من غير المقبول أخلاقيا إلقاء العبء على كاهل من ليسوا مسؤولين عن الأزمة العالمية أكد الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون في افتتاح الدورة الثالثة للندوة الدولية حول الحكامة العالمية، المنعقدة بمراكش، أن الأزمة الاقتصادية العالمية كشفت أن «التدبير الاقتصادي العالمي لا يمكن أن يقوم على حساب المستضعفين والأكثر هشاشة. ومن غير المقبول أخلاقيا إلقاء العبء على كاهل من ليسوا مسؤولين كلية عن الأزمة». وشدد بان كي مون على ضرورة انتشال الفقراء والفئات التي توجد في وضعة هشة من براثن الفقر وإقامة عالم يسوده الازدهار والكرامة للجميع. وتابع بان كي مون أن على الحكامة العالمية أيضا أن تساعد في التصدي للمخاطر التي تطرحها التغيرات المناخية، مشيرا إلى أن قمة كوبنهاغن، وإن لم تستجب لكل الانتظارات، قد حققت تقدما هاما من خلال خلق توافق سياسي واسع فضلا عن تقدم بالخصوص على صعيد الملاءمة ونقل التكنولوجيا وتعزيز القدرات المالية. كما أكد على ضرورة أن تقدم مجموعة رفيعة المستوى تعمل على النجاعة البيئية حلولا تطبيقية من شأنها مساعدة الدول على محاربة الفقر وتشجيع النمو الأخضر مع العمل على حماية التنوع البيئي. وقال بان كي مون إن الحكامة العالمية أكبر من أن تسند إلى منظمة أو مجموعة واحدة، مشيرا إلى أن منظمة الأممالمتحدة، التي تتطلب هياكلها إصلاحا ، تعد هيئة ملائمة لتكريس هذه الحكامة بكيفية مثلى. ودعا إلى العمل من أجل بلوغ نتائج في الآجال المطلوبة وفي إطار احترام مبدأ المسؤولية معتبرا أنه بإمكان المجلس الاقتصادي والاجتماعي أن يضطلع بدور جد هام بشأن العديد من القضايا المترابطة بشكل واسع والمرتبطة بالخصوص بالمخاطر المالية وانعدام الأمن الغذائي والولوج إلى الطاقة والنظام التجاري الدولي. وبخصوص موضوع الهجرة، أكد بان كي مون أن الأزمة الاقتصادية التي عرفها العالم مؤخرا ساهمت في هشاشة أزيد من 200 مليون مهاجر دولي عبر العالم، داعيا إلى ضرورة مواجهة المخاوف والتركيز على الحقوق وتحديد أحسن السبل لتمكين عدد من الدول المصدرة للهجرة والمستقبلة لتحقيق النمو. وحول موضوع الإرهاب، لاحظ المسؤول الأممي أن هذه الظاهرة تحدث أضرارا جسيمة، موضحا أن الخطر الذي يكتسبه الإرهابيون من المواد الانشطارية أضفى طابعا استعجاليا جديدا على قضية الأمن النووي، موضحا أن من يتوفرون على أسلحة نارية وقنابل في الوقت الراهن بإمكانهم أن يتوفروا على ترسانة أكثر قوة، وأن أنجع وسيلة لمواجهتهم هي التعاون دون الرضوخ على المستوى الدولي. ونوه بان كي مون في الختام بالتنظيم المحكم لمؤتمر «وورلد بوليسي» بالمغرب والذي يساهم بشكل كبير في تحالف الحضارات. وتنظم الندوة العالمية حول الحكامة، التي أطلقت في سنة 2008، بمدينة مراكش للسنة الثانية على التوالي بمشاركة شخصيات وازنة من عالم السياسة الدولية والاقتصاد ضمنهم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، وجان كلود تريشي رئيس البنك المركزي الأوروبي، وآن يو يونغ سفير كوريا لدى مجموعة ال20. ومن بين الحضور أيضا كمال ديرفيس من معهد بروكلينز، وحسين ديريوز مستشار رئيسي للأمين العام لمنظمة حلف الشمال الأطلسي والمستشار الخاص السابق للرئيس التركي عبدالله غول وجواكين ألمونيا نائب رئيس اللجنة الأوربية. ويشارك أيضا في هذه الدورة الدكتور محمد إبراهيم مؤسس ورئيس مؤسسة «مو إبراهيم»، وماري روبينسون أول امرأة تولت منصب رئيسة إريلندا ما بين 1990 و1997، و جان دافيد لوفيت مستشار دبلوماسي للرئيس نيكولا ساركوزي، وناتالي كوسييسكو موريزيت كاتبة الدولة في الحكومة الفرنسية مكلفة بالتنمية الاقتصادية الرقمية، فضلا عن مسؤولي منظمات دولية وشركات متعددة الجنسيات، وأرباب كبريات المقاولات، وخبراء وباحثين. وتعد ندوة «وورلد بوليسي» بمثابة فضاء للنقاش والتبادل بين مختلف الفاعلين والخبراء والأكاديميين والاختصاصيين من أجل تحسين الحكامة الدولية واستجماع كافة الجهود لأجل المصلحة العامة. وتجمع ندوة «وورلد بوليسي» التي أحدثت سنة 2008 بمبادرة من المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، كل سنة شخصيات من رجال السياسة ومسؤولي منظمات دولية ورؤساء أكبر الشركات وخبراء مرموقين وصحفيين حول رؤساء دول وحكومات من أجل تطوير النقاش الجماعي حول التحديات الآنية. ويعتبر المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، الذي يضم حاليا حوالي 50 شخصا والذي أحدث سنة 1979، بمثابة أول فضاء فرنسي مخصص لتحليل القضايا الدولية، ومن بين مهامه خلق نقاش حر وعميق حول أكبر التحديات المعاصرة. تجدر الإشارة إلى أن المشاركين في الدورة الثانية ل»وورلد بوليسي» ناقشوا مواضيع تهم «الحكامة السياسية» ،و»القانون الدولي» ،و»الحكامة الاقتصادية والمالية»، و»حركات الهجرة»، و«الطاقة والمناخ»، و«الصحة والبيئة»، و«الماء والفلاحة والتغذية».