تحتضن مدينة طنجة خلال الفترة الممتدة من رابع إلى تاسع أكتوبر الجاري، الدورة الثامنة لمهرجان الفيلم المتوسطي القصير. ويضم برنامج هذه الدورة- إلى جانب المسابقة الرسمية- عرضا خاصا حول «الفيلم القصير»، ومناقشات حول الأفلام المشاركة في المسابقة،وهو ما يشكل مناسبة أساسية لإعادة الاعتبار لهذا الفن السينمائي، الذي نادرا ما تتاح الفرصة لعرضه بالقاعات السينمائية، خلال الأيام العادية. كما أن المهرجان باعتبار بعده المتوسطي، يتيح المجال لتبادل الأفكار بين سينمائيين لهم تجارب مختلفة بالضرورة. وسيتم منح ثلاث جوائز في ختام عرض الأفلام المتبارية، وهي الجائزة الكبرى للمهرجان، وجائزة لجنة التحكيم ثم جائزة السيناريو. مع الإشارة في هذا السياق، إلى أنه وقع الاختيار على الكاتب المغربي عبداللطيف اللعبي، لرئاسة لجنة التحكيم . وتتميز هذه الدورة، باستضافة الممثل المصري المقتدر عزت العلايلي، حيث سيلقي عرضا حول موضوع «فن التمثيل»، وحسب توضيح اللجنة المنظمة أن هذا «الدرس سيكون فرصة للمهنيين خاصة الشباب منهم، للإطلاع على التجربة الرائدة لواحد من كبار الممثلين الذي لعب أدوارا في أزيد من مائة عمل سينمائي والعديد من الأعمال المسرحية والتلفزيونية التي ستظل راسخة في ذاكرة الفن العربي والعالمي». وفي إطار المسابقة الرسمية، تمت برمجة ثلاث وخمسين فيلما، تنتمي على تسع عشرة بلدا، هي -فضلا عن المغرب- الجزائر وإسبانيا والبوسنة وقبرص وكرواتيا ومصر وفرنسا وألبانيا واليونان وايطاليا ولبنان وفلسطين والبرتغال وصربيا وسلوفينيا وسوريا وتونس وتركيا. وتتجلى أهمية هذه التظاهرة الثقافية، في كونها لا تقتصر على تقديم العروض السينمائية، بل يتم الحرص على مناقشة هذه العروض، بحضور أصحابها، الذين يعملون جاهدين على الدفاع عن أعمالهم،وهو ما يساهم في إثراء النقاش. ومن أبرز الملاحظات التي يمكن تسجيلها بهذا الخصوص، أن النقاش لم يعد محصورا في الموضوع الذي يطرحه العمل السينمائي، بل صار يشمل الكثير من التفاصيل الدقيقة التي لا يمكن أن تنتبه إليها سوى العين الذكية، والعارفة بالإبداع السينمائي. سيما إذا علمنا أن الشريط القصير، الذي يدور حوله هذا المهرجان السينمائي، يعد حقلا خصبا للتجارب الجديدة، وكان من الطبيعي جدا أن يبرز تطور في العرض السينمائي، سواء من حيث الإخراج أو الكتابة أو إدارة الممثلين أو سوى ذلك من التقنيات. وبالتالي كان من اللازم كذلك، أن يتطور النقاش، حول هذه الأفلام، وتبرز هناك أدوات جديدة في المجال النقدي، وإن كان على مستوى النشر، لا يزال هذا النشاط محدودا. ولعل مناسبة مهرجان طنجة، من شأنها أن تعمل على التذكير بهذا النقص الذي تشكو منه ساحتنا الثقافية، ويتم بالتالي البحث عن الحلول الممكنة، للنهوض بالكتابات النقدية،التي تعد ضرورية للدفع بالعمل الإبداعي، نحو آفاق أخرى. وبالطبع؛ فإن حرص منظمي المهرجان على برمجة لقاء مع سينمائي مقتدر، في كل دورة من دورات المهرجان، له أكثر من دلالة؛ فهو من جهة يعد احتفاء بهذه الشخصية البارزة، ومن جهة أخرى يتيح الفرصة للاستفادة من آرائه ومواقفه من خلال النقاش المفتوح معه..