يرى خبراء روس ان وضع سوق الحبوب العالمية قد يزداد تدهورا وسوءا مع احتمال انخفاض محاصيل اوكرانيا وكازاخستان الزراعية، بسبب موجة الجفاف التي اجتاحت البلدين خلال ذروة الموسم الفلاحي، وهو ما سيؤثر لا محالة على السوق العالمية، باعتبار ان البلدين تعدان من بين اهم الفاعلين في هذه السوق. ويتوقع الخبراء الروس ان تحذو اوكرانيا وكازاخستان حذو روسيا بحظر تصدير الحبوب مؤقتا، بسبب انخفاض محاصيلها من الحبوب، على الاقل الى غاية نهاية السنة الجارية، وهذا ما اشارت اليه الحكومة الكازاخيةمؤخرا، حيث أعلنت أنها ستناقش مع الفعاليات الداخلية المعنية، مسألة حظر صادرات الحبوب في وقت لاحق من هذا الشهر، ونفس الشئ بالنسبة لاوكرانيا، خاصة بعد ان برزت مؤشرات تؤكد تراجع محصول كزاخستان من الحبوب بنسبة 30 بالمائة مقارنة مع مستوى 2009، وكذا انخفاض محصول أوكرانيا بنسبة 13 بالمائة السنة الجارية. وتتطابق مؤشرات الانخفاض التي اعلنت عنها حكومتا اوكرانيا وكازاخستان مع ما اعلنت عنه منظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة (فاو) خلال الاسبوع الماضي، والتي اكدت توقعاتها ان الإنتاج العالمي من الحبوب في عام 2010 سيتراجع بشكل كبير قد يتعدى النصف، بسبب موجة الجفاف التي اصابت المحاصيل في روسيا الاتحادية، وتتسبب ايضا في انخفاض الإنتاج في كزاخستان وأوكرانيا. واعلنت وزارة الزراعة الكازاخية مؤخرا انها وان كانت لم تعلن بعد عن قرار يقضي بفرض حظر على تصدير الحبوب الى الخارج، لتأكدها من تحقيق الاكتفاء الذاتي الوطني بالرغم من حالة الجفاف التي تصيب عددا من مناطق البلاد، الا انها وفي حالة اصدار هذا القرار، ستستثني روسيا منه او انها ستمنح الاولوية لموسكو في بيع وتصدير الحبوب، باعتبار العلاقات المتيزة التي تجمع البلدين وسهولة تسويق منتوجاتها بهذا البلد، خاصة وان موسكو وأستانيا يجمعهما الاتحاد الجمركي. وتؤكد الدراسات المنجزة حاليا في روسيا ان تراجع المحاصيل في روسيا وجارتيها اوكرانيا وكازاخستان، ستفقد السوق العالمية ملايين الاطنان من الحبوب قد تتراوح ما بين 30 و40 مليون طن من الحبوب، منها نحو 7 ملايين من اوكرانيا ونفس الكمية تقريبا من كازاخستان والباقي من روسيا. ويصل الإنتاج السنوي للحبوب في أوكرانيا إلى ازيد من 50 مليون طن، فيما يبلغ معدل الاستهلاك المحلي كحد أقصى بين 20 و30 مليون طن، الأمر الذي يسمح بتصدير نحو 20 مليون طن من الحبوب، أي بما يعادل 10 بالمائة او اكثر من صادرات الحبوب العالمية. ويشير متوسط التقديرات إلى أن كازاخستان المجاورة ستواجه تراجعا أكبر في محصولها، بعد أن بلغ محصولها مستوى قياسيا في 2009، بينما سينخفض محصول أوكرانيا الى حدود الخمس مقارنة مع السنة المنصرمة. ويؤكد الخبراء الروس ان هذا الوضع الاستثنائي الذي تعرفه اوكرانيا وكازاخستان ومعها روسيا، سيؤدي الى ارتفاع الأسعار العالمية للحبوب بشكل حاد وغير مسبوق قد يتعدى مستوى سنة 2008، مع مراهنة الأسواق على نقص في الإمدادات العالمية، في غياب الشحنات من بين أكبر المصدرين في العالم. وتبرر اوكرانيا قرارها بتقليص صادرات الحبوب واحتمال حظر تصدير الحبوب الى ارتفاع درجة الحرارة وجفاف الطقس، التي اثرت سلبا على محصول أوكرانيا من الحبوب وتسببت ايضا في انخفاض حاد في الإمدادات المتاحة من الحبوب للتصدير، وهو ما اجبر ايضا الحكومة الاوكرانية على فرض حصص تصدير محددة للحبوب، الرئيسية تخضع للمراقبة المستمرة، في محاولة منها للسيطرة على تصاعد الطلب المحلي على الحبوب وارتفاع أسعار الخبز. واشارت وسائل الاعلام الروسية الى ان المنظمات العالمية المعنية تضغط على روسيا لكي لا يستمر حظر تصدير حبوبها لفترة طويلة، كما تضغط على اوكرانيا وكازاخستان لكي لا تصدر اي قرار شبيه بقرار روسيا، حتى لا تسبب في نزيف اخر في الاسواق العالمية للحبوب. ورغم كل المساعي لتطويق ازمة الحبوب في العالم بعد تاثر فاعلين اساسيين في مجال زراعة الحبوب، الا ان ما هو وارد هو ان دولا كروسيا وكازاخستان واوكرانيا، لن تغلب الا مصلحتها الذاتية اولا ومصلحة ارتباطاتها الاقليمية، قبل ان تفكر في تجنب السوق العالمية ازمة, قد تبقى حاضرة لسنوات قادمة اخرى بسبب الخلل الذي سيصيب الاسواق هذه السنة.