دعا "نداء فاس"، الذي اعتمده المشاركون في ختام أشغال الندوة الدولية حول "تعزيز حوار الحضارات واحترام التنوع الثقافي"، إلى ابتكار أشكال جديدة للتفاعل والتفاهم بين الثقافات والحضارات، خاصة في ظل التحولات التي يعرفها العالم والموسومة بعولمة أشكال التبادل وتكاثر موجات الهجرة وحركة الأشخاص. وطالب المشاركون في هذه الندوة الدولية، التي نظمتها تحت الرعاية الملكية السامية منظمة (الإيسيسكو) والمنظمة الدولية للفرانكفونية، بشراكة مع منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، الدول والحكومات والمجتمع الدولي إلى مواصلة الجهود وتعزيزها سعيا إلى بناء حوار فاعل بين الحضارات والثقافات والأديان وترسيخ ثقافة السلام داخل الأمم وفيما بينها وذلك من خلال التأكيد على المساواة في الكرامة والاعتراف بثقافات الشعوب والمجتمعات. وشدد "نداء فاس" على ضرورة أن تقوم الحكومات والجهات المسؤولة عن الشؤون الدينية وزعماء الأحزاب بمضاعفة الجهود من أجل إحياء وإرساء قيم الحوار والتعايش السلمي والعيش المشترك على نحو مستدام في ظل احترام المبادئ والممارسات الدينية وحرية التعبد والمعتقد. وألح المشاركون على أهمية عدم تسخير الأديان ولاسيما الديانات السماوية الثلاث بأي شكل من الأشكال مطية لأنماط الحكم أو التدبير السياسي والاجتماعي ذات الطابع التمييزي، مشيرين إلى أن الحوار بين الحضارات والثقافات يجب أن يقوم على أساس القيم الإنسانية التي تدعو إليها الأديان وذلك في تكامل مع قيم حقوق الإنسان المتعارف عليها عالميا. وأعرب المشاركون في المؤتمر عن اقتناعهم بأن الأنشطة التربوية على جميع مستويات النظم التعليمية الوطنية ينبغي أن تكون الأداة المثلى للحوار بين الحضارات والثقافات والأديان، وذلك عبر اعتماد المفاهيم والنماذج الناجحة للحوار بين الثقافات مع تعزيزها وتطويرها ضمن التخصصات القائمة على مستوى المناهج الدراسية. وأوضح المشاركون أن جميع أشكال التعبير الثقافي كفيلة بتوطيد الحوار وتوسيع آفاقه وتشجيع الإنصات إلى الآخر ومعرفته وترسيخ احترام الاختلاف، وذلك اعتبارا لدور المبدعين والفاعلين الثقافيين في تفعيل احترام التنوع الثقافي والقيم الديمقراطية المتعارف عليها عالميا، مشيرين إلى أن وسائل الإعلام مطالبة بدورها بالعمل على تيسير الظروف الملائمة للحوار والإسهام في خلق مناخ الانفتاح والتسامح اللازم لقيام هذا الحوار. وأكد "نداء فاس" تضامن المشاركين في هذه الندوة الدولية مع شعوب المنطقة والشرق الأوسط التي شهدت في الآونة الأخيرة تقلبات كبرى وعاشت معاناة كبيرة ودخلت مرحلة حاسمة من تاريخها. وكان السيد عبد العزيز بن عثمان التويجري، المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) أكد، خلال الجلسة الختامية لهذا المؤتمر الدولي، أن الرسالة السامية التي وجهها صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى المشاركين في هذا الملتقى الدولي "تعد وثيقة بالغة الأهمية" باعتبارها "تعزز أدبيات الحوار بين الثقافات وأتباع الأديان والتحالف بين الحضارات وتغني ثقافة الحوار". وأضاف السيد التويجري أن الرسالة الملكية السامية "رسمت خريطة الطريق للنخب العالمية المهتمة بقضايا الحوار وما يتفرع عنها من موضوعات كثيرة وللعاملين في هذا المجال الحيوي". ودعا المدير العام لمنظمة (الإيسيسكو) إلى تقوية وتعزيز الحوار الداخلي على مستويات عديدة من أجل دعم الوئام وترسيخ الوفاق وتقوية لحمة الوحدة الوطنية التي قال إنها بمثابة الجدار الصلب الواقي من التصدع وانفراط العقد الاجتماعي. وبحثت الندوة الدولية حول "تعزيز حوار الحضارات واحترام التنوع الثقافي"، التي حضر أشغالها نحو خمسين من الشخصيات السياسية والدينية والفكرية من مختلف بلدان العالم تحليل التقدم الذي تم تسجيله على مستوى حوار الحضارات واحترام التنوع الثقافي مع تشخيص المخاطر والعقبات التي تعيق الجهود التي تروم تعزيز الحوار بين الثقافات والأديان في ضوء ما تشهده العلاقات الدولية من تغيرات. كما ناقش هذا المؤتمر الدولي، الذي احتضنته مدينة فاس من 30 شتنبر إلى 2 أكتوبر الجاري التصورات الكفيلة بوضع إطار عمل لتعزيز فرص نجاح الحوار بين الثقافات والحضارات من خلال اعتماد الآليات المناسبة في مجالات التربية والإبداع الثقافي والإعلام.