يتسابق الناس بمختلف ألوانهم و أشكالهم و مشاربهم عبر العالم، في شهر رمضان لتعليق الزينات، وتخصيص الرسومات وإنارة الفوانيس، وتبادل التهاني، والمبالغة في إظهار الفرح بقدوم رمضان بإذاعة المسلسلات الفكاهية، و الأعمال الدرامية، فيما تتسابق فئة أخرى إلى الدعاء والقيام وقراءة القرآن، والتنافس في الطاعات. وتختلف مظاهر استقبال الشهر الكريم من بيت لبيت، ومن ثقافة إلى ثقافة، كما تختلف من بلد لآخر، فبينما تحتفل بعض الأسر بشراء مستلزمات رمضان قبل شهر كامل تحتفل أسر أخرى بتعليق الزينة، وشراء بعض المأكولات الخاصة بهذه المناسبة. إن المسلمين في كل مكان فوق سطح هذه البسيطة، يتطلعون الى هلال شهر رمضان، يفرحون بمقدمه، لأن الشهر يحمل في طياته ذكريات، ومعاني، ومناسبات لها ارتباط وثيق بحياة كل مسلم . ففيه مشاعر غريبه يحملها كل مسلم لأخيه المسلم، نرى الغني يعطف على الفقير، القوي يرحم الضعيف. شهر يشعر المسلمون جماله وبهاءه، تغمرهم الفرحة بالصيام و القيام و لكل شأن يغنيه. رمضان حول العالم، سلسلة تنشرها بيان اليوم عبر حلقات طيلة الشهر الفضيل للسفر بقرائها إلى مختلف بلدان العالم، و الإبحار في تاريخ الأمم، من أجل لاقتراب أكثر من تقاليدهم و ثقافاتهم و عاداتهم في استقبال رمضان و طقوس قضاءه. موسيقى الصامبا تنسحب احتراما لصوت القرآن في رمضان دخل الإسلام في البرازيل مع المهاجرين العرب والمسلمين الذين هاجروا من البلاد العربية وبخاصة بلاد الشام إلى أمريكا اللاتينية والشمالية في أواخر القرن ال19 وأوائل القرن ال20، لكنَّ الإسلام كان موجودًا قبل ذلك في هذه البلاد، وإن كانت هذه الفترة التاريخية بين القرنين ال19 وال20 هي التي تعتبر بداية إقامة المجتمع الإسلامي في البرازيل. تعتبر دولة البرازيل من الدول النائية والبعيدة عن المجتمعاتِ الإسلامية الرئيسة، سواءٌ تلك التي تحيا في بلادٍ إسلامية، أو تلك التي تعيش في دولٍ غير إسلامية، ولكنها نجحت في تثبيت أنفسها داخل المجتمع الذي تعيش فيه، وأوجدت لنفسها كيانًا كبيرًا يرتبط بالشعوب الإسلامية الأخرى. وبالتالي يحرص المسلمون في البرازيل على استقبالِ شهر رمضان؛ باعتبارهِ وسيلةً لتأكيد الهوية الإسلامية، وتذكيرًا بالمجتمعات التي جاءوا منها بالنظر إلى أنَّ أغلب المسلمين البرازيليين من أصولٍ عربية وبخاصة شامية رمضان البرازيل وشهر رمضان في البرازيل يُعتبر من المناسبات عظيمة القيمة لدى المسلمين؛ حيث ينتظرونه من أجل تجديد انتمائهم الديني، شأنهم في ذلك شأن جميع المسلمين الذين يعيشون في بلاد المهاجر غير الإسلامية. ويعلنون قدوم الشهر وفق تقويم مكةالمكرمة، إلا أن البعض قد يختار بلدًا آخر فيصوم على أساس إعلانها، وتعلن جميع المحطات الإعلامية البرازيلية المقروءة والمسموعة والمشاهَدة خبر حلول شهر رمضان الكريم مهنِّئين المسلمين. وتختلف عاداتُ المسلمين في الشهر الكريم عنها في باقي أيام السنة، فالسيدات المسلمات يرتدين الحجاب حتى ولو كنَّ لا يرتدينه خارج الشهر الفضيل، ومنهن من تستمر في ارتدائه بعد انتهاء الشهر؛ وذلك تأثرًا بالدفعة الروحانية التي حصلت عليها فيه. ومن عادات المسلمين قبل الإفطار أن يكثر الازدحام أمام محلات الحلويات اللبنانية والسورية القريبة من المسجد أو التابعة له، ويغلب الطابع الشامي على موائد الإفطار في شهر رمضان بالنظر إلى غلبة أعداد المهاجرين السوريين واللبنانيين بين الأوساطِ الإسلامية في البرازيل. ويتناول المسلمون طعام الإفطار، وهناك ميزة في مسألة الإفطار في البرازيل؛ حيث تعتبر برامج الإفطار الجماعية والأسرية من أهم ما يُميز السلوك العام للأسر المسلمة البرازيلية في هذا الشهر الكريم، فبرامج الإفطار الجماعي إما أن تكون برعاية مؤسسة خيرية تحرص على تقديم الطعام المجاني للفقراء أو الذين يسكنون في مناطق بعيدة عن المساجد ويتعذر عليهم الإفطار في بيوتهم مع أسرهم، وإما من محسنين أغنياء. وتهتم المؤسسات الإسلامية العربية وبخاصة الخليجية في إقامةِ مثل هذه الولائم أيضًا يهتم القائمون على المراكز الإسلامية البرازيلية بإقامتها من أجل التعريف بالإسلام، ولهذه الوجبات أثرٌ سياسي إيجابي على المسلمين في البرازيل؛ حيث تُظهرهم كتلةً واحدةً مما يدفع الساسة لخطب ودهم لثقلهم السياسي. وبعد الإفطار يتوجه الرجال والصبية وبعض النساء لأداء صلاة المغرب، وقد يتناول البعض الفطور في المسجد، ويهتم المسلمون البرازيليون بأداءِ صلاة التراويح؛ باعتبارها المنسك البارز في شهر رمضان. ومن أبرز المساجد في البرازيل مسجد عمر بن الخطاب في مدينة فوز دي كواسو ومسجد أبي بكر الصديق بضاحية ساوبرناندرد دي كاميو، وهي الضاحية التي يعتبرها البعض عاصمةَ المسلمين في البرازيل؛ حيث تنتشر المراكز الإسلامية مثل مكتب «هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية» و»مكتب الندوة العالمية للشباب الإسلامي». وفي شهر رمضان يحرص المسلمون على قراءة القرآن الكريم وتعليمه لأبنائهم؛ حرصًا على هويتهم الإسلامية في تلك البلاد غير الإسلامية، كما تنظَّم المسابقات الثقافية ومسابقات حفظ القرآن الكريم طوال الشهر. وهناك بعض المشكلات التي قد تعوق أداء المسلمين لشعائرهم، وفي مقدمتها عدم رفع الآذان من المساجد، كما أن هناك مشكلة اللغة والتي تعوق تعلم المسلمين الجدد- سواء من المواليد الجدد للمسلمين أو للوافدين- حديثًا عن الإسلام؛ حيث لا يجيد هؤلاء اللغة العربية، وهو ما يحاول المسلمون هناك التغلب عليه بتحضير الأشرطة الدينية باللغتين العربية والبرتغالية التي تعتبر اللغة الرسمية في البرازيل. كما يهتمون بمشاهدة البرامج الدينية من على القنوات العربية التي يصل بثُّها إلى البرازيل، كما أن ضعف الانتماء الديني لدى بعض المسلمين البرازيليين يعتبر مشكلةً؛ حيث يتم استقطابهم لبعض الجماعات السياسية التي تكون في الغالب مضادةً للتوجهات الإسلامية. ولبعض الجمعيات الخيرية الإسلامية الخليجية باع طويل في برامج الإفطار في رمضان، وهذا ما أكده لنا كثير من الدعاة ورؤساء الجمعيات الخيرية. كما أن رمضان في البرازيل مناسبة سياسية كذلك تبدأ بولائم الإفطار التي تقدمها المساجد والمراكز الإسلامية للشخصيات السياسية والدبلوماسية والإعلامية والدينية، بهدف التعريف بالجانب الاجتماعي في الإسلام، كدين يحث على التضامن والتآزر والتعاون على فعل الخيرات بغض النظر عن الجنس واللون . وقد حققت الكثير من الجمعيات والمراكز بهذه الدبلوماسية الحكيمة نجاحاً في إقامة علاقات متينة مع السلطات البرازيلية العليا المحلية والوطنية، ويمكن أن نسمي هذه الولائم بولائم الإفطار العامة، أما ولائم الإفطار الخاصة فيقدمها التجار والأسر الغنية وبعض الأسر المتوسطة للصائمين عموماً، ويتم استدعاؤهم، إما عن طريق إمام المسجد بعد صلاة الجمعة أو القيام، أو عن طريق الهاتف أو الدعوة المباشرة. وهذه الولائم تبدأ بعد مرور خمسة أيام على الأقل من رمضان، حيث يجد فيها الأقارب والأصدقاء وأبناء الحي فرصة للتلاقي والمرح.. وتذكُّر أيام الطفولة في البلد الأم، كما يجدون مناسبة لمناقشة الأوضاع السياسية والاجتماعية وتتبع أخبار العالم الإسلامي والعربي وخاصة أخبار فلسطين والعراق.. وبعد صلاة التراويح مباشرة يتابعون مشوارهم في الحوار والنقاش.. ويسمي اللبنانيون هذه الولائم ب (العزيمة). والجدير بالملاحظة أن جميع المحطات الإعلامية البرازيلية المقروءة والمسموعة والمشاهدة تحرص على إذاعة خبر حلول شهر رمضان الكريم مهنئين المسلمين بعيدهم وفرحتهم، كما تكتظ جنبات المساجد بكاميرات الصحفيين وخاصة الجمعتين الأولى والأخيرة من رمضان، حيث تنقل بعض المحطات صلاة الجمعة والتراويح وصلاة العيد مباشرة على شاشة التلفزيون، كما يكثر التلفزيون البرازيلي برامجه عن الإسلام والمسلمين وعاداتهم وتقاليدهم من أكل وشرب ولباس وزواج وأعياد وأفراح.. وفي رمضان تتجلى ثمار الدعوة الإسلامية بين البرازيليين وأبناء الجالية. فقد عمرت المساجد طوال هذا الشهر الكريم وخاصة أثناء كما تختفي ضوضاء الموسيقى البرازيلية من بعض البيوت المسلمة، ويسود سماع القرآن الكريم والأشرطة الدينية المترجمة إلى اللغة البرتغالية، لأن الجيلين الثاني والثالث يكادان لا يعرفان لغة وطنهما وقرآنهما، وهذه إشكالية عويصة في بلاد الغربة، كما يتم الإقبال على مشاهدة القنوات التلفزيونية الإسلامية والعربية التي يلتقطونها عبر الأقمار الصناعية أو عن طريق الاشتراك. واهم ما يميز السلوك الاجتماعي العام للأسر المسلمة البرازيلية في هذا الشهر الكريم برامج الإفطار الجماعية والأسرية، فبرامج الإفطار الجماعي إما أن تكون برعاية مؤسسة خيرية تحرص على تقديم الطعام المجاني للفقراء أو الذين يسكنون في مناطق بعيدة عن المساجد ويتعذر عليهم الإفطار في بيوتهم مع أسرهم، وإما من محسنين أغنياء. البرازيل في سطور تقع دولة البرازيل في قارةِ أمريكا الجنوبية، وتبلغ مساحتها 8 ملايين و548 ألف كيلو متر مربع تقريبًا، ويعيش فيها 170 مليون نسمة، لكنَّ نسبة المسلمين من بينهم لا تكاد تُذكر؛ حيث يعتنق أغلب البرازيليين المسيحية الكاثوليكية، وتعتبر مدن «برازيليا» و»ريو دي جانيرو» و»بارا» أهم المدن البرازيلية.