شرعت المؤسسات المالية وهيئات التنقيط الدولية في تحسين تنقيطها للاقتصاد المغربي على ما تعتبره هذه المؤسسات قدرة هذا الاقتصاد على صموده في وجه الأزمة العالمية التي عصفت بالعديد من القطاعات الاقتصادية والمالية عبر العالم. فبعد ترقية المغرب إلى "درجة الاستثمار" من قبل وكالة التنقيط الدولية المشهورة "ستاندار أند بورز" وهي الترقية التي جاءت كجزاء على "تحكم السلطات المالية والنقدية المغربية في عجز المالية والدين العموميين، اعتبر دومينك ستراوس كان، المدير العام لصندوق النقد الدولي بدوره، أن المغرب يعد من بين البلدان ذات الاقتصاد المتنوع التي اجتازت الأزمة بشكل جيد وتوقع أن يستعيد نسب نمو قوية خلال السنة الجارية. ونقلت أسبوعية "الأهرام إيبدو" المصرية عن ستراوس كان قوله أنه كلما كانت الاقتصاديات مندمجة في الاقتصاد العالمي مع تنوع كبير في المنتوجات كلما كان الأمر أفضل، والمغرب "نموذج جيد" في هذا الصدد. لكنه سجل، بالمقابل، نقطة ضعف الاقتصاد المغربي المتمثلة في كون جزء كبير من أداء هذا الاقتصاد يظل "رهينا بالتساقطات المطرية". ذلك أن الاقتصاديات الأكثر تنوعا تبدي مقاومة أفضل في فترات الأزمة، حسب المدير العام لصندوق النقد الدولي، الذي سجل في هذا الصدد أن أحد المشاكل التي تواجه بعض البلدان الإفريقية وفي مناطق أخرى من العالم هو كون اقتصادياتها غير متنوعة بالشكل الكافي أو أنها تعتمد بشكل كامل على المنتوجات الطاقية. وشدد في هذا الإطار على ضرورة اندماج الاقتصاديات في السوق العالمية مع تنويع أكبر للمنتوجات معبرا عن "تفاؤله" بخصوص الاقتصاديات الإفريقية فيما بعد الأزمة الاقتصادية وقال "إن اداء إفريقيا في ظل الأزمة كان أفضل مما كنا نخشاه والآن فإننا نسجل عودة للنمو في أغلب البلدان". اما رئيس مؤسسة التمويل الدولية لارس ثونل، فقد اعتبر في تقرير نشر مؤخرا، أن الانتعاش الاقتصادي العالمي يتيح فرصا لشركات الاستثمار الخاص لاقتناص صفقات في الاقتصادات النامية في قطاعات كالطاقة والرعاية الصحية والخدمات المالية. وأوضح ثونل أن تحقيق الدول النامية لنمو أسرع وخفض ديونها يجعلها أقل عرضة للتباطؤ بصورة دورية، مما يجعلها مناطق جاذبة للاستثمار المباشر، مشيرا إلى أن هذا الأخير في الدول النامية يعتمد على النمو وليس الإقراض وأنه لا ينطوي على المخاطرة كما يعتقد البعض. وأضاف أنه في وقت لازال فيه الطلب في الاقتصادات المتقدمة يصارع من أجل التعافي من الأزمة المالية العالمية فإن الطلب المحلي في البلدان النامية أصبح يساهم بنصيب أكبر في النمو الكلي، مبرزا أن الاقتصادات النامية قد تكون سوقا غير مستغلة تضم أربعة ملايير نسمة ينفقون حوالي خمسة تريليونات سنويا. وتبقى أراء وتصنيفات المؤسسات المالية والهيئات الدولية المختصة ذات أهمية ودور في تحسين صورة اقتصاديات البلدان. وتعتمد العديد من قرارات الاستثمار وتحويل الصناعات من البلدان الصناعية الكبرى إلى الاقتصاديات الصاعدة كثيرا على هذه التصنيفات. كما أن المؤشرات المرتبطة بالوضعية الاقتصادية والاجتماعية والمالية للبلد تلعب دورها في اتجاه تشجيع أو تاخير تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة نحو البلد، وهذا ما جعل المغرب يولي اهتماما أكثر لما تصدره هذه المؤسسات من تصنيفات وأحكام حول مناخ الأعمال وحول مؤشرات التنمية وإمكانيات النمو الاقتصادي. في هذا الصدد اعتبر المندوب السامي للتخطيط، أحمد لحليمي، وهو رئيس هيئة وطنية تعنى بدراسة الظرفية ومؤشرات النمو ومكامن قوة وضعف الاقتصاد الوطني، ان لمراجعة مناهج تقييم التنمية البشرية التي صادق عليها برنامج الأممالمتحدة للتنمية، أهميتها موضحا أن المؤشرات الإحصائية، التي تعد اليوم لغة عالمية ومرجعا معياريا لكل تقييم، "لا يمكن أن يكون لها صدى إلا في سياقها العام". واعتبر لحليمي أن المؤشرات الاحصائية باعتبارها أدوات للتقييم لن يتم إدراكها بالتأكيد إلا من خلال تنوع تسليط الضوء على تحليل شمولي لواقع كل بلد ونمط تدبيره للتحديات والمؤهلات التي تتوفر عليها. وأضاف "أن المؤشرات المركبة، التي تتشكل غالبا من عدد محدود من المعطيات الإحصائية، والهرمية التي يمكن اعتبارها جزئيا عند الحاجة، هي بالضرورة عشوائية وتظل، على كل حال، موضوعا مثيرا للجدل باستمرار. كما أن استعمالها يتم، على نحو متزايد، عبر قياس قدرات البلدان النامية ومقارنتها بل وتصنيفها، ويمكن أن يتم تعزيزه من خلال التأثير الإعلامي على خطابها الشامل، الذي لا يزال يتعرض للانتقاد بالنظر إلى الحمولة المعرفية الضعيفة لمساهمته في الثقافة الاقتصادية للرأي العام".