تميز البلاغ الصادر عن الاجتماع الأخير للديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، المنعقد أول أمس، بداية بانتظاره من لدن أوساط واسعة من الطبقة السياسية ووسائل الإعلام ورواد مواقع التواصل الاجتماعي ونخب وفعاليات مجتمعية مختلفة، وذلك بالنظر إلى السياق العام المتصل به والمعروف لدى الجميع، كما أن مضامينه وأفكاره ومواقفه ولغته لقيت جميعها تقدير وإعجاب أغلب المتتبعين، وعبرت مرة أخرى عن علو قامة الحزب التقدمي وحس المسؤولية الكبير لدى قيادته وكافة مناضلاته ومناضليه، وأيضا عن متانة وسلامة بنائه التنظيمي الداخلي وإصراره الواضح على استقلالية قراره وتقدمية هويته ووحدة صفوفه ووضوح رؤيته. أغلب المتفاعلين مع بلاغ الحزب من خارج هياكله صفقوا لجديته ورصانته ووضوح محتواه ومعجمه، ولم يترددوا في التعبير قولا وكتابة وجهارا عن ذلك، بل إن عددا من الفاعلين المعروفين باختلافهم السياسي أو الفكري مع الحزب شهدوا له بتمسكه بقراره السياسي المستقل ودفاعه المستمر عن ذلك، وأبرزوا نجاحه في صياغة الموقف والتعبير عنه. وفي المقابل، كشف بعض كتاب صحفنا "المستقلة جدا" وبعض "محللي" هذا الزمان عن بؤس يبعث على الأسى في القراءة والفهم، وفي الرؤى واللغة والنفسيات... بعض السياسيين، ومنهم محسوبون على قوى يسارية وديمقراطية، بل وقياديون في هياكلها مع الأسف، لم يخجلوا في حمل سكاكين وسيوف ومعاول طافحة بالحقد، وأبانوا عن عقد باتولوجية غريبة، وعن غريزة ل "قتل" كل من يختلف مع تقديراتهم السياسية والتشنيع به. لم يعد الحق في الاختلاف يعني لدى مناضلي الساعة الخامسة والعشرين شيئا، ولم تعد حرية الرأي والتعبير تهمهم، وباتت الديمقراطية ومقتضيات الدولة الحديثة في ذيل اهتماماتهم، وكل هذا فقط لأن حزبا لم يساير صبيانيتهم اللفظية ولم ينخرط في جوقة الشعبوية المحببة لديهم. هل يمكن نعت هذه الحالة فقط بأنها مرض؟ أم إنها انغلاق في العقل وفي البصر وفي البصيرة؟ أم هي كل هذا في نفس الوقت؟ كيف يمكن إذن أن نطور ديناميتنا الديمقراطية، وأن نقوي جاذبية القوى اليسارية والديمقراطية بمثل هذه العقلية البئيسة، وبمثل هذا المزاج العامر بالحقد والتفاهة والانحطاط؟ أيها الديمقراطيون جدا، إن ما عبرتم عنه من غل وأحقاد، وما تفوهتم به من "تشفي"، وما كتبتم من... خواء، كل هذا أساء لكم أولا، وفضح عقم تفكيركم وقصر النظر لديكم، ولهذا لا يمكن مناقشته بلغة السياسة أو بقاموس العقلاء. أما حزب التقدم والاشتراكية، فقد أبان عن جديته ووحدة تنظيمه وبعد نظره، وهو مستمر في عمله السياسي الميداني متنامي الإشعاع، ويقبض على كامل مواقفه وثوابته الوطنية والديمقراطية المعروفة منذ عقود. لقد عبر الحزب كثير محطات في تاريخ البلاد، وهي لم تكن كلها يسيرة، ودافع بشراسة عن وحدة الوطن واستقراره، وعن احترام مؤسساته الوطنية وعن تقدمه الديمقراطي، وخاض من أجل ذلك كثير معارك وسجالات إيديولوجية وسياسية وإعلامية، ولهذا هو باق ومستمر إلى اليوم، ومنذ أكثر من سبعة عقود. التقدم والاشتراكية طوى إذن الصفحة بكثير من الجدية والوضوح، وينكب على مواصلة طريقه النضالي الوطني ضمن مقتضيات هويته الديمقراطية التقدمية من أجل مستقبل أفضل للمغرب وللمغاربة. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته