نظم المقهى الثقافي مازغان بمدينة الجديدة، لقاء أدبيا مع الروائي والقاص المبدع مصطفى لغتيري يوم السبت 13 نونبر الجاري. كان الحضور مع الموعد مساء بمقهى النخيل، وبعد كلمة الترحيب التي قدمتها رئيسة المقهى الأستاذة حبيبة الزوغي، ألقى الناقد الأدبي الدكتور الحبيب الدايم ربي كلمة، قال فيها إنه يسعده أن يقدم واحدا من مؤسسي المشهد الثقافي المغربي ، له حضور متميز في الحركة الثقافية سواء في المبادرات الثقافية أو بترؤسه للصالون الأدبي، وهو يكتب القصة واستطاع أن يراكم متنا محترما وشائكا ،وترجمت نصوصه إلى عدة لغات. وقدم ملخصا موجزا حول أحداث الرواية المحتفى بها ،قائلا إن ما يشغل بال الكاتب هو طرح الأسئلة الجذرية حول بعض القضايا التي تتناول الواقع والحياة ، فروايته رجال وكلاب مثلا تتناول البعد السيكولوجي لدى الشخصية المغربية و في»عائشة القديسة» تتناول البعد الاتني و الأنتربولوجي في الشخصية المغربية، أما في «ليلة افريقية» فتناول تمثلات المغربي عن الآخر/الإفريقي .إنها حكاية تتضمن حكاية أخرى وكل عناصر الدراما موجودة، ولاحظ أن هناك اشتغالا في الرواية على مستوى الحكاية واشتغال على الملمح الحكائي وأن الكاتب يتمسك بالحكاية ومنشغل بها بشكل جاد، ومع «ليلة إفريقية» بالتحديد نقرأ رواية حداثية، رواية عن غمة الواقع المغربي، مشيرا إلى اشتغال الكاتب الدقيق و اهتمامه بأدق التفاصيل وبشكل عميق،حتى أنك وأنت تقرأها لا تشعر أبدا بالملل. وقدم الأديب عزالدين الماعزي شهادة في حق مصطفى لغتيري كصديق ومبدع ورفيق درب مشترك، وبتعدد تجربته الغنية والقوية. ووصفه بكونه طائرا من نوع نادر، ساهم بفعالية في ترسيخ قيم وتطلعات جيل جديد، وأشار إلى أن روايته ليلة افريقية هي رواية تنبش في حياة الكتاب وتفاصيل حياتهم وأحلامهم، وأن البطل فيها يشعر أنه كاتب خارج التاريخ، حيث ينتهز فرصة لقائه بالفتاة الكاميرونية المهتمة بالرقص، لتبادل الرأي، ويثمر اللقاء فكرة كتابة رواية مشتركة.. وأشار أنه يمكن مناقشة الرواية من خلال أفكار الكاتب وملابسات أخرى، مشيرا أيضا إلى عدة قراءات أنجزها كتاب ونقاد حول الرواية ،بكونها تبرز أوجاعا إنسانية وتسعى إلى تكريس مفهوم الجيل والمرحلة، وتشرك القارئ في الهم والأحداث لأنها تكتب نفسها. ويشارك الأبطال في تحديد أحداثها كما أنها تحدد ثقافة الكاتب المتعددة وتشير إلى مشاكل المشهد الثقافي المغربي بعين ساخرة، وأخيرا إنها عمل روائي جميل يستحق القراءة، وان ليلة إفريقية تحتفي بنا كأبطال المرحلة عبورا من المحلية إلى العالمية، ليلة نؤسسها جميعا بحضور صاحبها في ليلة العرس.. وقدم الكاتب والقاص شكيب عبد الحميد شهادة عميقة وجميلة في حق مصطفى لغتيري، مشيرا إلى أن المحتفى يشبه الكتاب المصريين إذا ارتدى قلنسوته، ومعروف عنه ارتداء البيريه، وأنه رجل كريم وطموح إلى أبعد حد ،يكتب بإصرار الكبار، و قافلته تسير رغم نباح الكلاب، رجل كالنملة يذكرك بزفزاف وحنا منا ودرويش، يأكل الطعام ويمشي في الأسواق. وخاصية لغتيري هي نكران الذات وتقديم يد العون لكل مبدع، وأنه يسير في ركب الكبار ،وقافلته تسير وستتعب الكلاب، لم يترك الشاعر والزجال والروائي إدريس المرابط الفرصة تمر دون أن يحتفي كغيره برائد من رواد الكتابة الإبداعية المغربية، وهو يستمع إلى تحليل الرواية والشهادات المقدمة، كريح تهب وتبهج وتشرك الجميع، مشيرا إلى أننا من مجتمع واحد، وهو يسمع الرواية لاحظ وأحس كأنه هو الذي كتبها. في تعقيب الكاتب، عبر عن سعادته بتواجده بين الأحبة والأصدقاء وفي الجديدة بالضبط، لأن جل رواياته أخذت منها، مستحضرا المكان الذي كتبت فيه،هي تجربة متواضعة صعبة وانه من الكتاب المغاربة الذين يمارسون الشغب، ويفرح كثيرا للكتاب الذين يفرضون أنفسهم على المشارقة، الذين أطلقوا المقولة المشهورة «المشارقة يكتبون،و المغاربة يقرؤون»، فلاحظ أن الصورة تتغير الآن بفضل إصرار الجيل الجديد من الكتاب. وتدخل الكاتب والناقد المغربي إبراهيم الحجري بكلمة غنية حول مسار وتجربة المحتفى به، وشبهه بمؤسسة ثقافية متنقلة بديناميكيته وبوابته، وذكر أنه كاتب متعدد وأصيل. وعن علاقته بالرواية على الخصوص (عائشة القديسة)، بكونه أنجز قراءة حولها وأثارت اهتمامه. وانصب النقاش حول الأسطورة والأنتربولوجيا وعدم وثوقية الرواية، وأنها تقدم وجهة نظر، تجعل القارئ يفكر ويتساءل، ولهذا فهي تحارب الفكر المطلق وتطرح أسئلة ولا تجيب، وأن القراءة مرتبطة بالوعي بشتى تجلياته الثقافي و الاجتماعي و السياسي. وشنف المحتفى به، أسماع الحاضرين بمقطع من روايته،ثم وقع بمحبة الكبار للعديد من أصدقائه ورفاقه وللمعجبين، في جو ملؤه المحبة والشفافية والمرح والمسؤولية.