كثفت الدول الأغنى في العالم والاقتصادات الناشئة حربها الكلامية الخميس قبل ساعات من انطلاق قمة مجموعة العشرين التي تسعى للتوصل إلى حل للخلل الاقتصادي الكبير الذي يهدد التجارة العالمية. وأثار اقتراح أميركي لإعادة التوازن التجاري بين مختلف الدول التي تسجل عجزا وتلك التي لديها فائض تجاري، انتقاد الصين وألمانيا ابرز دولتين مصدرتين في العالم. إلا أن الرئيس الصيني هو جينتاو تعهد الخميس بزيادة الحوار والتعاون مع الولاياتالمتحدة. وقال هو بعد محادثات مع نظيره الأميركي باراك أوباما في سيول إن «الجانب الصيني مستعد للعمل مع الجانب الأميركي لزيادة الحوار والتبادل والتعاون لكي يمكننا المضي قدما بالعلاقات الصينية الأميركية في طريق ايجابي شامل يسوده التعاون». وقال أوباما انه على الصين والولاياتالمتحدة بصفتهما قوتين اقتصاديتين ونوويتين بارزتين، العمل معا لمنع انتشار الأسلحة وضمان نمو قوي ومتوازن. وأشار إلى أنه من الواضح أن العلاقات الصينية-الأميركية أصبحت أقوى في السنوات الماضية لان الجانبين يبحثان الآن في قضايا عالمية وثنائية أيضا. وكان أوباما تعهد خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الكوري الجنوبي لي ميونغ-باك في وقت سابق ب»تشجيع نمو حذر ومستقر». وقال «من الصعب القيام بذلك إذا بدأنا نشهد عودة الخلل الكبير في التوازن الذي ساهم في الأزمة». من جهته، أقر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الخميس لشبكة «بي.بي.سي» أن دول مجموعة العشرين لا يزال أمامها «الكثير من العمل» للتوصل إلى اتفاق حول الخلل في توازن الاقتصاد العالمي. إلا انه شدد على أهمية إزالة ما سماه «جدار المال في الشرق وجدار الدين في الغرب» بالإضافة إلى «وضع حد للحمائية». وأجرى كاميرون لقاءات ثنائية مع الرئيس الكوري الجنوبي لي ميونغ باك والروسي ديمتردي مدفيديف الخميس بالإضافة إلى مشاركته في مراسم تكريم في ذكرى الحرب الكورية. وتجتمع دول مجموعة العشرين التي تمثل معا 90% من الاقتصاد العالمي, للمرة الخامسة منذ ديسمبر 2008 بهدف إبعاد مخاطر الحمائية وتجنب حصول انكماش جديد بعد الأزمة المالية التي وقعت في العام 2008 وخفض الخلل في التوازن الاقتصادي. ولهذه الغاية تريد الولاياتالمتحدة من ابرز الدول المصدرة، أن تتعهد بالحد من فائض حساباتها الجارية (الفائض التجاري وعائدات أخرى). وتطالب أيضا بإعادة تقييم أسرع للعملة الصينية التي يساهم سعرها المنخفض في العجز التجاري الأميركي الكبير. لكن الصين وألمانيا رفضتا أي التزام محدد بالأرقام. وترغب الولاياتالمتحدة في أن تحدد فائض الحسابات الجارية بنسبة 4% من إجمالي الناتج الداخلي لكنها عدلت في نهاية الأمر عن هذا الهدف المحدد بالأرقام. وتنتقد الصين والدول الأوروبية في مقدمها ألمانيا، بشدة سياسة الإنعاش الاقتصادي الأميركية التي تضعف الدولار ويتوقع أن تزيد تدفق رؤوس الأموال المضاربة نحو الدول الناشئة. فقد أعلن الاحتياطي الفدرالي الأميركي لتوه عن ضخ 600 مليار من السيولة الإضافية في الاقتصاد عبر شراء سندات خزينة، في قرار من شأنه إضعاف الدولار وبالتالي تشجيع الصادرات الأميركية. وأعلنت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في كلمة لها أن «وضع حدود سياسية للفائض او العجز التجاري ليس مبررا اقتصاديا ولا مناسبا سياسيا». كما دعت ميركل القادة المشاركين إلى اتخاذ موقف حازم من الحمائية التجارية التي تخشى دول أخرى مثل الهند من أنها ستكون نتيجة الخلافات في مجموعة العشرين. وقالت ميركل «علينا أن نبذل كل الجهود للحؤول دون الحمائية. لذلك علينا أن نوجه رسالة من القمة بأننا توصلنا أخيرا إلى الجولة الأخيرة من مفاوضات الدوحة (حول تحرير التجارة الدولية)». وقال مسؤولون كوريون جنوبيون إن القمة يمكن أن تكتفي بتكليف صندوق النقد الدولي بوضع إرشادات عامة للحد من اختلال التوازن بين الدول الدائنة والمستدينة. وخاض المفاوضون اجتماعات طويلة طيلة الأسبوع في سيول للتوصل إلى اتفاق حول البيان الختامي الذي سيصدر الجمعة. وقال المتحدث باسم قمة العشرين كيم يون-كيونغ للصحافيين في أعقاب المباحثات الأخيرة يوم الأربعاء بين مسؤولين ومساعدي وزراء مالية المجموعة «لا تزال هناك اختلافات كبيرة حول قضايا العملات والاختلال الحالي في التوازن». إلا أن جدول أعمال قادة دول المجموعة ليس كله حافلا بالمشاكل إذ يتضمن الموافقة على إجراء أكبر تعديل في تاريخ صندوق النقد الدولي الذي أسس قبل 65 عاما لإعطاء دور كبر لقوى ناشئة مثل الصين.