منذ ثمانينيات القرن الماضي ومدينة آزمور تعاني من التعثر الحاصل في إعداد تصميم التهيئة الذي يعتبر وثيقة معمارية مهمة تحدد مستقبل المدينة على جميع المستويات. فتصميم التهيئة المنتهية صلاحيته أنجز سنة 1982 قبل إنجاز التصميم المديري للتهيئة والتعمير للجديدة الكبرى لسنة 1983، ولم تتم المصادقة عليه إلا سنة 1995 ليتم العمل به عشر سنوات رغم وجود عيوب كثيرة فيه شكلت عائقا للنمو بالمدينة. ورغم أن تصميما توجيهيا جديدا للتهيئة والتعمير للجديدة الكبرى تم إعداده منذ2006 ليفسح المجال لإعداد تصميم تهيئة جديد لمدينة آزمور فإن ولادة هذا التصميم ظلت متعثرة إبان ولاية المجلس البلدي السابق تتخبط بين العديد من الصيغ التي لا تختلف عن بعضها إلا في جزئيات وبمبررات مبهمة- ربما لإرضاء بعض الأطراف وخدمة بعض المصالح هي بكل تأكيد بعيدة كل البعد عن مصالح المدينة. وعلما بأنه كان من المفروض أن ينجز تصميم جديد للتهيئة ابتداء من سنة 2005 ليساهم في تصحيح المسار التنموي للمدينة وفي تدارك الخلل، إلا أن هذا الإنجاز الذي ظل متعثرا خلف للمجلس البلدي الحالي إرثا ثقيلا وتحديا صارخا استلزم منه العمل على إخراج التصميم إلى الوجود ومحاولة تصحيح بعض مناحيه لخلق دينامية فعالة بالمدينة لدى الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين. لهذا اكتست دراسة ومناقشة تصميم التهيئة الجديد لآزمور أهمية قصوى لأنه من جهة يشكل مبادرة أساسية تتولى معالجة قضايا المدينة في إطار شمولي وتهدف إلى إحداث توازن وانسجام بين مختلف العناصر العمرانية ،وبالتالي تماسك المجتمع وحسن استفادته من توزيع المجال والمرافق العمومية. ومن جهة أخرى سَيَرْهَن المدينة لمدة لا تقل عن عشر سنوات أخرى. وقد تطول أكثر من ذلك كما حصل مع التصميم المنتهية صلاحيته. قرر المجلس البلدي الحالي خلال اجتماعه في دورة يوليوز 2010 فتح الباب أمام تعرضات المواطنين حول تصميم التهيئة لمدة شهر كامل ما بين 23 غشت و22 شتنبر 2010. وفعلا قدم المواطنون 82 تعرضا قامت لجنة التعمير المكونة من أعضاء من المجلس البلدي بالبث فيها خلال اجتماعات يومية تقريبا خلال هذه الفترة وتم قبول 54 طلبا بالتعرض وتمت تلبية طلبهم جزئيا أو كليا وتم رفض 28 طلبا بالتعرض لأسباب متعددة. وقد قدمت اللجنة تقريرا مفصلا حول العمل الذي قامت به للمجلس خلال اجتماع استثنائي يوم 24 شتنبر وتمت مناقشته والمصادقة على قرارات اللجنة والملاحظات التقنية التي قدمها المكتب التقني وبعض المستشارين. وعلى الرغم من كون هذا العمل المتعلق بتصميم التهيئة يعتبر تقدما في حد ذاته، يبقى ضروريا الإشارة إلى بعض الملاحظات التي سجلها مستشارو حزب التقدم والاشتراكية خلال أعمال لجنة التعمير والدورة الاستثنائية: - أنه خلال مراحل إعداد تصميم التهيئة، حدثت تغييرات مشبوهة في هذا التصميم لخدمة مصالح بعض الأشخاص الذين كانوا يتحملون مسؤولية الشأن العام والذين استعملوا نفوذهم لفرض هذه التغييرات. وقد تضرر العديد من المواطنين من جراء هذا الاستغلال الغير المشروع للنفوذ وقدموا تعرضات في هذا الشأن وتم إصلاح بعض ما تم إفساده خلال أعمال لجنة التعمير والدورة الاستثنائية، ونذكر على سبيل المثال المركز التجاري الموجود بالتصميم على الجهة اليسرى للطريق الرئيسية بين الجديدة والدارالبيضاء. لكن يبقى هذا الملف مفتوحا في انتظار أن تقوم السلطات الإقليمية والمركزية بوزارة الداخلية بفتح تحقيق في الموضوع حماية للديمقراطية وللشفافية التي يجب أن يتحلى بها المسؤولون عن الشأن العام. - يوجد تعارض بين معطيات التشخيص المتعلقة بأخطاء وسلبيات تصميم التهيئة السابق، وبين الصيغة النهائية التي جاء بها مشروع التصميم الجديد؛ إذ لا يمكن إلا أن نسجل عمق الهوة الفاصلة بين عناصر التشخيص وعناصر العلاج المقترح في التصميم الجديد.ويتجلى هذا الأمر في كون هذا التصميم الأخير تجاهل أخطاء ونقائص وعيوب التصميم السابق، وعوض تجاوزها نلاحظ تكريسها وإعادة إنتاجها.( رغم توصيات سابقة ما تزال الحدائق والمنتزهات تخصص لها جنبات الطرق، عوض أن تكون وسط الأنسجة السكنية ونفس الملاحظة بالنسبة لموضوع توسيع الطريق الرابط بين آزمور وشاطئ الحوزية. حيث عمد التصميم الجديد إلى تضييق العديد من الطرقات والأزقة المسطرة في التصميم المنتهية ولايته وذلك بإنقاص عرضها بدل توسيعها أو على الأقل المحافظة عليها وعلى سبيل المثال.. الزنقة رقم 13 في التصميم السابق كان عرضها 15م فاستبدلت بالزنقة رقم 44 في التصميم الجديد بعرض 12م، والزنقة رقم 6 في التصميم السابق كان عرضها 15م فأصبح 12م.( الزنقة رقم 44 في التصميم الجديد). والزنقة رقم 14 كان عرضها 30م ليتم تعويضها في التصميم الجديد بالزنقة رقم 59 بعرض 20م والزنقة رقم 5في التصميم السابق كانت بعرض 15م فأصبحت تحمل رقم 41 بعرض 12م. وكل هذه التعديلات تتناقض مع معايير التعمير المعمول بها.وتستوجب إعادة الأمور إلى نصابها وفقا للقوانين ودون تغليب مصلحة على أخرى. - في نهاية شارع محمد الخامس في اتجاه مدينة الجديدة وعند حدود تصميم التهيئة القديم يقترح مشروع التهيئة الجديد تمديد البناء وتخصيصه لبناء عمارات (HIN3/C) بجوار أكبر تجزئة بالمدينة: (تجزئة الوفاق ألف) ذات الكثافة السكانية العالية والتي تفتقر إلى مساحة خضراء وهذا يتناقض تناقضا جليا مع توجيهات التصميم المديري للتهيئة والتعمير للجديدة الكبرى لسنة 2006 (SDAU) الذي يحث على (تعمير فسيح ومتفرق في محيط المدينة بهدف إعطاء صورة إيجابية وأكثر نظارة لمداخل المدينة والارتقاء بصورة هذه المنافذ) ولذلك أحاط التصميم المديري تجزئة الوفاق (شطر ألف) وباقي الأنسجة المجاورة لها بشريط مخصص للسكن الضعيف الكثافة وليس للعمارات. بالإضافة لهذه الملاحظات نسجل كذلك احتجاج بعض المواطنين على إبقاء أراضيهم ضمن الأراضي التي تستغل لإنشاء مرافق عمومية رغم مرور أكثر من عشر سنوات وذلك ضدا على المادة 28 من قانون التعمير كموقف السيارات أمام دار الشباب. كما أن بعض المواطنين يحتجون على ضم أراضيهم للمساحة المحيطة من المدارات ومنع البناء بهذه الأراضي رغم أن المدارات واسعة ورغم وجود طريق ثانوية بين هذه الأراضي والمدارات. وفي انتظار أن تبث اللجنة المركزية للتعمير في ملف تصميم التهيئة لمدينة آزمور، يبقى السكان كلهم أمل في أن يتم إنصاف من تضرر منهم وأن يتم التحقيق في الخروقات التي شابت إعداد هذا التصميم.