لتقديم «علم شرعي بدون ألغام» بادرت الرابطة المحمدية للعلماء، مؤخرا، إلى إطلاق موقع إلكتروني، علمي وتفاعلي، اختارت له اسم "الرائد"، وذلك في إطار مواكبة العلماء المغاربة لمستجدات العصر وواقع مجتمع التواصل والأنترنت الذي يستقطب مختلف الفئات الاجتماعية، وعلى رأسها فئة الشباب. فشباب اليوم الذي يقبل بشدة على مواقع التواصل الاجتماعي، أصبح عرضة لمختلف التأثيرات الإيجابية والسلبية للعالم الافتراضي الواسع، بما فيها توجهات التطرف المختلفة عموما وتيارات التطرف الديني على وجه الخصوص. وفي عالم صارت فيه المعلومة منتشرة بشكل واسع على الانترنت ومواقع التواصل، أضحت الحاجة كبيرة في نفس الوقت إلى مستوى من الوعي والمناعة الفكرية من أجل نوع من "الفلترة" لكم المعلومات الهائل المتواتر أمام عيون وعقول الشباب يوميا على الشبكة العنكبوتية. والأمر ينطبق على جميع أنواع المعلومات والمعارف، وعلى رأسها المعرفة الدينية التي أضحت بدورها محط اهتمام وفضول من شرائح واسعة من الشباب. في هذا السياق، جاء إطلاق الرابطة المحمدية للعلماء لهذه المنصة العلمية الإلكترونية التي يريدها أصحابها "منارة علمية لرواد الإبحار الرقمي النافع"، تروم، كما يقول الأمين العام للرابطة، الدكتور أحمد العبادي، "تقديم العلم الشرعي والسياقي بطريقة فاعلة وآمنة، ناجعة ووظيفية"، أو بعبارة أخرى"تقديم بدائل معرفة دينية آمنة وبدون ألغام"، بما يتوافق مع منهج الوسطية والاعتدال الذي اختاره المغرب والمغاربة. وتندرج المبادرة كذلك في صميم انشغالات الرابطة المحمدية للعلماء، الرامية إلى التعريف بأحكام الشرع الإسلامي الحنيف ومقاصده السامية، والعمل على نشر قيم الإسلام السمحة وتعاليمه، وتعزيز الحضور العلمي والأكاديمي والتواصلي الوظيفي والناجع على مستوى شبكة الأنترنت، فضلا عن المساهمة في الإجابة على الأسئلة "الحارقة" و"الضاغطة" التي تؤرق عموم المتلقين في عهدنا الحالي. كما أنها تأتي ضمن الحركية الدينية التي شهدتها بلادنا في العقد الأخير، بتوجيهات من جلالة الملك الهادفة إلى تجديد الخطاب الديني وتقريب البعد المقاصدي للشرع الإسلامي من المواطنين. وعلى الرغم من هوية المنصة كموقع أكاديمي وعلمي- فهي ليست موقعا لإصدار الفتاوى ولا منبرا للنقاش العمومي- فإنها اختارت بناء مبسطا ومنهجا سلسا لتقديم مختلف العلوم الشرعية وكذا التطرق لجل الإشكالات الدينية المعاصرة. واعتمد الموقع على مجموعة من العلماء والأطر والتقنيين من أجل إبداع أشكال تواصلية في متناول عموم المتلقين، من خلال دروس ومحاضرات مركزة ووجيزة، لا تتجاوز 12 دقيقة، وضمن وحدات علمية مصنفة تتطرق إلى علوم العقيدة وأصول الفقه، وعلوم الحديث والبلاغة، وعلم التصوف، والمذهب المالكي.. فضلا عن النظرية السياسية الإسلامية، وعلوم التربية، وعلوم السياق التي تطرق في مستهلها الدكتور عبادي نفسه، في سلسلة محاضرات، إلى مسألة التطرف كإشكال سياقي ملح في الفترة الراهنة. ويتميز الموقع بسمة التفاعل والتطور، بحيث يعمل على مد المسجلين فيه بخدمة تندرج في إطار عملية "التعليم عن بعد"، إذ يتمكن المستفيد من طرح الأسئلة وإبداء الملاحظات، وفي ختام كل وحدة علمية تقدم له شارة الاجتياز، من أجل المرور إلى وحدة موالية بمستوى أعمق. واختار الموقع وضع 21 وحدة علمية حاليا، سيتم رفعها تدريجيا إلى 30 وحدة، بهدف تقديم معرفة أكثر عمقا وشمولية. وتجدر الإشارة أن منصة الرائد مفتوحة في وجه كل طالبي العلم، من خلال تسجيل بسيط ومتاح على الموقع الذي يطمح إلى أن يمس أكبر شريحة من المتلقين عبر التفاعل بأربع لغات هي العربية "حاليا" والفرنسية والإسبانية والإنجليزية في مستقبل قريب.