لم يكن هناك أدنى شك في أن المباراة ضد منتخب الكوت ديفوار، والتي تدخل ضمن التصفيات الأفريقية الخاصة بمونديال روسيا 2018، ستكون قوية وصعبة، والأكثر من ذلك مفتوحة على كل الاحتمالات. إلا أن ما لم نكن نتوقعه أبدا، هو أن يظهر الفريق الوطني بكل هذه السلبية وبكل هذا التواضع المخيف، وبكل هذه الأخطاء الفادحة التي ارتكبها مدرب يعتقد أنه يمتلك لوحده الحقيقة الكاملة. فالمجموعة التي اعتمد عليها الفرنسي هيرفي رونار مساء يوم السبت فوق أرضية مركب مراكش الكبير، وأمام جمهور قياسي، ظهرت عاجزة تقنيا، متهالكة بدنيا، مفككة الخطوط، فاقدة للقدرة على المبادرة، اللهم من مبادرات فردية خجولة لم تزعج كثيرا الحارس صانجار بدرا. كيف يعقل أن يتم الاعتماد على أمرابط كمدافع أيمن في ظل وجود فؤاد شفيق بكرسي الاحتياط، والذي يشغل أصلا هذا المنصب؟ وهل اللاعب أمبارك بوصوفة يصلح كلاعب وسط متأخر، وهل هو مؤهل لافتكاك الكرات، وهو المعروف كصانع ألعاب بامتياز، بينما كلف بهذا الدور الحيوي زميله يونس بلهندة، الذي يبدو أن صلاحيته انتهت منذ مدة، ولم يعد قادرا أن يقوم بأي دور داخل الفريق الوطني، كما تم الاعتماد على حمزة منديلي كظهير أيسر، وهو الفاقد للخبرة والتجربة، وكثيرا ما لاحظنا تخوفه حتى من تسلم الكرة من زملائه، كما أن لياقته لم تسمح له بموصلة الصعود نحو منطقة الخصم عندما يتطلب الأمر ذلك. تم الاعتماد أيضا على اللاعب الصاعد يوسف النصيري كلقب هجوم، والذي بذل مجهودا خرافيا طيلة المباراة، إلا أنه لم يكن بمقدوره هزم دفاع الفيلة أصحاب الببنيات القوية والخبرة والتجربة والتماسك بمختلف الخطوط، بيمنا تخلى بطريقة غريبة عن يوسف العربي الذي شغل هذه المنصب منذ حوالي ست سنوات. كما أدخل هذا المدرب "العبقري" إسماعيل الحداد قبل انتهاء المباراة بثلاث دقائق، والمتعارف عليه أن إدخال لاعب في هذا التوقيت بالذات من عمر المباراة، الهدف منه تضييع الوقت، وقتل إيقاع الخصم، وليس تسجيل الأهداف. تعددت إذن أخطاء هذا المدرب الذي راهن عليه الجميع من أجل تجاوز أخطاء أسلافه، لكن العكس هو ما حصل، إذ جاء بتصورات غربية تماما عن منطق الكرة، كما واصل إصراره على تهميش لاعبي البطولة الوطنية، رغم وجود عناصر قادرة على الدفاع عن القميص الوطني، والأكثر من ذلك اكتسبوا تجربة مهمة من خلال المشاركة بالكؤوس القارية الخاصة بالأندية. تعادل نتيجة مخيبة للآمال، لكنها لا تعني فقدان الأمل، لكن المهمة أصحبت صعبة وتتطلب إصلاح الأخطاء القاتلة والبحث عن التعويض خارج الميدان...