كتبت في مناسبة سابقة عن حالات التشتت الذهني التي يصاب بها معد برنامج "مستودع" في معالجته لموضع التحكيم، أو أي لقاء حواري آخر. أسأل نفسي بأية لغة يتحدثون، ومن يكون يا ترى، الطرف المستهدف والمتلقي وهو يتابع حلقة أو حلقات هذا المستودع. بالرغم من عمليات التجميل والديكور والعرنسية، فإن هذا "المستودع" لم يضف للدلالة شيئا بقدر ما أنهك أذن العديد من المتتبعين له، والذي يتفنن في الضجيج ومحاولة الإفتاء في غير محله وزمانه ومن غير المؤهلين لذلك. الحقيقة المرة التي وقف عليها أكثر من متتبع وهي أن يتحول العديد من الحكام والمدربين الذين لم يتفوقوا في مهنتهم، إلى محللين تقنيين وخبراء (وهي حالة ليست خاصة بقناة الرياضية ومستودعها، بل أصبحت تقليدا سارت عليه كل القنوات المغربية)، مع العلم أن هذه الفئة من الذين أصبحوا محللين وخبراء، رفضهم سوق الكرة في ذات المهمة التي كانوا يقومون بها سواء كمدربين أو حكام. وهنا لابد من الإشارة الى الشطحات "والدخول والخروج في الكلام" لمدرب متخلى عنه حديثا، تحول بقدرة قادر إلى محلل، فهو يجد صعوبة كبيرة في تكوين جملة من فعل وفاعل ومفعول به، وكأنه يقوم بملء الكلمات المسهمة، نفس الشيء بالنسبة ل "محلل" سدت أمامه أبواب الوساطة في تكوين المدربين، ليفتح أمامه باب التلفزيون، لا يتعب أبدا من كثرة الصياح، يكرر نفس الكلام بين الشوطين وفي كل المباريات. أما حالة الحكم السابق معزوز، فهي حالة تستحق العطف، نظرا لأسلوب المداراة بين حكم وآخر، فهو يقدم شروحا وملاحظات حسب رأس الزبون، ولا يمكن بالتالي أن يكون محايدا أبدا.++ هذه الملاحظات أقدمها بعد إصرار من طرف زملاء لي، بضرورة متابعة مقابلة آسفي مسجلة لمرات عديدة، ثم ما يسمى بالتحليل التقني للمدرب الخبير والمحلل وللحكم المحلل والأخطاء القاتلة التي وقع فيها الحكم الرويسي وهي كثيرة ليس فقط في هذا الموسم، ولكن لمواسم عديدة، ومن يجد الحماية يتمادى طبيعيا في غيه. شخصيا أخجل من تلك التحاليل غير الموضوعية، التي لا تمت للحياد والموضوعية بصلة، ويظهر ذلك جليا من خلال قراءة بسيطة لإيماءات وحركات الوجه والرأس والتمتمة، وإرسال كلام غير مفهوم جملة وتفصيلا. فالقناة، قناة مغربية تنتمي للقطب العمومي، وهى ليست في ملكية لا الرجاء ولا الوداد، وليست خاصة بضيوف معينين دون سواهم، لأنه بالنظر الى خريطة البرامج على امتداد السنة، تجد أسماء دون سواها لفرق معينة هي الحاضرة دوما، وهناك من يتولى عملية الدفاع عن هذا وذاك بطرق ملتوية. الرجاء أو الوداد أو... أو...، لهم من يدافع عنهم وليسوا بحاجة لمن يتولى هذه المهمة من غير توكيل، فقط هي محاولة للتقرب وهذا ليس عيبا، ليصبح من يقوم بهذه الأعمال مناصرا لهذا الفريق أو ذاك. لنعد لحالة الرجاء وأولمبيك آسفي، وجدت صاحب المستودع والمحلل، يبحثان عن الأعذار المخففة للحكم الرويسي، وهما معا يعرفان كيف تم المونتاج والتوضيب، واختيار المساحات التي يمكن من خلالها إدانة الحكم وإغفال ما يدينه، بل يملكون جميع الأدوات لجعل فريق آسفي، ذلك الفريق المهلهل والضعيف، لكن المتفرج بما يملك من أدوات وحس فني ومستوى دراسي، يفطن لمثل هذه الألاعيب، وحتى اختيار الضيوف ليس بالعمل البريء ولنا تجارب في هذا الميدان، تتجاوز الثلاثة عقود من العمل على أعلى مستوى عربيا وإفريقيا ودوليا، ونعلم علم اليقين كيف تحاك الأدوار وتوضب ويتم تطبيقها على أرض الملعب، يساهم الإعلام بدوره بنفس الشكل الذي تمطرنا به برامج من صنف المستودع والناقص والزائد والمضاف إليه. كفى من أسلوب الضحك على المشاهدين المغاربة، فهم ليسوا أغبياء كما يعتقد أصحاب هذه البرامج. أختم حديثي للمرة الألف بالقول: أن مدربين، وحكام لم يفرضوا دواتهم بمهن عملوا بها طويلا، أصبحوا بقدرة قادر محللين وخبراء.