عادت أحزاب الأغلبية للاجتماع فيما بينها، ولبلورة خطاب موحد، وأيضا مواقف موحدة داخل البرلمان وفي الفضاء السياسي الوطني بصفة عامة، وهذا يستجيب، في الواقع، لحاجة بلادنا وحقلنا السياسي والمؤسساتي إلى الوضوح، وإلى منطق داخلي يضبط المواقف والتموقعات. إن الخطوة، التي تجسدت من خلال اجتماع أخير لزعماء أحزاب الأغلبية ورؤساء فرقها البرلمانية وترأسه الوزير الأول، تأتي كذلك استجابة لنداءات جلالة الملك الواردة في خطاب افتتاح دورة أكتوبر البرلمانية، وخصوصا ما يتعلق بتأهيل العمل البرلماني، وإصلاح اختلالاته. وحتى لا يكون اجتماع الأغلبية مجرد مناسبة فرضها جدول أعمال دورة أكتوبر وعرض مشروع الميزانية، فإن المطلوب اليوم تحويل هذا التحرك إلى فعل مستمر قوامه التعبئة الشاملة لمختلف مكونات التحالف الحزبي الذي يقود الحكومة الحالية، وذلك من أجل إعمال إصلاحات حقيقية تهم مؤسسة البرلمان، القوانين الانتخابية، قانون الأحزاب، وباقي الإصلاحات السياسية، وأيضا الانتهاء من كل هذا داخل أجل زمني قريب، ويكون لمثل هذه الإصلاحات معنى في الواقع، خصوصا بمناسبة الانتخابات التشريعية المقبلة. التحدي الثاني أمام أحزاب الأغلبية، يتمثل اليوم في سعيها للحديث بصوت واحد داخل البرلمان، وفي الفضاء السياسي الوطني ككل، والدفاع عن حصيلة أعمالها وبرامجها ومنجزاتها بوضوح، وبصفوف موحدة، وفي نفس الوقت تحصين تحالفها من الترحال البرلماني، ومحاربة هذه الظاهرة، وبالتالي تحسين صورة البرلمان وصورة المؤسسات الأخرى. إن إنجاح الإصلاحات القانونية والسياسية، وتطبيقها خلال الاستحقاقات القادمة، وتحسين صورة البرلمان، وتوحيد صفوف الأغلبية وصوتها كذلك، هي كلها تحديات مطروحة أمام الأغلبية اليوم، وهي مدعوة للانكباب الجدي عليها وعلى سبل النجاح فيها. من جهة أخرى، إن تحالف الأغلبية، باعتباره ائتلافا يمتلك إمكانية الفعل في القرار وفي التنفيذ، هو المؤهل اليوم للتفاعل بسرعة مع نداءات جلالة الملك ومع ما ورد في خطابه أمام البرلمان، ومن باب المنطق والمسؤولية أن تلتف كل مكونات هذا التحالف على ضرورة تمتينه وتقوية ديناميته التدبيرية والإصلاحية والسياسية. لكن مع ذلك، فإن باقي فضاءات التحالف تبقى بدورها أساسية اليوم، مثل ضرورة إعادة الحياة للكتلة الديمقراطية وتفعيل عملها، وأيضا التقدم في مسار توحيد قوى اليسار على أساس قواعد سياسية وبرنامجية واضحة، لأن من شأن الدائرتين التحالفيتين المذكورتين تقوية الدائرة الثالثة الممثلة في تحالف الأغلبية، وتطوير دينامية الإصلاحات في بلادنا، وجعل المواطنات والمواطنين ينخرطون في مسلسلات التنمية والتأهيل الشامل للبلاد.