من جديد تكتوي الشقيقة تونس بنار الإرهاب، ويتعرض وسط عاصمتها لتفجير إجرامي خلف ضحايا ومصابين من أفراد الحرس الرئاسي كانوا يركبون حافلتهم... العصابات الهمجية تصر على القتل وعلى توجيه رسائل الدم والوحشية وعلى تكرار الضربات التي تستهدف أمن تونس واستقرارها ووحدتها. المجرمون ضربوا هذه المرة نخبة الأجهزة الأمنية بتونس، وفعلوا ذلك بشارع محمد الخامس وسط العاصمة وغير بعيد عن وزارتي الداخلية والسياحة وعن مقر البنك المركزي، وبالتزامن مع إقامة أيام قرطاج السينمائية التي تشهد حضور فعاليات أجنبية ضمنها عدد من الفنانين المغاربة كذلك، وكل هذا لم يكن بلا إشارات أو رسائل، خصوصا أن هذا العمل الإرهابي البشع يأتي عقب تفجيرات باريس، وهو الثالث الذي تتعرض له تونس هذه السنة... تونس التي أسس شعبها لما سمي لاحقا بالربيع العربي، والتي تنكب، برغم كل الصعاب والمثبطات، على تطوير مسارها الديمقراطي والمؤسساتي العام، هي التي تتعرض لاستهدافات العصابات الإجرامية الإرهابية، وعلى جثث أبنائها يوجه الإرهابيون رسائلهم الدموية للجميع ويعلنون التصعيد الهمجي. لهذا ما تعرضت له تونس يعنينا كلنا، ويعني كل المدافعين عن السلم والحرية في العالم، وجميعنا يجب أن نقف اليوم مع تونس والى جانب شعبها وقواها الوطنية والديمقراطية من أجل...هزم الإرهاب. الشعب التونسي عبر عن رفضه للإرهاب ونزل إلى وسط العاصمة يحمل الورود وشعارات الإصرار على الصمود، كما أن التونسيين واصلوا الإقبال على فعاليات أيام قرطاج السينمائية وحضروا إلى القاعات لمشاهدة الأفلام، وليعبروا للعالم بأن الحياة لن تتوقف، وكل أشقاء تونس وأصدقائها يجب أن يشجعوا اليوم الحياة في تونس، ويحرصوا على تقوية شروط صمود الشعب التونسي ومقاومته للإرهاب الدموي. نحن في المغرب، من حقنا كذلك أن نخاف اليوم على بلادنا، جراء ما يحدث في محيطنا القريب والبعيد، وأن نطالب بتقوية اليقظة الأمنية لحماية أمن البلاد واستقرارها ووحدتها، كما أن تنامي الإجرام الإرهابي صار يفرض تطوير مقاربات وأساليب المواجهة والتصدي واعتماد سياسات وخطط متكاملة وشمولية والتقائية واستباقية، بالإضافة إلى أن السؤالين الديمقراطي والتنموي يفرضان اليوم الحرص على استحضارهما وتقوية منسوب المنجزات العملية ذات الصلة بهما، والحرص الجماعي على مواصلة الإصلاحات على أرض الواقع ورفض أي تراجع أو عودة إلى الوراء. بالمزيد من الانفتاح والحرية وبصيانة التعددية وتطويرها ورفض التحكم والتطبيع مع الفساد وبتقوية المنجز التنموي المرتبط بتطلعات شعبنا ومطالبه الاجتماعية، وبتثمين التأطير الثقافي والفكري وإشعاع قيم التسامح والاعتدال والوسطية، بكل هذا يمكن هزم الإرهاب ضمن مقاربة شمولية ومتكاملة إلى جانب النجاعة الأمنية والاستخباراتية.