هل يوفق الزاكي في تصحيح أخطاء تحول دون تقديم أداء يمزج بين النجاعة والإقناع .. بعد المقابلة الإعدادية التي خاضها أمام الكوت ديفوار، والتي انتهت بهزيمة مزعجة (0-1)، يعود الفريق الوطني المغربي لكرة القدم لملعب "أدرار" بمدينة أكادير، لخوض لقاء ودي ثاني ضد منتخب أفريقي آخر، لا يقل قيمة عن فريق "الفيلة"، هذا الأخير الذي لم يظهر تلك القوة التي كان ينتظرها المتتبعون، حتى وان تمكن من تحقيق الفوز، إلا أن الأداء في مجمله كان عاديا. ورغم ذلك وبأقل مجهود تمكن "أفيال" الكوت ديفوار من تحقيق الفوز، مستغلا افتقاد "أسود الأطلس" للفعالية على مستوى الأداء الجماعي والنجاعة في خطه الأمامي، وهو ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول قيمة العمل الذي قام به الطاقم التقني بعد سنة ونصف من العمل، وما تطلب من إمكانيات مالية واختبار لقدرات عشرات اللاعبين. مقابلة الكوت ديفوار حضرها جمهور متحمس وجد كالعادة صعوبة كبيرة لولوج الملعب سواء أثناء عملية الدخول أو المغادرة، لكنه شجع العناصر الوطنية طيلة 90 دقيقة، على أمل أن يوفق فريق بادو الزاكي في تقديم قناعات تمنح الاطمئنان والثقة قبل اللقاءات الرسمية القادمة، صحيح أن العرض الذي قدمته العناصر الوطنية خلال الشوط الأول، كان جيدا، إلا أن الجولة الثانية عرفت تراجعا غير مفهوم، مكن أصدقاء جيرفينيو من تحقيق التوازن على مستوى الأداء، ترجمه بالوصول إلى المرمى عن طريق مهاجمه دومبيا سيدو، بضربة رأسية عجز الحارس منير لمحمدي عن صدها. ملاحظات كثيرة خلفها اللقاء الإعدادي أمام منتخب الكوت ديفوار، والتي تهم أساسا العمل الذي يقوم به المدرب بادو الزاكي. فكثرة التغييرات التي تعرفها اللائحة في كل مرة، تفقد الفريق الاستقرار المطلوب، خصوصا على مستوى الخط الأمامي، وما الطريقة الغريبة التي تهدر بها الفرص السانحة والسهلة أمام مرمى الخصم، إلا دليل على عدم استقرار التشكيلة الأساسية. صحيح أن إخفاق يوسف العربي في التحول إلى هداف تاريخي للفريق الوطني، في زمن قياسي، يساهم في عدم التمكن من تسجيل أهداف حاسمة، إلا أن هذا جزء من المشكل وليس كله، ولا يمكن أن نلوم العربي وحده وننسى الدور المطلوب من باقي اللاعبين، فحتى ميسي لا يمكن أن يسجل دائما لوحده، والدليل هو أن هناك هدافين آخرين كنيمار وسواريز وغيرهما. فكثرة التغييرات لا تسمح بالوصول إلى ترسيخ عمق في اللعب وتجانس بين مختلف الخطوط، خاصة وأن التغييرات التي أحدثها الزاكي خلال الجولة الثانية أثرت كثيرا على طريقة اللعب، ولم يعد الفريق معها قادرا على فرض الإيقاع القوي الذي خاض به الجولة الأولى. فإخراج العرابي كان خطأ، والدليل أن حمد الله لم يكن هو البديل المطلوب، ولم يقدم أي شيء يذكر، وعطاؤه في تراجع مستمر، وما انتقاله للدوري القطري إلا مساهمة في هذا التراجع الواضح. كما أن الاعتماد على محسن متولي خطأ كبير، فحتى عندما كان متألقا مع الرجاء البيضاوي لم يكن لاعبا صالحا للمنتخب، وهذه حقيقة راسخة، وهناك أمثلة كثيرة في هذا الشأن، تهم أسماء معروفة كان عطاؤها لافتا مع فرقها، لكنها مع المنتخب عجزت عن إثبات الذات، ويمكن هنا أن نقدم مثالين فقط، فالجناح الطائر فخر الدين رجحي قدم مع الوداد البيضاوي عطاءات لا تنسى، لكنه لم يطبع مروره بالفريق الوطني بأي شيء يستحق الذكر. نفس الشيء بالنسبة لعبد الرحيم الحمراي الذي شكل علامة فارقة في تاريخ الرجاء خلال فترة الثمانينات، لكن مع النخبة، كان حضوره باهتا، وبفترات متقطعة، ومحسن متولي من هذه الطينة، فهو لاعب متميز بتقنياته الفردية وذكائه في قيادة زملائه، لكنه عندما يصل إلى المنتخب لا يستمر بنفس المميزات، في وقت يحتاج الفريق الوطني إلى اللاعب الجاهز بدنيا وتقنيا وذهنيا. خلال الجولة الثانية من لقاء الكوت الديفوار، أدخل الزاكي اللاعب يونس بلهندة، وعودة هذا اللاعب للمنتخب تعتبر رجوعا للوراء، ودون أن نظلم اللاعب، نحيلكم على حصيلة نصف ساعة لعبها أمام الفيلة، والتي تساوي الصفر، وبالتالي فان إعادته لصفوف المنتخب ضياع للوقت، وكدليل آخر على تراجع عطاء بلهندة، فإدارة نادي دينامو كييف الأوكراني تفكر في التخلص منه. ما يعاب على الزاكي كذلك الاعتماد على خط وسط يعجز عن استخلاص الكرة من الفريق الخصم، فلا منير عبادي قادر على القيام بهذه المهمة الحيوية، ولا زميله كريم الأحمدي أصبح قادرا على الاطلاع بدور السقاء، وبالتالي فإن استخلاص الكرة من الخصم يقوم به المدافعون، مما يثقل كاهل رباعي خط الدفاع. ودائما وفي إطار بناء العمليات الهجومية، هناك غياب مساهمة ظهيري خط الدفاع، بجهتيه اليمنى واليسرى، وهذا ما يحرم المهاجمين من إمدادات ضرورية وحيوية، مع العلم أن كرة القدم الحديثة تقتضي اطلاع ظهيري الدفاع بمهام هجومية أصبحت أساسية في كل الخطط الحديثة. كل هذه الملاحظات حول أداء العناصر الوطنية خلال مقابلة الكوت ديفوار، من المفروض أن ينتبه لها المدرب بادو الزاكي الذي يبدو أنه في حاجة إلى تفعيل دور الطاقم المرافق له، خاصة من حيث الاستشارة في الأمور التقنية أثناء المباريات، وهذا التفعيل سيساهم بكل تأكيد في قراءة موفقة وجماعية لمجريات اللقاءات، والأكثر من ذلك القيام بتغييرات موفقة في المكان والزمان المناسبين، وأيضا بواسطة اللاعب المناسب. ننتظر أن تجيب مقابلة اليوم ضد غينيا عن كل هذه الأسئلة الملحة، وهذه مهمة أساسية للطاقم التقني بقيادة المدرب بادو الزاكي، المطالب بتصحيح اختلالات تقنية تجعل المنتخب عاجزا عن تقديم أداء يمزج بين النجاعة والإقناع.