إدريس الرضواني: المشروع استحضر النفس التنموي لكن لا نرضى تحقيق التوازنات الماكر اقتصادية على حساب التوازنات الاجتماعية انتهت أشغال المناقشة العامة للجزء الأول من مشروع قانون المالية لسنة 2016، بمداخلات الفرق، من ضمنها فريق التقدم الديمقراطي الذي انتقد الرهان على بعض التدابير الجبائية والتي ستنعكس، بشكل "سلبي" على القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين، داعيا إلى البحث عن مصادر أخرى جديدة للتضريب، بدل الاكتفاء باستهداف نفس الفئات، مما قد يؤثر على التوازنات الاجتماعية، خاصة فئة الطبقة المتوسطة والطبقات الهشة، والرفع من مستوى الحكامة سواء عند استخلاص مداخيل الدولة أو من خلال صرف الاعتمادات المالية. بهذا الخصوص، سجل إدريس الرضواني عن فريق التقدم الديمقراطي، في معرض تناوله للشق الاقتصادي والمالي في مشروع قانون المالية لسنة 2016، بإيجابية الأهمية التي أولاها المشروع للقطاعات الاجتماعية، من خلال عمله على مكافحة الفقر والهشاشة وسد العجز المسجل في المناطق البعيدة والمعزولة، في مجال البنيات التحتية والخدمات الاجتماعية الأساسية على الخصوص في مجالات الطرق والماء والكهرباء والتعليم والصحة. ولاحظ أن المشروع استحضر النفس التنموي، من خلال السعي إلى دعم العرض العمومي عبر الرفع من حجم الاستثمارات العمومية بنسبة 13 في المائة مقارنة مع سنة 2015، لتصل حصة الاستثمار العمومي في الميزانية العامة 189 مليار درهم بالنسبة لمشروع قانون المالية لسنة 2016، إلى جانب تخصيص حوالي 26 ألف منصب شغل بالوظيفة العمومية. فيما يلي النص الكامل لمداخلة: السيد الرئيس؛ السيدات والسادة الوزراء؛ السيدات والسادة النواب؛ باسم فريق التقدم الديمقراطي، يشرفني أن أتناول الكلمة في إطار المناقشة العامة للجزء الأول من مشروع القانون المالي للسنة المالية 2016، في الجانب الاقتصادي والمالي. اسمحوا لي بداية، أن أؤكد لكم على أن مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2016 لها أبعاد سياسية و اقتصادية وتقنية مهمة، حيث يتميز باهتمام وبمتابعة جميع شرائح المجتمع المغربي، كما يصادف هذا القانون، من جهة إتمام تنزيل المقتضيات الدستورية الجديدة المتعلقة بالمالية العامة، من خلال صدور القانون التنظيمي للمالية، ومواصلة باقي مضامين البرنامج الحكومي الذي التزمت به الحكومة، و تنزيل ورش الجهوية، من جهة أخرى. وهي مناسبة أيضا للتذكير بخصوصية السياق العام الذي يأتي فيه هذا المشروع المتميز بالتحسن الايجابي لجميع المؤشرات الماكرواقتصادية، مقارنة مع السنوات السابقة. السيد الرئيس؛ السيدات والسادة الوزراء؛ السيدات والسادة النواب؛ إن الحكومة اليوم تتوفر على هوامش حقيقية للتحكم في عجز الميزانية، بالنظر إلى تراجع كلفة الفاتورة الطاقية من خلال الانخفاض المهم لأسعار بعض المواد البترولية، و تحقيق مستوى قياسي للمحصول الزراعي الذي بلغ 115 مليون قنطار، علاوة كذلك على تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج والتي ارتفعت بنسبة 5.2 % وكذا ارتفاع الاستثمارات المباشرة الأجنبية بنسبة 22.8 % وهذه كلها مؤشرات ايجابية تدل على نجاح الحكومة في اختياراتها من جهة، وعلى ثقة المستثمرين في بلادنا وفي استقرارها، وتبديد كل المخاوف التي سبق الترويج لها، من جهة أخرى. إننا نأمل في فريق التقدم الديمقراطي، أن يكون لهذه المؤشرات الايجابية، انعكاسا مباشرا على المواطنات والمواطنين في الجوانب المتعلقة بمستوى قدرتهم الشرائية و بنمط عيشهم أو من خلال توفير فرص الشغل، وتحسين مستوى مختلف جوانب المعيش اليومي. تمويل عجز الميزانية عن طريق الاقتراض أمر لا يمثل عيبا من الناحية الاقتصادية وفي ما يخص المشروع، فإنه يتضمن توقع تحقيق نمو اقتصادي في حدود 3 % ومواصلة تقليص عجز الميزانية إلى 3.5 % من الناتج الداخلي الخام، وهي نسبة قريبة من النسبة التي سبق للحكومة أن التزمت بتحقيقها، إذ تراجعت من 7.1 % سنة 2012 إلى 4.3 % سنة 2015، وهذه نسب تؤكد مجهودات الحكومة. لكن من حقنا التساؤل، ألم يكن ممكنا الاحتفاظ بنسبة عجز أكبر بقليل من 3.5 % لتعزيز الاستثمار وتوفير مناصب الشغل لشبابنا وشاباتنا الذين يئنون تحت وطأة البطالة والفقر والتهميش. إننا في فريق التقدم الديمقراطي واعون أن تمويل عجز الميزانية عن طريق الاقتراض أمر لا يمثل عيبا من الناحية الاقتصادية إذا كان هذا الاقتراض سيوجه إلى الاستثمار الذي سينعكس ايجابيا على التشغيل، والذي ما أحوجنا اليوم إلى الرفع من مستواه، لحل مشكل البطالة وتقوية جاذبية الاستثمار لبلدنا مما سيؤدي إلى توسيع السوق الداخلية والرفع من القدرة الشرائية وتحسين عيش المواطنات والمواطنين، خصوصا الطبقة الفقيرة. إن المديونية ينبغي أن توجه أساسا إلى إنجاز المشاريع لا إلى القيام بدراسات لمشاريع ووضعها في الرفوف لسنين، ثم تتقادم وتعاد الدراسة من جديد، أو يتطلب الأمر مرة أخرى تحيين الدراسة قبل إنجاز المشروع. السيد الرئيس؛ السيدات والسادة الوزراء؛ السيدات والسادة النواب؛ إن مشروع قانون المالية لسنة 2016 كما هو بين أيدينا ينخرط في التوجه الذي رسمته الحكومة و التزمت به تجاه البرلمان أثناء مناقشة قوانين المالية خلال السنوات الماضية، يتميز اليوم بتعافي المؤشرات الماكرو إقتصادية، وهذا دليل على نجاح الإصلاحات التي اتخذتها الحكومة في ما يخص إعادة توجيه النموذج التنموي. أهمية خاصة للقطاعات الاجتماعية في جوانبها المتعددة إننا نسجل أن المشروع يعطي أهمية خاصة للقطاعات الاجتماعية في جوانبها المتعددة من خلال مكافحة الفقر والهشاشة وسد العجز المسجل في المناطق البعيدة والمعزولة، في مجال البنيات التحتية والخدمات الاجتماعية الأساسية على الخصوص في مجالات الطرق والماء والكهرباء والتعليم والصحة، كما يستحضر النفس التنموي، من خلال السعي إلى دعم العرض العمومي عبر الرفع من حجم الاستثمارات العمومية بنسبة 13% مقارنة مع سنة 2015، لتصل حصة الاستثمار العمومي في الميزانية العامة 189 مليار درهم بالنسبة لمشروع قانون المالية لسنة 2016، إلى جانب تخصيص حوالي 26 ألف منصب شغل بالوظيفة العمومية. كما نسجل التحسن الايجابي بخصوص نسب إنجاز الاستثمارات العمومية، والتي هي في تحسن مستمر بين سنتي 2011 و2014 بحيث انتقلت من 64.6 % إلى 68.59 %؛ السيد الرئيس؛ السيدات والسادة الوزراء؛ السيدات والسادة النواب؛ مما لاشك فيه أن الرهانات المطروحة على قانون المالية للسنة المقبلة هي ذات وقع مهم، و لن تلخصها بعض التدابير الجبائية المعزولة، التي نسجل تجاوب الحكومة مع البعض منها، في مقابل رفضها لبعض المقتضيات التي نعتبرها أساسية وذات حمولة معنوية ورمزية كبيرة، ومنها الرفع من قيمة الضريبة على القيمة المضافة بالنسبة للنقل السككي من 14 % إلى 20 % ، إضافة إلى إجراءات ضريبية أخرى، لا يسع المجال لذكرها، وهو ما سيكون له، بكل تأكيد انعكاس سلبي على القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين. فاليوم أصبح من اللازم البحث عن مصادر أخرى جديدة للتضريب، وهو الأمر الذي خلصت إليه بعض توصيات المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول تضريب مواد الرفاه والكماليات، بدل الاكتفاء باستهداف نفس الفئات، مما قد يؤثر على التوازنات الاجتماعية، خاصة فئة الطبقة المتوسطة والطبقات الهشة، والرفع من مستوى الحكامة سواء عند استخلاص مداخيل الدولة أو من خلال صرف الاعتمادات المالية. حان الوقت للقطع مع سياسة إغناء الغني وإفقار الفقير جميل أن ننجح في تحقيق التوازنات الماكر واقتصادية، ولكن لا نرضاها أن تكون على حساب التوازنات الاجتماعية وعلى حساب الطبقات الفقيرة على الخصوص، لقد حان الوقت للقطع مع سياسة إغناء الغني وإفقار الفقير، واعتماد مقاربة قائمة على رؤية تنموية يكون محورها الإنسان، وتعتمد سياسة جديدة لتوزيع الدخول، وتثمين الثروة اللامادية وجعلها رافعة للتنمية ببلادنا. إن تحقيق التقدم والتنمية ببلادنا يقتضي من الحكومة، وضع مخطط لمواجهة الإشكاليات الهيكلية للاقتصاد الوطني، وعلى رأسها: - معالجة إشكالية المديونية بالشكل الذي يجعلها موجهة إلى الاستثمار؛ - الحد من تأثير تقلبات السوق النفطية العالمية بمواصلة الاستثمار المكثف في مجال الطاقات المتجددة ومصادر أخرى؛ - مواجهة إشكالية التقلبات المناخية وانعكاساتها على المحصول الفلاحي وذلك بمواصلة سياسة السدود وتعبئة الموارد المائية الممكن تعبئتها وأيضا عبر ترشيد استعمالات هذه المادة الحيوية؛ - إدماج القطاع غير المهيكل في النسيج الاقتصادي الوطني المهيكل واستدراجه تدريجيا إلى مجال التضريب ومواصلة لعب دوره الاجتماعي علاوة على الاقتصادي؛ - ضرورة تثمين الثروة اللامادية الوطنية. تلكم، السيد الرئيس، السيدات والسادة الوزراء، السيدات والسادة النواب، مساهمة فريق التقدم الديمقراطي، في مناقشة الجزء الأول من مشروع القانون المالي لسنة 2016، إذ بالرغم من تسجيل بعض ملاحظاتنا بشأنه، فإننا سنصوت بالإيجاب لصالح هذا المشروع.