استطاع المهرجان الدولي الثاني عشر للعود بتطوان، الذي اختتمت فعالياته مؤخرا، وعلى مدى ثلاثة أيام، إزالة الحدود بين أقطار العالم من خلال توأمات وثلاثيات لعازفي العود من بلدان شتى وأصناف موسيقية عدة. وكانت توأمة الزوجين السوري غسان اليوسف والمصرية دينا عبد الحميد، صحبة حفيد الموسيقار الموجي، واحدة من بين أجمل اللحظات التي أهداها مهرجان العود وعازفيه لعشاق سلطان الآلات الوترية، الذي يستحق وبرأي الجميع، أن تكون مدينة الأبواب السبعة عاصمة له، مكرسا بذلك حلم كل هؤلاء بالعزف بأوتارهم الستة على وتر واحد، وتر حوار الحضارات والثقافات والنغمات. لقد فتحت تطوان أبوابها السبعة لاستقبال عازفين شباب من بلاد الشام وأرض الكنانة، ومن لبنان، ومن المغرب ملتقى الحضارات، وكانت البداية مع الزوجين غسان ودينا اللذين كان العود أول شيء اشتركا فيه، فظلا طوال تسع سنوات يعزفان عليه، قبل أن يقررا العزف سويا على عود واحد، ليكونا معا أول زوجين عازفين على آلة وترية واحدة. بعدها اعتلى الخشبة "الثلاثي جواهر النغمة"، من شمال المغرب، ويتكون من أساتذة التعليم الموسيقي الفنان هشام الزبيري على آلة العود، متخصص في الموسيقى الأندلسية وغناء "الموشحات"، ومحسن الزبيري على الإيقاع، العارف بالتقاليد المغربية الأندلسية والزوايا، وهما معا من تطوان، ونبيل أقبيب من طنجة على آلة الكمان، وهو مبدع وملحن وواحد من بين أفضل العازفين على هذه الآلة في العالم العربي رغم صغر سنه. وقدم هذا الثلاثي، الذي يدرس الموسيقى بعدد من المعاهد الوطنية، مقطوعات جمعت بين الموسيقى الأصيلة التي تنهل من الطبوع والقدود الأندلسية وإبداعات عزف فيها العود والكمان بأشكال مختلفة، تارة منفردة وأخرى بطرق جديدة جمعت بين العزف والإيقاع ونمت عن تحكمهم في العزف على الأوتار مهما تعددت وتنوعت، وكذا في الدورات الإيقاعية الأكثر تعقدا. وكان مسك الختام مع عازف العود اللبناني شربل روحانا، وهو عواد مرموق، حاز على جائزة العزف على العود وشهادة الماستر في علوم الموسيقى، ويدرس حاليا العزف على هذه الآلة بالعديد من البلدان، ويشارك، أيضا، في الكثير من المهرجانات في العالم العربي وأوروبا، وقد ألف كتابا في ثمانية مجلدات يهتم بأسلوب جديد وتقنية ومنهجية جديدتين لتعليم العزف على العود. وأدى شربل روحانا مجموعة من أعماله التي لم يكتف فيها ببعض السماعيات ولكن أدخل عليها تطويرات وتمارين جديدة، تساعد على إعطاء مرونة للأصابع وتمكن من الأداء بشكل أفضل يتخطى التقليد والحدود المرسومة لآلة العود والأنماط السائدة.