أعمال حفريات في عمق الأرض. وأكدت المؤسسة أن الحفريات الإسرائيلية جميعها كشفت عن آثار من الفترة الإسلامية الأموية والفترات الإسلامية المتأخرة، الأيوبية والمملوكية، لكن السلطات الإسرائيلية، تدعي أنه عثر على موجودات أثرية مما يسمى بفترتي الهيكل الأول والثاني. وبحسب المخطط الإسرائيلي فإن الحفريات في عمق الأرض ستستكمل باتجاه الشرق، تحت الأرض لتصل إلى حائط البراق والجدار الغربي من المسجد الأقصى ملاصقة لباب المغاربة، وهذه بالتحديد منطقة حي المغاربة والتي هدمها الجيش الإسرائيلي بعد أربعة أيام من احتلال القدسالشرقية والمسجد الأقصى المبارك عام 1967، وحوّلها منذ ذلك اليوم إلى ساحة لصلوات اليهود. وبحسب المخطط فإن ما تحت الساحة سيحفر، مما سيشكل فيما بعد فراغات أرضية كبيرة، ما يستدعي بحسب المخطط الإسرائيلي بناء إنشاءات حديثة، ومن ضمن المخطط المذكور تحويل منطقة أقصى ساحة البراق إلى مركز توراتي يتضمن مزاراً سياحيا، كما يتضمن بناء مراكز عسكرية وأمنية مجاورة ومتحفا رقميا ثلاثي الأبعاد إضافة إلى تزويد تلك المنطقة بأدلاء سياحيين إسرائيليين يسردون الرواية التوراتية الإسرائيلية. وقالت مؤسسة الأقصى: أما المنطقة الثانية التي تجري فيها الحفريات فهي الواصلة بين ساحة البراق وبين أسفل وقف الحمام، حيت تتم عمليات حفر وتفريغات ترابية في آثار من الحقبة المملوكية والعثمانية على مسافة نحو 200 متر، ستشكل فيما بعد نفقاً واصلاً بين أسفل ساحة البراق وأسفل حمام العين وما يسمى: كنيس أوهيل يستحاق -خيمة إسحاق- الذي يقع في أقصى شارع الواد في البلدة القديمة، على بعد أمتار من حائط البراق-، وهو الكنيس الذي بني على حساب وقف حمام العين وافتتح قبل سنتين، وسيتم ربط هذا النفق مع نفق الجدار الغربي للمسجد الأقصى المبارك. الحفريات الأخطر أسفل وقف حمام العين أما الحفريات الأكثر تسارعاً والأكثر خطورة والأقرب إلى المسجد الأقصى المبارك فهي الحفريات التي تنفذها السلطات الإسرائيلية وأذرعها التنفيذية من الجمعيات والمؤسسات الاستيطانية أسفل وقف حمام العين، حيث تتم عمليات حفر واسعة تبدأ من أسفل وقف حمام العين على بعد نحو 50 مترا من المسجد الأقصى وتتجه شرقا نحو المسجد وتصل إلى منطقة المتوضأ عند باب المطهرة، وهي جزء من المسجد الأقصى المبارك. وكانت مؤسسة الأقصى قد كشفت عن حقيقة هذه الحفريات قبل نحو سنتين ونصف، عبر صور التقطتها وفيلم وثائقي أنتجته حينها بعد زيارة ميدانية لموقع الحفريات، لكن منذ تلك الفترة لم تستطع الوصول إلى هذه المنطقة من الحفريات، لكنها في الأشهر الأخيرة زارت المنطقة المجاورة وجمعت معلومات من السكان المقدسيين، وراقبت ما يجري في مدخل هذه الحفريات وإخراج كميات هائلة من الأتربة عن طريق أكياس صغيرة وكبيرة، وبحسب الصور التي حصلت عليها المؤسسة مؤخرا ومن خلال شهود عيان فإنها تجري أسفل وقف حمام العين وصولاً إلى منطقة المطهرة عمليات حفرية واسعة ومتعددة، تصل إلى عمق نحو 15 متراً، وسيتم بحسب المخطط الإسرائيلي تحويل مواقع هذه الحفريات إلى قاعات كبيرة، ومزارات توراتية وتلمودية والإدعاء أنها تعود إلى الحقبة االحشمونائية اليهودية. وقالت مؤسسة الأقصى إن ما يتم نشره من صور ومعلومات يدلل على خطورة ما تقوم به إسرائيل من حفريات الكثير منها غير معلن عنه ويصعب الوصول إليه، وبالتالي فإن مجمل هذه الحفريات يشكل خطراً على بناء المسجد الأقصى المبارك وعمرانه، وقد نشر أكثر من مرة عن تشققات في أبنية المسجد وفي الأبنية والبيوت الملاصقة في المنطقة. وختمت المؤسسة بالقول إن المخطط الإسرائيلي يهدف إلى تهويد المنطقة جميعها وتحويلها إلى مزارات سياحية تهويدية، ونسب هذه الآثار زوراً وبهتانا إلى تاريخ عبري، الأمر الذي يشمل وبدون شك تدمير الكثير من الآثار الإسلامية والعربية في جميع المناطق والمواقع المذكورة، ناهيك عن زرع كل المواقع بمراكز عسكرية وأمنية وحواجز تفتيش ، تكون جميعها منطلقاً لاقتحامات للمسجد الأقصى المبارك من قبل قوات إسرائيلية وجماعات يهودية، خاصة أن مخططات شاملة لتهويد منطقة البراق ومحيطه قد أعلنت وتم تنفيذ المرحلة الأولى، والثانية قيد التنفيذ فيما لا يعلم احد عن المرحلة الثالثة التي مازالت سرية والتي تشمل إقامة جسور وأنفاق وربط للبؤر الاستيطانية في سلوان وداخل البلدة القديمة بباب الخليل ومنطقة الطور ورأس العامود في حلقة استيطانية متقدمة تعزل البلدة القديمة والمسجد الأقصى المبارك عن عمقه في الأحياء الفلسطينية جنوب البلدة العتيقة. ودعت مؤسسة الأقصى الحاضر الإسلامي والعربي والفلسطيني، على المستوى الشعبي والرسمي لتحمّل المسؤولية تجاه المسجد الأقصى المبارك والتحرك لإنقاذه من كل هذه المخططات الخطيرة. كما دعت المواطنين في القدس والداخل الفلسطيني إلى مزيد من التواصل اليومي مع مدينة القدس والمسجد الأقصى، داعية إلى تكثيف الزيارات لمدينة القدس، وبخاصة إلى البلدة القديمة، ودعت كذلك إلى تكثيف شدّ الرحال إلى المسجد الأقصى المبارك.