صادق مجلس المستشارين أول أمس الأربعاء على عدة مشاريع قوانين، أبرزها مشروع قانون صندوق التكافل العائلي ومشروع قانون حماية المستهلك، وهما من المشاريع التي أثارت جدلا داخل البرلمان وخارجه، سيما مشروع حماية المستهلك الذي ظل مجمدا داخل البرلمان لما يزيد عن عشرة سنوات. مؤسسة الحسن الثاني للنهوض بالأعمال الاجتماعية لفائدة العاملين بالقطاع العمومي للصحة صادق مجلس المستشارين أول أمس الأربعاء على مشروع قانون رقم 10 19, يقضي بإحداث وتنظيم مؤسسة الحسن الثاني للنهوض بالأعمال الاجتماعية لفائدة العاملين بالقطاع العمومي للصحة. ويتمثل الهدف العام لهذه المؤسسة في تقديم خدمات اجتماعية وترفيهية ورياضية لفائدة العاملين بمصالح وزارة الصحة والمؤسسات العمومية الموضوعة تحت وصايتها ولفائدة أزواجهم وأبنائهم. وتتجلى الأهداف الخاصة للمؤسسة في تسهيل الحصول على السكن من طرف المنخرطين بأسعار مناسبة عبر تشجيعهم على تأسيس تعاونيات للسكن أو شركات مدنية عقارية, وإبرام اتفاقيات مع الهيئات العامة أو الخاصة المتخصصة في منح القروض السكنية وفي التجهيز والبناء. كما تروم المؤسسة تمكين المنخرطين وأزواجهم وأبنائهم من الاستفادة من نظام التغطية الصحية التكميلية وإحداث مرافق اجتماعية وترفيهية وثقافية ورياضية, إضافة إلى التدخل لدى الهيئات العامة والخاصة المتخصصة لأجل استفادة المنخرطين وأسرهم من القروض الاستهلاكية والنقل وخدمات أخرى بشروط تفضيلية. ويستفيد من خدمات المؤسسة بصفة إلزامية موظفو وأعوان وزارة الصحة ومستخدمو المؤسسات العمومية الموضوعة تحت وصايتها ومتقاعدو القطاع الصحي العمومي وأزواجهم وأبناؤهم وكذا ذوو حقوق الموظفين والمستخدمين والأعوان المتوفين الذين كانوا يعملون بالقطاع, فيما يستفيد بصفة اختيارية موظفو وزارة الصحة الموجودون في وضعية إلحاق طيلة مدة إلحاقهم. قانون حماية أنواع النباتات والحيوانات المتوحشة ومراقبة الاتجار فيها كما صادق مجلس المستشارين, بالإجماع, على مشروع قانون رقم 29.05 يتعلق بحماية أنواع النباتات والحيوانات المتوحشة ومراقبة الاتجار فيها. ويهدف مشروع القانون إلى توفير إطار قانوني خاص بحماية أنواع النباتات والحيوانات المتوحشة, والحد من الاستغلال المفرط والغير العقلاني لأنواع النباتات والحيوانات المتوحشة, والمساهمة في تقنين الاتجار الدولي في أصناف النباتات والحيوانات المتوحشة. كما يروم مشروع القانون الانضمام إلى الجهود الدولية في مجال المحافظة على أنواع النباتات والحيوانات المتوحشة المهددة بالانقراض, والاستجابة لمبادئ الاتفاقيات والمعاهدات الدولية الخاصة بحماية البيئة وعلى الخصوص اتفاقية التجارة الدولية في أنواع الحيوانات والنباتات الوحشية المهددة بالانقراض (سايتس). ويحدد هذا القانون الفئات التي صنفت فيها أنواع النباتات والحيوانات المتوحشة المهددة بالانقراض حسب درحة الخطورة التي يشكلها الاتجار على بقائها مع الأخذ بعين الاعتبار مقتضيات اتفاقية (سايتس), إضافة إلى شروط استيراد وعبور وتصدير عينات من هذه الأنواع وكذلك الوثائق التي يجب أن ترافقها. كما يحدد المشروع شروط تربية وحيازة ونقل عينات من أنواع النباتات والحيوانات المتوحشة المهددة بالانقراض, والإجراءات المطبقة بأخذ عينات من هذه الأنواع من وسطها الطبيعي وتوالدها أو إكثارها, بالإضافة إلى شروط إدخال عينات من أنواع النباتات والحيوانات المتوحشة أو إعادة توطينها في الوسط الطبيعي. وتتمثل الاعتبارات الأساسية لمشروع القانون في الدراسة التي قامت بها سكرتارية اتفاقية (سايتس) سنة 1997 بشأن القوانين المغربية والتي أثبتت أنها لا تمكن من تطبيق ناجع لمقتضيات هذه الاتفاقية; خاصة في ما يتعلق بالأنواع المحمية وبالمعاملات التجارية وتنظيمها وبالمساطر القانونية. كما أنجزت المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر دراسة خلصت إلى أن القوانين المغربية غير كافية لتنفيذ الاتفاقية. قانون حماية المستهلك وصادق مجلس المستشارين, أيضا في على مشروع قانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك, كما وافق عليه مجلس النواب. ويهدف هذا المشروع الذي تمت المصادقة عليه بالإجماع, إلى وضع الأسس القانونية التي تتيح للمستهلك الاستفادة من حقوقه والاعتراف بدوره كفاعل اقتصادي, من خلال وضع آليات تروم إعلامه بطريقة جيدة وحمايته من بعض الممارسات التجارية التعسفية. ويعتبر هذا المشروع المستهلك فاعلا أساسيا لا يمكن تجاهله, نظرا لدوره الأساسي في تنشيط المنافسة النزيهة بين المقاولات ومراقبة المواد والمنتجات والخدمات المطروحة بالسوق الداخلي. وقال وزير التجارة والصناعة والتكنلوجيات الحديثة, أحمد رضى الشامي, في عرض قدمه في هذا الإطار, إن هذا القانون سيمكن من إعادة التوازن بين المستهلك والمورد في علاقتهم التعاقدية, ووضع القواعد العامة لحماية المستهلك من أجل صون حقوقه وتأمين شفافية المعاملات الاقتصادية التي تربطه بالمورد, إلى جانب إشراك الحركة الجمعوية في حماية حقوق المستهلك. وأضاف أن هذا القانون يعد ثمرة عمل كل المتدخلين, من قطاعات وزارية وجمعيات حماية المستهلك, ومنظمات نقابية وجمعيات مهنية, وغرف التجارة والصناعة والخدمات, وفعاليات برلمانية وجامعية, ساهمت جميعها في إغنائه باقتراحاتها وملاحظاتها. من جانبها, أجمعت مداخلات المستشارين على تثمين مقتضيات القانون, باعتباره يأتي ليؤمن شفافية المعاملات الاقتصادية التي يعد المستهلك أحد أهم حلقاتها, قصد الحيلولة دون استغلاله باعتباره طرفا ضعيفا في العلاقة التعاقدية, خصوصا فيما يتعلق بالشروط التعسفية الواردة في العقود والخدمات الاستهلاكية. من جهة أخرى, دعا المستشارون إلى ضرورة التركيز على التوجيهات العامة لسياسة الحماية, التي تجمع بين الحماية الطبيعية وحماية المصالح الاقتصادية, مشيرين إلى أن ذلك يقتضي الاعتماد على بعض القواعد القانونية التي تلزم السلطات العمومية بالتدخل لمنع كل ما من شأنه أن يؤدي إلى الإضرار بالمستهلك. صندوق التكافل العائلي كما صادق مجلس المستشارين على مشروع قانون رقم 41.10 المتعلق بتحديد شروط ومساطر الاستفادة من صندوق التكافل العائلي, كما وافق عليه مجلس النواب. ويروم هذا المشروع, الذي تمت المصادقة عليه بالإجماع, على الخصوص, تحديد الفئات المستفيدة من صندوق التكافل العائلي المحدث بموجب المادة 16 المكررة من قانون المالية لسنة 2010, وكذا الشروط والمساطر الواجب استيفاؤها للاستفادة من هذا الصندوق, مع تعزيز الرقابة القضائية حول الاستفادة من خدماته. وقال وزير العدل, محمد الناصري, خلال عرض قدمه في هذا الإطار, إن هذا القانون كفيل بمنح فعالية خاصة لتدبير عمليات الصندوق وإسناد هذه العملية لهيئة خاضعة للقانون العام, بموجب اتفاقية تبرم بين الدولة وهذه الهيئة, كما يروم تسهيل صرف المخصصات المالية للمستفيدين عبر تمكينهم من اختيار أي وكالة تابعة للهيئة المختصة وبأي وسيلة للتوصل بمستحقاتهم. وأوضح الناصري, أن القانون يتوخى من جهة أخرى, تعزيز الرقابة القضائية, وذلك بمنح اختصاصات هامة لرئيس المحكمة الابتدائية المصدرة للمقرر المحدد للنفقة أو المحكمة المكلفة بالتنفيذ, سواء في ما يتعلق بالبث في طلبات الاستفادة من خدمات الصندوق أو الأحقية بالاستمرار في الاستفادة منه. من جهة أخرى, أكدت تدخلات المستشارين أن خروج القانون إلى حيز الوجود يعد مكسبا يجسد إحدى القيم النبيلة للمجتمع المغربي القائمة على التضامن والتكامل بين جميع شرائح المجتمع, لكونه سيعنى بأسمى مؤسسة داخل المجتمع, والمتمثلة في الأسرة. وأوضحوا أنه يأتي بعد تجربة مهمة اكتسبت خلالها المرأة المغربية المزيد من الحقوق, معتبرين أن إحداث صندوق للتكافل العائلي يعد إحدى الآليات الأساسية لتنفيذ الأهداف الكبرى لمدونة الأسرة, لاسيما النهوض بأوضاع النساء المطلقات. في المقابل, أكد عدد من المستشارين على ضرورة تنمية موارد هذا الصندوق بمداخيل أخرى مع ضبط آليات تسييره بشكل دقيق, خاصة ما يتعلق منها بالمراقبة, كما طالبوا بالرفع من قيمة المخصصات المالية في المستقبل حتى لا تظل التعويضات المقدمة ذات طابع هزيل لا يتحقق معها المغزى من التكافل.