دعا المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، عبد العزيز بن عثمان التويجري مؤخرا، إلى تطوير حوار استراتيجي بين المؤسسات الدينية والثقافية الإسلامية والمسيحية، والرقي بمستوى هذا الحوار خدمة للتضامن الإنساني وتعزيزا للاحترام المتبادل. جاء ذلك خلال افتتاح أشغال مؤتمر دولي حول "تعزيز ثقافة الاحترام والتضامن الإنساني بين أتباع الأديان السماوية" منظم ببوينوس أيريس على مدى يومين بتعاون بين الإيسيسكو والمجلس البابوي للحوار بين الأديان التابع للفاتيكان، والمنظمة الإسلامية لأمريكا اللاتينية والكاريبي، ومعهد الحوار بين الأديان، وأيضا وبالتنسيق مع الحكومة الأرجنتينية. وحث التويجري على تضافر جهود أتباع الأديان السماوية من أجل إرساء قواعد نظام عالمي يقوم على مشروع أخلاقي مشترك يساهم في إعادة حضور القيم الدينية السمحة في المشهد العالمي بما يليق وحجم التراكم الحضاري للأديان السماوية، محذرا في هذا السياق من انتشار أنماط غريبة من الفكر والسلوك تخالف الفطرة الإنسانية والقيم الدينية تروج لها أطراف عديدة وهو ما قد يؤدي، برأيه، إلى "حدوث اختلالات خطيرة في بنية المجتمعات الإنسانية تحت ضغط الجماعات المتطرفة، أو الجهات المنحازة إليها، لإكراه المجتمعات الإنسانية على تبني أفكار وأنظمة بعيدة عن روح الأديان". وفي تقدير المدير العام للإسيسكو فإن مسؤولية أخلاقية على قدر كبير من الأهمية تقع على المؤسسات الممثلة لأتباع الديانات السماوية وبالتالي فأنه بات لزاما على هذه المؤسسات تقديم أجوبة مقنعة عن أسئلة تؤرق الضمير العالمي في مجالات الأمن والسلم والاقتصاد والعلوم والبيئة والهجرة وغيرها من المجالات. ومن جهته اعتبر الكاردينال جان لويس توران، رئيس المجلس البابوي للحوار مع الأديان، أن الحوار الحقيقي بين أتباع الديانات السماوية هو ذاك الذي يقوم على الاحترام المتبادل ويصون كرامة الإنسان خاصة المهجرين من أوطانهم بسبب النزاعات والصراعات والحروب والفقر، مشددا على أن الدين ليس سببا في نشوب النزاعات بل قد يكون جزءا من الحل المبحوث عنه. أما نائب وزير الخارجية الأرجنتيني، إدواردو زوين، فاعتبر أن بلاده تقدم نموذجا للتعايش بين الديانات والثقافات يتجاوز حدود التسامح والقبول بالآخر وثقافته وقيمه تحقيقا للاندماج الاجتماعي وهو ما يعد إثراء للمجتمع خاصة وأن الأرجنتين تعايشت مع الهجرة وقبلت بها مع ضمان جميع الحقوق المترتبة عن ذلك والحرص على تحقيق مبدأ المساواة بين الجميع لخلق ثقافة التعايش والتفاعل، مسجلا في هذا الاتجاه أن الثقافة والتربية تعتبران وسيلتان فعالتان وقويتان من أجل تحقيق الاندماج الاجتماعي. وفي كلمته بالمناسبة شدد الأمين العام للمنظمة الإسلامية لأمريكا اللاتينية والكاريبي، محمد يوسف هاجر، بالخصوص على ضرورة تغليب كفة السلام باعتباره السبيل لتعزيز العدالة الاجتماعية والتعايش المشترك وربط جسور التفاهم بين الشعوب. ويروم المؤتمر، الذي حضره العديد من الشخصيات والمفكرين من العالمين الإسلامي والمسيحي، معالجة آثار خطاب الكراهية والتمييز، وإشاعة ثقافة السلم والتعاون والإخاء والعدل، مع التأكيد على تفعيل دور القيادات الدينية والمؤسسات الثقافية في التقريب بين أتباع الأديان السماوية والثقافات من أجل بناء القيم الإنسانية المشتركة على قاعدة الاحترام والتضامن الإنساني. وتضمن برنامج المؤتمر، الذي يسعى أيضا إلي تجديد الخطاب الديني من أجل ترسيخ ثقافة الحوار والسلم، عقد أربع جلسات عمل تمحورت حول "الثقافة الدينية والقيم الإنسانية المشتركة"، و"تعزيز الحوار بين أتباع الأديان السماوية في خدمة التضامن الإنساني"، و"الصور النمطية المشوهة عن الأديان السماوية وسبل تصحيحها"، و"دور المؤسسات الدينية في تعزيز الاحترام بين أتباع الأديان السماوية".