ابتداء من فاتح أكتوبر المقبل، ستغلق كافة مستودعات الأدوية الليلية، والتي يقدر عددها بحوالي ثلاثين مستودعا ليليا موزعا على مختلف المدن المغربية. وتبعا لذلك، سيصبح للمواطنين ملاذ واحد للحصول على الأدوية ليلا هو الصيدليات، التي ستعمل بنظام المداولة الليلية بديلا عن المستودعات. قرار إغلاق المستودعات الليلية للأدوية، الذي نص عليه الفصل 132 من مدونة الأدوية والصيدلة، والذي نشر في الجريدة الرسمية في السابع من ديسمبر الماضي، أمهل أصحاب المستودعات مهلة 24 شهرا من أجل تنفيذ قرار الإغلاق، وهي المهلة التي ستنتهي بحلول أكتوبر المقبل. وفي هذا السياق، دعا الغوتي لغظف، باحث في السياسات الصحية ورئيس هيئة صيادلة الشمال، الحكومة إلى الإسراع بتنفيذ إغلاق هذه المستودعات، التي تشكل من وجهة نظره، خطرا على الصحة العامة لعمل أصحابها خارج نطاق القانون. وقد أثار هذا القرار الذي حثت عليه مدونة الأدوية والصيدلة الجديدة جدلا واسعا بين المهنيين، الذين توزعت مواقفهم بين مؤيد لقرار الإغلاق، بحكم أن المستودعات الليلية منافس غير مشروع للصيدليات، وبين معارض له على اعتبار أن مداخيل المستودعات تعد موردا أساسيا لميزانية النقابة. إلى ذلك، قال الغوتي لغظف إن قرار إغلاق المستودعات الليلية للأدوية انطلق منذ سنة 1999، حيث اقترحت مجموعة من النقابات نظام المداولة الليلية للصيدليات كبديل عن المستودعات الليلية التي يعمل معظمها بطريقة غير قانونية. وبالفعل، يؤكد لغظف، تم إغلاق العديد من المستودعات، فيما بقيت مستودعات أخرى رفض أصحابها الانصياع. وأَضاف لغظف أن المستودعات الليلية لعبت دورا مهما عند تأسيسها بمقتضى ظهير 1960، حيث كانت مزودا أساسيا للمواطنين بالأدوية في الليل، مشيرا إلى أن عدد الصيدليات في تلك الفترة لم يكن يتعدى 29 صيدلية، يملكها صيادلة مغاربة بمجموع التراب الوطني، إلى جانب صيدليات أخرى يديرها أجانب. واعتبر لغظف أن المشرع خلق استثناء بسماحه لبعض الصيادلة بإنشاء المستودعات الليلية للأدوية، في تلك الفترة التي كان فيها عدد الصيدليات قليلا. وأردف قائلا إن الأمور الآن تغيرت، إذ أصبح عدد الصيدليات الموجودة يتعدى 10 آلاف صيدلية في المغرب، وبالتالي لم يعد هناك مبرر لوجود المستودعات الليلية التي تعتبر منافسا غير مشروع للصيدليات. وفي سياق ذي صلة، كشفت بعض المصادر أن حوالي 70 في المائة من هذه المستودعات تعمل بطريقة غير قانونية، وأنها أصبحت مصدرا للنزاعات بين الصيادلة. وأضافت المصادر، التي فضلت عدم الكشف عن هويتها، أن أغلبية المستودعات الليلية غير مرخص لها، حيث يتم فتحها إما بأمر من الوالي أو العامل أو الباشا لفائدة صيدلي معين. وبمقتضى ظهير 1960، فإن المستودعات الليلية للأدوية ترخص لها الأمانة العامة للحكومة، التي تبقى الجهة الوحيدة التي تمنح التراخيص لاشتغال هذه المستودعات. وحسب الغوتي لغظف، فإن غالبية المستودعات الحالية تعمل بدون ترخيص الأمانة العامة للحكومة، وبالتالي فإنها تسير بطريقة غير قانونية. وكشفت بعض المصادر أن غالبية مسيري المستودعات لا يحترمون الشروط المسطرة في قرار الترخيص الممنوح من قبل الأمانة العامة، حيث ينص القرار على مجموعة من البنود، ضمنها اقتصار المستودعات على صرف الأدوية المستعجلة. وأشارت المصادر ذاتها إلى أن بعض المستودعات تعمل، خلافا لقرار الترخيص، على صرف أدوية عادية لا تندرج ضمن لائحة الأدوية التي تحددها الأمانة العامة للحكومة للمستودعات. ولم تخف بعض المصادر أن بعض المستودعات الليلية تصرف أدوية ممنوعة بدون وصفة طبية، وهو ما يعرف لدى العامة ب«الأقراص المهلوسة». وأضافت المصادر أن غياب المسؤولية الصيدلانية يفتح الباب أمام تناسل مخالفات المستودعات الليلية للأدوية. وفي الوقت الذي رحب فيه مجموعة من المهنيين بقرار إغلاق المستودعات، التي تقدر مداخيلها بحوالي مليار سنتيم في الشهر، أي ما يمثل عشرة أضعاف مداخيل الصيدليات العادية، انتقدت مجموعة من النقابات القرار، واعتبرت أنه مضر بمداخيل النقابات ويهدد بانهيارها. واقترحت النقابات الرفع من رسوم الانخراط من 240 درهما إلى 1000 درهم بدل الإغلاق. وأشارت مصادر «المساء» إلى أن إغلاق المستودعات الليلية ظل يشكل نقطة أساسية في الحملات الانتخابية للنقابات، حيث يؤكد مختلف المرشحين على العمل على إغلاقها، ومباشرة بعد الفوز يصرفون النظر عن الأمر ويلتفتون إلى المداخيل.