رغم مرور ثلاثة أشهر على دورية والي بنك المغرب المصارف المغربية ترفض مجانية الخدمات البنكية بات استمرار ارتفاع تكاليف العمولات البنكية، وطريقة اقتطاعها التي تختلف من مؤسسة بنكية لأخرى، أمرا واقعا يتنافى مع ما شددت عليه دورية عبد اللطيف الجواهري والي بنك المغرب، نهاية شهر يونيو الماضي، من إلزامية اعتماد المجانية في مجموعة من الخدمات المصرفية. ووفق إحصائيات جمعية حماية مستهلك الخدمات البنكية، ارتفع عدد الشكايات المقدمة من طرف زبناء بعض الأبناك بشكل مضطرد خلال فصل الصيف الجاري. وهمت هذه الشكايات تفاوتات في أسعار الخدمات البنكية، وزيادات غريبة وغير مبررة طالت تسعيرة الخدمات التي كان من المفروض تقديمها مجانا، منذ صدور دورية الجواهري. هذه الخدمات المجانية تهم عمليات فتح الحساب البنكي، وتسليم دفتر الشيكات، وتسليم بيان المدخرات، وتوطين الأجر، وطلب بيان الحساب البنكي، والتوصيلة بالنقود، والسحب النقدي من شباك صاحب الحساب، والسحب النقدي بواسطة شيك المدخرات، والسحب النقدي من الشباك البنكي الإلكتروني التابع للمؤسسة البنكية المفتوح بها الحساب، والتحويل من حساب لحساب داخل نفس المؤسسة البنكية، واستقبال التحويلات البنكية الوطنية، واستقبال الوضع رهن الإشارة للمؤسسات مع إرسال الكشوفات في حال ما إذا كان صاحب الحساب معفى من التكاليف البنكية، بالإضافة إلى وضع وإرسال كشف الحساب إلى الزبون، والاطلاع على الحساب وعلى سجل تواريخ العمليات بواسطة الشباك البنكي الإلكتروني و/أو عن طريق الانترنيت، وتغيير عناصر التعريف بهوية صاحب الحساب، وإغلاق الحساب. وأقر سمير العبايدي، مدير القطب المالي بإحدى أكبر المصارف بالدار البيضاء، في توضيح لبيان اليوم، بغياب التوازي في تطبيق دورية الجواهري، التي تعتبر عصارة دراسات قامت بها اللجنة الخاصة بمؤسسات الائتمان التابعة لبنك المغرب، خلال الفترة الممتدة من بداية سنة 2009 إلى غاية متم شهر أبريل 2010 . فإذا كانت بعض الأبناك، يقول سمير العبايدي، قد حصرت مبدأ المجانية في خدمات محدودة كفتح الحساب مثلا، فإن مؤسسات مصرفية أخرى لا زالت تقتطع عمولات متباينة القيمة على مختلف الخدمات، مما يعيق توحيد قائمة الخدمات البنكية المجانية الواجب على الأبناك الالتزام بها أمام الزبناء، أيا كان عدد العمليات المجانية التي يقومون بها، وأيا كان مبلغ الحساب المعني بالعملية، وأيا كانت طبيعة صاحب الحساب.. ولا تبدو الوتيرة المتسارعة لعمليات منح القروض، منذ بداية السنة الجارية، كابحا لسلوكات التهرب من مضامين الدورية. فقد استدان المغاربة، خلال الأشهر الثلاثة الأولى من سنة 2010 حوالي 36 مليار درهم، حسب جمعية مستهلكي الخدمات البنكية، الشيء الذي يكشف، يقول العبايدي، ليس فقط عن الارتفاع الصاروخي الذي يعرفه هذا القطاع مقارنة مع السنوات السابقة، بل يوضح بجلاء حال المواطن المغربي الذي أصبح يجد في الأبناك، أساسا، ملجأ له لا بديل عنه لفك أزماته المادية. وبالموازاة مع هذا الارتفاع تعمل هذه المؤسسات البنكية على استغلال المناسبة لفرض أسعار خدمات تحترم المعايير أحيانا وتزيح عنها مناسبات عديدة، في غياب فهم جيد واطلاع متواصل للزبناء على الوثائق المتوصل بها دوريا. ويتواصل الأسلوب ذاته، حسب تصريح أدلى به العربي عياط عضو جمعية حماية مستهلكي الخدمات البنكية، بعد نهاية شهر رمضان والعطلة الصيفية والدخول المدرسي كمناسبات تتطلب مصاريف كبيرة، لا يمكن مواجهتها إلا باللجوء إلى الأبناك التي باتت تحقق أرباحا خيالية، ليس فقط من فوائد استرداد الديون، بل أساسا من العمولات المتعلقة بالخدمات بما فيها تلك التي طالتها المجانية . وتشكل هذه العمولات، وفق توضيحات العربي عياط، نسبة هامة من مداخيل الأبناك، فهي تمثل 75 % من الناتج الداخلي الإجمالي للأبناك.. حيث تقتطع هذه الأخيرة سنويا ما يزيد عن 390 مليار سنتيم من حسابات زبنائها كعمولات مقابل العمليات البنكية المتداولة بنكيا، وهو ما يمثل حصة هامة من الأرباح الصافية للأبناك المغربية التي تزيد عن 12 مليار درهم تتغذى من أسعار الفائدة والعمولات وأرباح الادخار والقروض.