شاركت الفنانة التشكيلية فنيدة المكينسي مؤخرا في معرض جماعي نظم من طرف وزارة الثقافة في مسرح محمد الخامس بالرباط. وتنتمي لوحات المكينسي إلى المدرسة الانطباعية، وتحضر فيها البيئة المغربية والتقاليد المحلية والفضاءات الاجتماعية والمعمارية العتيقة، في دلالة على الصلة الوثيقة التي تربط الفنانة المذكورة بمحيطها السوسيوثقافي. منذ احتكاكها المباشر بعالم الرسم سنة 1990، وانطلاقا من أول معرض لها، تمكنت فنيدة المكينسي من تبوئ مكانتها كفنانة واعدة، حيث انفردت بوصف أطلقه النقاد عليها: «فنانة الضوء»، بحكم أن كل أعمالها تعبق بشعاع مضيء لافت للانتباه، مما يجعلها تنفذ تلقائيا إلى قلب المتلقي وروحه. كما تعكس لوحات هذه الفنانة علاقة التوحد والانصهار القائمة بينها وبين الطبيعة، وتنضح بمشاهد متعددة الألوان لمغرب ثري بخصوصياته الجمالية والبيئية والتراثية، الشيء الذي يمنح تلك اللوحات قيمة الوثيقة الفنية الممتدة في الزمان والمكان. أسلوب فنيدة المكينسي في الرسم هو الصباغة الزيتية اعتمادا على أداة خاصة: سكين فنية، تتيح إمكانية إظهار نتوءات في كل لوحة، فيتكسر بذلك البعد السطحي وينضاف بعد جديد هو العمق الفني. لا تفتأ هذه الفنانة تؤكد، في كل مناسبة، أن هدفها من الرسم إبداعي بالدرجة الأولى وليس ماديا، وأنها تقضي جل وقتها في ممارسة هوايتها الأثيرة التي ملكت كل روحها وكيانها. فلا عجب، إذن، أن اختارتها مؤسسة «بنك المغرب» ك»امرأة السنة» لعام 2008. تحكي المكينسي قصة احتكاكها الأول بعالم التشكيل، فتقول إن ذلك يعود إلى عدة سنين، حيث اطلعت على لوحة لفنانة أجنبية مرسومة بالسكين، فشرعت للتو في تقليدها بعدما كانت لا تعرف أي شيء عن الصباغة الفنية. ثم التحقت بالمعهد الثقافي الفرنسي حيث تلقت مبادئ الرسم، وسرعات ما وجدت أسلوبها الخاص. وعن سر بقعة الضوء التي توجد في كل لوحة من لوحاتها، تؤكد أنها لا تفتعل الضوء، بل هو نابع من أعماقها ووجدانها ومشاعر الإيمان لديها. تقول: «حين أكون أرسم، أحس أنني أعيش حالة خاصة وفي عالم خاص، إذ أضفي جزءا من روحي وإحساسي على اللوحة التي تصير ناطقة بحد ذاتها. وهذا ما يميزني عن فنانين آخرين.» وتعتز بكونها أول رسامة مغربية تستعمل تقنية السكين، بعدما استعملها تشكيليون ذكور. وتثير فنيدة المكينسي قضية نقل اللوحات واستنساخها التي يعاني منها الوسط التشكيلي المغربي، والتي يلجأ إليها البعض بغرض تجاري محض، مما يلحق ضررا كبيرا بالفنانين الأصلاء والمبدعين. وتدعو هذه الفنانة الجهات المختصة إلى سن قوانين وتشريعات للحد من هذه الظاهرة السلبية. كما تدعو - من جانب آخر - إلى الإكثار من فضاءات العرض لتشجيع التشكيليين المغاربة على تمتين تواصلهم مع الجمهور والنقاد والمهتمين.