أطفأت قناة الرياضية شمعتها الخامسة، وتستعد بذلك للعبور نحو عامها السادس كقناة موضوعاتية، فهي الثالثة ضمن باقة الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، والأولى التي تختص بالمجال الرياضي. وقد راهنت إدارة الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة كثيرا على إطلاق قناة فضائية رياضية مغربية تهتم بالقضايا الرياضية الوطنية، كمساهمة في إغناء المجال السمعي البصري الذي يسعى المغرب إلى بلوغه. خلال اللقاء الصحفي التقديمي المنعقد بمدينة الدارالبيضاء يوم الجمعة 16 شتنبر 2006، قال فيصل العريشي، أن القناة تسعى لأن تكون مرآة وفية لواقع الرياضة في المغرب، وتوقع أن تساهم في ترقية قطاع الرياضة وتطويره عبر فتح آفاق الإحتضان والتمويل أمام الأندية المغمورة التي لم تكن تظهر في القناتين العموميتين سوى مرة واحدة أو مرتين في السنة. إلا أن المتمنيات شيء والواقع شيء آخر، فكل الرهانات التي بنت عليها الإدارة تصوراتها للمشروع الجديد، ذهبت أدارج الرياح، وحتى الأسس الاحترافية الضعيفة التي بنت عليها القناة انطلاقتها، انمحت مع توالي السنوات، لتتحول -خصوصا في ظل الإدارة الحالية- إلى مجرد أداة لخدمة أهداف خاصة وتمرير مشاريع تخدم أشخاص بعينهم، كما أن أغلب البرامج التي تقدمها القناة حاليا، لها علاقة بشركات إنتاج ترتبط مباشرة بالإدارة ومن يدور بفلكها، مع ضرب كلي لمجهود الصحافيين العاملين داخل القناة، ومنح كل الفرص والامتيازات للقادمين من خارج الدار، والمتهافتين عليها من مهن أخرى، مقابل تجميد الزيادات وحذف والمنح، والتحفيزات، مما يثير حفيظة كل العاملين بالقناة. ومنذ الانطلاقة راهن العريشي، على شيء أساسي ألا وهو ضرب البرامج الرياضية بدوزيم، وإضعافها بالأولى، على أمل فسح المجال أمام هذه الثالثة التي لا يبدو أنها غير ثابتة، حيث تم منحها مساحة أكثر وتمكينها من الوسائل التي كانت رهن إشارة القسمين الرياضيين بالأولى والثانية. والحالة هذه توقف كل شيء تقريبا بقناة عين السبع، اللهم من فقرات إخبارية عادية بين الفينة والأخرى يطغى عليها الجانب الدولي، مع الاقتصار على تقديم مقابلة أسبوعية عن البطولة الوطنية لكرة القدم، بينما منعت القناة من تقديم برامج سبق أن كسبت فئات عريضة من المشاهدين، كالمجلة الرياضية، بلانيت سبور، بالإضافة إلى تغطية أحداث مهمة كجائزة الحسن الثاني للتنس، وغيرها من التظاهرات التي كرس من خلالها الصحافيون تجربة مهمة كان من الممكن أن تشكل أرضية صلبة لانطلاقة « مولود» العريشي. نفس الشيء بالنسبة لصحافيي الأولى، فرغم أن عددهم يصل إلى 20، فإن العمل يقتصر على تقديم فقرات إخبارية عادية على هامش نشرات الأخبار، والتناوب (4 منهم فقط) على تقديم البرنامج الأسبوعي «العالم الرياضي». ليدخل الجميع في عطالة مفتوحة قتلت فيهم كل طموح ورغبة في التطور والمواكبة والتفاعل، إلى درجة بدأ الصحافيون يفكرون جديا في تغيير الأجواء والإنتقال إلى قنوات خارجية، والغريب أن حتى صحافيي «الرياضية» بدأوا هم كذلك يفكرون في هجرة جماعية، بعد تكريس الإدارة الجديدة لأساليب غير مهنية تماما، وأغرقوا إدارات أغلب القنوات الخليجية بسير ذاتية، طلبا للجوء الإعلامي. فكيف ينظر السيد لعريشي لهذا الإشكال المتمثل في وجود صحافيين مهنيين تكونوا بمعاهد عمومية وخاصة، كما راكموا تجربة غنية طيلة سنوات عديدة، ليجدوا أنفسهم بجرة قلم عاطلين عن العمل؟ ثم لماذا منعوا من الالتحاق بالرياضية؟ ولماذا يتم تهميش كفاءة وطنية كبيرة كسعيد زدوق؟ ولماذا الإكثار من القنوات دون إمكانيات وبدون موارد بشرية كافية؟ أسئلة فضلنا أن نختم بها هذا الموضوع، مع علمنا المسبق أنها ستبقى مطروحة، مادامت أسباب النزول لم تزل بعد...