يعتبر تتويج محمد ربيعي، كبطل للعالم للملاكمة في وزن أقل من 69 كلغ، بعد فوزه على واحد من أقوى الملاكمين على الصعيد الدولي في هذا الوزن، ألا وهو الكازاخستاني دانيار يلوسينوف، إشراقة جميلة في تاريخ الرياضة الوطنية عموما، والملاكمة بصفة خاصة، بعد سنوات من الجفاف، فقدت خلالها المكانة التي كانت تحتلها على الصعيد الدولي، خاصة بعد اعتزال مجموعة من النجوم وأساسا عدائي ألعاب القوى. عودة الملاكمة الوطنية بعد غياب طويل، يعد بالفعل حدثا استثنائيا، إذ أن آخر إنجاز لها سجل بدورة سيدني الأولمبية سنة 2000، بفضل الملاكم الطاهر التمسماني الفائز بنحاسية وزن الريشة، وهى الميدالية الأولمبية الثالثة، بعد نحاسيتي الأخوين عشيق عبد الحق ومحمد، خلال دورتي سيول 1988 وبرشلونة 1992. رجوع الملاكمة المغربية إلى الواجهة الدولية، يعتبر بحق تأكيدا على أن هناك أملا ليس في رياضة الملاكمة فقط،بل في باقي الأنواع، شريطة توفر الظروف التي تسمح بممارسة رياضية سليمة، تحاط بها كل الضمانات التي تمنح الممارس مناخا يؤهله للمنافسة على أعلى مستوى. محمد ربيعي ابن حي البرنوصي، يعتبر نتاجا خالصا لنادي شباب البرنوصي الذي يعتبر من الأندية القليلة الرائدة على الصعيد الوطني، بفضل إنجابه لعدد من الملاكمين المتميزين، كما أنه يغذي حاليا النخبة الوطنية بستة ملاكين دفعة واحدة، وهذا يحسب للمدرب حرفي الغزواني الذي هو في نفس الوقت الرئيس والمدرب والمسؤول الأول والأخير، وبفضل مجهوده وحبه لهذا الرياضة، استطاع هذا النادي أن يشكل مدرسة حقيقية، رغم الخصاص وقلة الإمكانيات. فوز ربيعي باللقب العالمي بالعاصمة القطرية الدوحة، كان بعيدا عن مدربه الأصلي المغربي الغزواني، هذا الأخير عوض مدربا من حيث قيمة التدريب والعطاء اسمه المرحوم الزروغي مدرب خشبة الحي المحمدي، والذي يعود له الفضل في بروز العديد من الملاكمين الأبطال، وخاصة الأخوين عشيق، والأكيد أن الغزواني كان يتمنى لو تفضلت الجامعة بدعوته لحضور النزال التاريخي الذي قاد "ابنه رياضيا" نحو التألق. المؤكد أن تتويج ربيعي الذي خص بالذكر هو يتحدث عن إنجازه في مقابلة تلفزية، المدرب الكوبي روخاس سكوت فقط، دون أن يشير بالاسم إلى والده الروحي الغزواني، لا يعني أن الملاكمة الوطنية بألف خير، بل هناك مشاكل كثيرة تعاني منها الأندية الوطنية، إلى درجة أن استمرارها يعتبر معجزة كبيرة، واللقب العالمي من المفروض أن يكون مناسبة لفتح نقاش حقيقي حول واقع هذه الرياضة، التي ارتبط بها إلى أمس قريب البعد الدولي للرياضة المغربية، إلى جانب كرة القدم وألعاب القوى والتنس. وعلى هذا الأساس، لا يجب أن يشكل التألق الاستثنائي لهذا البطل الشجرة التي تخفي غابة المشاكل التي تعرفها رياضة الفن النبيل، بل على العكس من المفروض أن تفتح عهدا جديدا، قوامه التسيير المحكم، النزيه والشفاف الذي يضع مصلحة الملاكم في المقام الأول، مع ضرورة تقوية الأندية الوطنية من الداخل حتى تصبح قادرة على إنجاب عشرات الملاكمين المتميزين. فليكن تتويج ربيعي، بمثابة بداية ل "ربيع" جديد للملاكمة المغربية... هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته