شكلت الدورة الرابعة للجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية التي انعقدت السبت بعين عتيق"ضواحي تمارة" لحظة متميزة لحوار حزبي داخلي رفيع المستوى، خاصة بالنظر للسياق السياسي الوطني الذي التأمت ضمن شروطه. فبعد أن كان التقدم والاشتراكية من ضمن الأحزاب الوطنية القليلة التي عرضت أمام المغاربة قبل انطلاق المسلسل الانتخابي برنامجها الانتخابي وأهدافها والتزاماتها، مثلت اللجنة المركزية مناسبة لتفعيل تقييم صريح وموضوعي للحصيلة وإعلان تفاصيل ذلك للرأي العام الوطني. هنا يبدو واضحا التجلي الأول لجدية الحزب واحترامه لشعبنا. التقدم والاشتراكية كذلك جعل اجتماع "برلمانه الداخلي" منبرا لإنتاج حوار وتفاعل صريحين لم تخل بعض لحظاته من حدة بين الرفاق، لكن رغم ذلك كان الحرص العام على وحدة الحزب ومتانة صفوفه هو الخيط الناظم والمؤطر لمختلف الآراء والتدخلات، وهذا التجلي هو وحده يستحق الانتباه في ظل التوترات الداخلية المتنامية اليوم داخل عدد من أحزابنا، وما يهددها من تصدعات. يعني هذا أن الحزب لم يفقد رغم كل الإكراهات الموضوعية والذاتية ... جديته. في تقرير المكتب السياسي الذي قدمه الأمين العام أمام اللجنة المركزية لم يحضر الوصف وحده أو فقط جرد الحصيلة الرقمية والسياسية، وإنما عرض الحزب تحليلا لأدائه الانتخابي ولما ناله من نتائج، وأيضا للمنظومة برمتها، كما أنه ابتعد كليا عن معجم المزايدة أو اللامعنى واختار التعبير عن مواقفه وقناعاته بكامل الوضوح والموضوعية، وسمى الأشياء والأمكنة والممارسات والهيئات بمسمياتها، قبل أن يستنتج من كل ذلك الخلاصات الضرورية والمطروحة اليوم سواء على الحزب نفسه أو على البلاد وطبقتها السياسية ومختلف مؤسساتها. أي أن الحزب اختار سلوك وفكر ولغة... الجدية. الجدية أيضا كانت حاضرة من قبل، أي لما قرر الحزب بكامل استقلاليته المشاركة في الحكومة الحالية، وكذلك لما اختار الالتزام بتحالفاته ضمن الأغلبية أثناء كل الاستحقاقات الأخيرة والوفاء لمواقفه، ولما انتقد بوضوح من نكث بوعوده، ولما وقف في وجه أي نزوع نحو التحكم والهيمنة ودافع عن احترام التعددية السياسية واستقلالية القرار الحزبي، ولما رفض خطاب المزايدة والشعبوية في الحقل السياسي، وأمام كل ما يتربص اليوم بحياتنا السياسية والحزبية يستحق هذا الحزب العريق بالفعل أن يعترف له بهذه... الجدية. التقدم والاشتراكية يقود اليوم ميدانيا وعمليا وسياسيا وإعلاميا دينامية عامة تشمل حياته التنظيمية والإشعاعية وعلاقاته ومواقفه للتأكيد على أن الجدية و..."المعقول" يجسدهما أيضا حزب يساري اشتراكي تقدمي، وأيضا لإنجاح تقوية صفوف القوى والفعاليات الرافضة لتوجهات الهيمنة والتحكم، والمناضلة من أجل الإصلاح ومحاربة الفساد والريع، وذلك لأن هذه هي المهمة التاريخية المطروحة اليوم على بلادنا وشعبنا، ومن ثم على مجموع الديمقراطيين الاصطفاف ضمن هذا الوضوح بكل ما يفرضه ذلك من... جدية. التقدم والاشتراكية ينكب على بناء ذاته وتقوية إشعاعه ومتانة هياكله، وذلك دفاعا عن تميزه وجديته ومصداقيته وعن... رمزيته التاريخية، لكن أيضا من أجل تكريس جدية ومصداقية أحزابنا الحقيقية، ومن أجل تجميع الإرادات الوطنية لكسب رهان مشروع مجتمعي يقوم على الإصلاح والديمقراطية والانفتاح والوحدة والحرية، ويحقق الاستقرار والتنمية لبلادنا والتقدم لشعبنا. الحزب يعتمد على مناضلاته ومناضليه لتحقيق كل هذا، ويصر على اختياراته الكبرى وعلى ... جديته. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته