الرجل الذي دعا إلى فهم الحضارات بعيدا عن التعصب المذهبي قال أندري أزولاي، مستشار جلالة الملك، مساء الاثنين الماضي بالدار البيضاء، انه استلهم من أعمال وكتب المفكر الراحل محمد أركون القوة والحرية في التفكير. وأوضح أزولاي في كلمة بمناسبة إحياء الذكرى الأربعينية لرحيل أركون، أن هذا المفكر ساعده على تطوير عالمه الخاص من خلال إطلاعه على أعماله وحواراته المهمة. وأشار أزولاي رئيس مؤسسة «أنا ليند» الأورومتوسطية للحوار بين الثقافات، إلى أنه ممتن لهذا المفكر الذي ساعده على التحرر على المستوى الفكري. وارتباطا بموضوع حوار الحضارات، قال أزولاي إن أركون، الذي لم تتح له فرصة الالتقاء به إلا قليلا، يشكل جسرا بين مختلف الحضارات والأديان. ومن جهة أخرى، أشادت العديد من الشهادات خلال هذه التظاهرة، التي عرفت مشاركة العديد من المفكرين ورجال الدين وأصدقاء وأقارب الراحل، بمناقب الفقيد وإسهاماته في عالم الفكر الإسلامي. وأضافت أن أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة السوربون، كان أكاديميا وأستاذا من العيار الثقيل، بل أحد معالم الطريق التي تنير السبيل نحو بناء مغرب عربي كبير وقوي. وأبرزت الآثار الإيجابية التي خلفتها أعمال وإسهامات هذا المفكر الكبير والباحث المتألق الذي شجع بشكل كبير الدفع نحو حوار الحضارات. وأكدت أن المفكر الراحل كان يؤمن بأهمية عدم الفصل بين الحضارات، إذ أنه دعا إلى فهم الحضارات بعيدا عن التعصب المذهبي والأيديولوجي والعرقي. وأجمعوا على أن الراحل صاحب مدرسة فكرية متميزة ومشروع فكري نقدي تنويري يتخذ من العقل العلمي مرتكزا له من أجل تجديد الفكر العربي الإسلامي، مؤكدين أن أركون كان يعمد إلى قراءة التراث قراءة واعية. واعتبروا خلال هذه اللقاء، الذي نظمه أصدقاء وعائلة المفكر، رحيله خسارة كبرى للفكر العربي والإنساني، بالنظر لمشروعه الفكري الذي فتح أوراشا فكرية هامة وكذا لخصائص كتاباته ورؤاه. وقالوا إن التراث الفكري لهذا المفكر الجزائري، الذي كان يعشق المغرب ويعتبره نموذجا، يشكل نبراسا للأجيال الحالية والمستقبلية، التي هي في أمس الحاجة إلى فكر متنور. وخلف محمد أركون، الذي توفي عن عمر يناهز 82 عاما، مكتبة مهمة من المؤلفات من بينها على الخصوص «الإسلام: أصالة وممارسة»، و»تاريخية الفكر العربي الإسلامي» أو «نقد العقل الإسلامي»، و»الفكر الإسلامي: قراءة علمية»، و»الإسلام: الأخلاق والسياسة»، و»من الاجتهاد إلى نقد العقل الإسلامي»، و»نزعة الأنسنة في الفكر العربي»، و»قضايا في نقد العقل الديني. كيف نفهم الإسلام اليوم» و»الإسلام أوروبا الغرب، رهانات المعنى وإرادات الهيمنة». وازداد محمد أركون سنة 1928 ببلدة تاوريرت بتيزي وزو بمنطقة القبائل الكبرى بالجزائر. وبعد أن أكمل دراسته الثانوية في وهران، تابع أركون تعليمه الجامعي بكلية الفلسفة في الجزائر قبل أن ينتقل إلى السوربون بباريس، حيث واصل دراسته.