التقدم والاشتراكية، حزب تقدمي مستقل عصي على الاستهداف كثيرا ما رفضنا الخوض في أي سجال عقيم مع الإخوان في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وحتى عندما كانت كثير تفاهة تصدر عن بعضهم في حقنا كنّا نكظم غيضنا وأسفنا، ونتطلع إلى المستقبل عله يرد العقل إلى عقله... وحين كان بعض هؤلاء الإخوان يلتقطون أي شيء، مهما كان بلا معنى، من داخل تفاصيل بيتنا الحزبي الداخلي لنشره أو لإقامة "الغيطة والطبل" من حوله، كنّا نحن ننأى بأنفسنا وأقلامنا عن كل ما يتيحه لنا واقعهم الحزبي الذاتي من "أخبار" ووقائع وتفاصيل كثيرة ومثيرة، ونتحصن بمدرستنا القديمة التي تمنعنا من التلصص على ذوات الإخوان أو التشفي في مشاكلهم... بعض الاتحاديين، الغريبين حتى عن العمق النضالي والأخلاقي لحزبهم، لم يفهموا هذا الترفع من جانبنا سوى أنه ضعف أو عجز، وواصلوا هجومهم على... التقدم والاشتراكية. زميلنا يونس مجاهد، عضو المكتب السياسي الجديد ونقيب الصحفيين السابق، آخر هؤلاء، وهو لم يتردد في التعبير لموقع "فبراير.كوم" عن استغرابه من "خرجة التقدم والاشتراكية ضد المعارضة..."، كما لو أنه ليس من حق حزب مشارك في الحكومة أن يدافع عن اختيارات هذه الأخيرة، أو كما لو أن رئيس الحكومة وحده من يجوز له ذلك، وأن الآخرين مجرد مريدين بلا لسان أو رأي أو موقف، وهذا التصريح الاتحادي يفضح حقيقة ثقافة مستشرية في العقول، هي وحدها تستدعي التأمل و... التوجس!!!! ثم يستمر يونس في خرجته الغريبة، وينادي في العالمين بكثير من خفة اللسان بأن "بنكيران ليس في حاجة إلى محام"، وكأنه يريد القول بأن مواقف المعارضة موجهة لشخص بنكيران لذاته وليس للحكومة، وبأن "اتركونا وجها لوجه معه"، وهذا نوع جديد من المعارضة على كل حال يؤسس له عضو المكتب السياسي الجديد في الاتحاد الاشتراكي، حيث قوى المعارضة تعارض الأشخاص وليس الحكومة وسياساتها، وتبني وتفصل المواقف على مقاس الأشخاص وليس انطلاقا من مضامين سياسية وبرنامجية جدية ومسؤولة... خفة اللسان والعقل قادت النقيب السابق للصحفيين ليتطاول على حزب التقدم والاشتراكية، وليقول بأن منهجية التوافق و"كرم" الحزب الاتحادي عبر موقفه من قضية العتبة هو ما كان دائما يمكن حزب التقدم والاشتراكية من التواجد في المؤسسات التمثيلية، ولو لم يكن ذلك "لكان التقدم والاشتراكية هو الضحية الأول"، والحال أن الجميع يعرف، ما عدا الزميل الصحفي الكبير جدا، أن الاتحاد الاشتراكي لم يكن يوما يدافع عن عتبة انتخابية معقولة، بل عكس ذلك كنّا دائما نختلف مع ممثليه في البرلمان وفي اجتماعات التشاور مع وزارة الداخلية حول هذا الموضوع بالذات، ما يجعل القول بما قال به مجاهد اليوم هو مجرد كلام بلا أي سند، والغاية منه التحريف والتضليل. اتحادي آخر، هو هذه المرة مسؤول الصحيفة الفرانكفونية التابعة للحزب، اقترف عمودا خصصه للحديث عن رفيقتينا نزهة الصقلي وشرفات أفيلال بحثا عن افتعال تقابل عكسي بينهما في الموقف المبدئي والسلوك النضالي، ورغم أن زميلنا المتمرس على الكتابة في الرياضة وأخلاقياتها خانته الروح الرياضية هذه المرة عندما اقتحم عالم السياسة، وبدا كمن يعجن في الطمي يروم صنع شيء دائم منه، فإننا نود أن نخبره أن الرفيقة شرفات أفيلال هي مناضلة تقدمية مُذ كانت، تماما مثل الرفيقة نزهة الصقلي، وهما معا من المدرسة الحزبية ذاتها، وهما كذلك في غير حاجة لشهادات حسن السيرة النضالية أو لتنقيط من أحد. الأخوان الاتحاديان المتحدث عنهما هنا يجسدان عقلية غريبة وسط بعض قياديي الحزب الحليف بالتاريخ والمواقف والتطلعات، ذلك أن هؤلاء يعيبون على التقدم والاشتراكية أنه اتخذ قرارا سياسيا داخل هياكله التنظيمية الشرعية وبكامل الحرية واستقلالية القرار، ويتحمل مسؤولية قراره... ماذا يريد هؤلاء بالذات؟ هل يودون التحدث باسم حزب التقدم والاشتراكية و"الحجر" عن كل مناضلاته ومناضليه وهياكله وأجهزته التنظيمية المنتخبة؟ هل يودون أن يحددوا له طريقه وخارطة عمله وقيادته للوجهة التي يريدون هم ويرسمون معالمها وغاياتها؟ إن ما يصرح به اليوم يونس مجاهد وما يكتبه اتحاديون آخرون من نفس التوجه أو يصرحون به هنا أو هناك ليس رأيا أو تحليلا، وإنما هو تجسيد لعقلية هيمنية أنانية لا ترى أي عيب في اقتراف التدخل في شأن داخلي لحزب آخر... أيها الإخوة، إننا نعرف كيف نقرأ ما تكتبون، ونجيد التمييز أيضا بين متى تنشرون خبرا ومتى تكتبون رأيا ومتى تمررون الرسائل نحو كل الاتجاهات ومتى تتقيأون الشتائم في حق البعيد والقريب، ولهذا ما يكتبه بعضكم عن التقدم والاشتراكية أو يصرح به هو فعلا رديء، ونعرف أن بعض موقعيه ليسوا سوى "مسمعين" أو ناطقين بما يوحى لهم به، ولذلك فكل هذه التفاهة لن تقدم النقاش السياسي في بلادنا، ولن تفيد أحدا... ما نستغرب له فعلا، أن بعض هؤلاء الإخوة الاتحاديين الذين يرتمون اليوم عراة بلا أي نزاهة لشتم حزب التقدم والاشتراكية، والمزايدة عليه بالمبادئ التقدمية والحداثية، هم أنفسهم من يعيشون واقعهم الحزبي الذاتي داخل حزبهم بكثير من الالتباس واللاموقف، وهم لا يدلون بأي موقف ولا ينبسون ولو بكلمة واحدة تجاه كل الفضائح والخروقات التي تجري حواليهم وتعبر بين سيقانهم، ولا يحتجون أو يغضبون حتى لما يجرون من أنوفهم للصياح، وللاصطفاف العسكري الأخرس والأعمى... أيها الأحبة: إن وقائع السياسة، في بلادنا كما في العالم كله، وتحولاتها هي موضوعية وليست وليدة أمزجتكم، وهي تتطلب منكم التحليل الواقعي والتصورات الواقعية والقراءة الذكية والمتبصرة، وأيضاً السلوك الجدي والرصين والعقلاني، بدل كل هذه الخفة التي هي بلا عقل وبلا أفق. لقد دأب حزب التقدم والاشتراكية مُذ كان على تربية مناضلاته ومناضليه على احترام القوى الديمقراطية الحليفة، وتفادي أي تدخل في شؤونها الحزبية الداخلية، ولا يتمنى من الاتحاد الاشتراكي اليوم سوى التعامل بالمثل، وتقوية الاحترام للحزب ومناضليه، كما أن تطوير العلاقات بين القوى التقدمية والديمقراطية لا يكون لا من خلال شتمها والكذب عنها، ولا من خلال التشنيع بها واستهدافها، ولا أيضا من خلال السعي لإضعافها وتتفيهها، فكل هذه الأساليب جربت من قبل لكنها فشلت، وبقي التقدم والاشتراكية صامدا، ثابتا، يتقدم وينمو ويتطور...