رغم مرور أكثر من نصف قرن عن الاستقلال ما زال المغرب لا يتوفر على قانون شامل لحماية المستهلك من جشع الشركات الساعية للربح خارج القانون ومن الأخطار التي تحدق بالمواطن في السوق، فلحد الآن ما زال هناك مقترح قانون تقدم به الفريق الاشتراكي في مجلس النواب مجمدا لدى الأمانة العامة للحكومة، كما جمد مشروع سابق لوزارة التجارة والصناعة لدى وزارة عبد الصادق ربيع دون معرفة خلفيات هذا التجميد. وفي هذا الإطار، قال محمد بنقدور، رئيس كونفدرالية حماية المستهلك، إن مسألة إحداث وكالة مستقلة للمراقبة، هي التي عرقلت تفعيل قانون حماية المستهلك الذي قدمته وزارة الصناعة والتجارة. وأضاف بنقدور، في تصريح ل«المساء»، أن هناك 12 مصلحة للمراقبة في المغرب تديرها 12 مديرية من وزارات مختلفة. وأشار المتحدث ذاته إلى أن إنشاء وكالة مستقلة للمراقبة يعني سحب البساط من هذه المديريات، وبالتالي فقد ظل مدراؤها يعرقلون خروج القانون، بالإضافة إلى لوبيات أخرى ضغطت بكل ثقلها لمنع صدور القانون، وضمنها الشركات الكبرى. يتوخى قانون حماية المستهلك، توضيح الحقوق الأساسية للمستهلك، كالحق في حمايته من الأخطار المهددة للسلامة، والحق في إخباره بمختلف البيانات المتعلقة بالمنتوجات والسلع والخدمات، والحق في التعويض عن الأضرار. وبمقتضى القانون الجديد، فإن الباعة ومقدمي الخدمات ملزمون بإخبار المستهلك بكل البيانات والمعلومات المتعلقة بالسلع، فضلا عن تنظيم الإشهار التجاري، وتنظيم التعاقد بين البائع والمستهلك من أجل حماية هذا الأخير من كل الشروط التعسفية في العقود المبرمة، ومعاقبة الممارسات التجارية غير المشروعة، مثل البيع أو الخدمة بمكافأة، أو الامتناع عن البيع أو تعليقه على شرط، أو استغلال الضعف أو الجهل... القانون الجديد ينص كذلك على ضمان استجابة السلع والخدمات لمواصفات السلامة والصحة، ومعاقبة الذين يعرضون سلعا وخدمات غير مطابقة للمواصفات المحددة، فضلا عن تنظيم وتقنين قروض الاستهلاك، وإحداث جمعيات للمستهلكين للدفاع عن حقوق المستهلك، وإعطاء هذه الجمعيات حق التقاضي باسم المستهلكين. قدم فريق الاتحاد الاشتراكي بمجلس النواب مقترح قانون لحماية المستهلك، وهو القانون الذي تراهن جمعيات حماية المستهلك على خروجه إلى حيز التطبيق لتفعيل بنود قانونية لحماية المستهلكين من مخاطر السوق، وضبط المعاملات الدائرة في فلك الاستهلاك، خاصة بعد تعثر قانون سابق قدمته وزارة الصناعة والتجارة وظل محتجزا داخل رفوف الأمانة العامة للحكومة. وبرأي عدد من المتتبعين، فإن قانون المستهلك «المحتجز»، يمثل ثورة حقيقية، حيث ضم بنودا مهمة من شأنها ضبط قطاع الاستهلاك وحماية المستهلكين. وأمام تعثر خروج قانون المستهلك قدم الفريق الاشتراكي بمجلس النواب مقترح قانون جديد. وحسب بعض المصادر، فإن قانون حماية المستهلك الجديد هو نسخة «طبق الأصل من سابقه»، باستثناء بعض التعديلات البسيطة. وأضافت المصادر ذاتها أن القانون الجديد حاول تجاوز مجموعة من البنود التي أدت إلى عرقلة خروج سابقه إلى حيز الوجود، وخاصة البند المتعلق بإحداث وكالة مستقلة للمراقبة. إلى ذلك، لم تخف بعض المصادر أن المغرب بادر إلى تقديم مشروع حماية المستهلك بضغط من عدة دول أوربية تربطها شراكات مع المغرب. واستنادا إلى ذات المصادر، فإن العديد من الدول تشترط على المغرب إعمال قانون لحماية المستهلكين من أجل التوقيع على اتفاقيات تجارية. ربيع.. مفتش القوانين جمد عبد الصادق ربيع مشروع قانون حماية المستهلك، كما توجد في وزارته عدد من مشاريع القوانين التي لم تر النور رغم مرور بعضها من المجلس الحكومي، عبد الصادق ربيع يعيب على الوزارات ضعف تكوينها القانوني وكونها تمده بمشاريع أقرب إلى خطب وبرامج منها إلى صياغات قانونية، والوزراء يعتقدون أن الأمانة العامة للحكومة تمارس الرقابة على أعمال الحكومة ونصوصها وأنها تختبئ وراء دواعي تقنية لإخفاء الرقابة السياسية. عبد الصادق أقدم وزير في حكومة عباس مريض وقد لوحظ تغيبه عن الوزارة لمدة طويلة، يبدو أن الدولة لم تجد بعد خلفا له في هذا المنصب الحساس.