مستشار استقلالي يتهم وزير النقل بعقد اتفاقات «تحت جنح الظلام» استهل مجلس المستشارين جلسة الأسئلة الشفوية الأولى للسنة التشريعية الحالية، يوم الثلاثاء الماضي، بصراخ وضجيج وتبادل الاتهامات بين الأغلبية والمعارضة، اضطر معها رئيس الجلسة إلى رفع أشغال المجلس لتهدئة النفوس وإعادة الهدوء. ووجد فوزي بنعلال، المستشار الاستقلالي والخليفة الأول للرئيس، الذي كان يرأس الجلسة الدستورية الأولى للمجلس برسم السنة التشريعية الحالية، نفسه في موقف لا يحسد عليه، واحتار بين الاصطفاف في صف زميله في الفريق عبد السلام اللبار، وبين إعادة الهدوء إلى القاعة التي اهتزت بالصراخ وضرب الطاولات. ولم يسعفه الحظ في تخفيف التوتر إلا بعد أن قرر رفع الجلسة لمدة عشر دقائق التي منحها للمستشارين لأخذ أنفاسهم، لكنها امتدت إلى أكثر من ثلاثة أرباع الساعة. وفجر المستشار الاستقلالي عن هيئة المأجورين، عبد السلام اللبار، غضب فرق المعارضة وحتى بعض مكونات الأغلبية، حينما دعا في إطار الإحاطة علما التي تقدم بها، إلى ضرورة إعادة النظر في مدونة السير والمراسيم التطبيقية لها، التي لم يمض على دخولها حيز التطبيق سوى أسبوعين. وفاجأ المستشار الاستقلالي أعضاء مجلس المستشارين، خصوصا وأنه ينتمي لحزب وزير النقل، كريم غلاب، الذي لم يسلم بدوره من انتقادات اللبار، واتهمه بتعمد تغييب الفرقاء الاجتماعيين، في إشارة إلى الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، الذين لولا فضلهم لما تمكن من تمرير مدونته. مضيفا أن وزير التجهيز والنقل «التقى في جنح الظلام» مع فرقاء آخرين وأمضى معهم على اتفاق لتطبيق المدونة في شكلها الحالي. وبينما كان عبد السلام اللبار يوجه سهام انتقاداته للمدونة والوزير الوصي على القطاع، كانت المعارضة تتهيأ للانقضاض على هذه الفرصة الذهبية التي أتاحها لها، وبدأت تشحذ سيوف انتقاداتها. وساد الارتباك وعمت الفوضى الجلسة، حين بدأ مستشارو المعارضة يضربون على الطاولات ويصرخون ملء أفواههم، مانعين صاحب الإحاطة من إتمامها. واستنكر رئيس فريق التجمع الدستوري الموحد، إدريس الراضي، ما أسماه «ازدواجية خطاب حزب الاستقلال» حول المدونة، بالنظر إلى أن وزيرا من ذات الحزب هو صاحب المشروع، وتساءل باستغراب وتهكم «آشنو واقع، واش الانتخابات قربات»، تلميحا إلى أن الأمر يتعلق بحملة انتخابية سابقة لأوانها. وتعالى موجة الصراخ والفوضى بالقاعة، قبل أن ينبري محمد فضيلي المستشار الحركي والخليفة الثاني لرئيس المجلس، وسار على نهج سابقه في توجيه الانتقادات لحزب الاستقلال، وأكد أن صدور كلام من هذا القبيل من حزب يقود الحكومة الحالية، بمثابة اللعب بالنار، وينطوي على التحريض وتهييج المواطنين، ودعوتهم إلى العصيان والغليان الشعبي. وتبرأ من تبعات ما قد ينتج عن مثل هذا الكلام محملا كل المسؤولية لحزب الاستقلال. وعلى نفس المنوال، أكد رئيس فريق الأصالة والمعاصرة، حكيم بنشماش، أن مثل هذا الكلام «غير مسؤول»، مذكرا بالمبادرات التي قام بها فريقه، خصوصا الدعوة إلى عقد اجتماع للجنة لدراسة الموضوع، والانسحاب من الجلسة العامة للمصادقة على المدونة. ولم يجد مستشارو حزب الاستقلال سوى التظاهر بمؤازرة زميلهم، الذي فاته الانتباه إلى أن موضوع الإحاطة ذو حساسية كبيرة، رغم يقينهم أنه أخطأ المناسبة لإثارته.