دفعة جديدة لمشروع الجهوية المتقدمة شكل الخطاب السامي الذي وجهه جلالة الملك محمد السادس يوم الجمعة الماضي إلى الأمة، بمناسبة الذكرى السابعة والخمسين لثورة الملك والشعب، مناسبة أخرى لتجديد العهد والعزم على المضي قدما في مسيرة بناء مغرب الديمقراطية والنماء، تأكيدا، كما قال جلالة الملك، على إرادة دائمة ومتجددة لاستحضار واستلهام القيم النبيلة والمتوهجة لذكرى 20 غشت، التي وحدت بين العرش والشعب من أجل استرجاع استقلال الوطن والدفاع عن سيادته ومقدساته. وكما جاء في الخطاب السامي، فإن اختيار المغرب، ملكا وشعبا، للمشروع الديمقراطي والحداثي، مازال يثير حفيظة أعداء الوطن، وخاصة من خلال المبادرات الهامة التي اتخذتها الدولة المغربية في السنوات الأخيرة والتي خلقت دينامية غير مسبوقة في تحقيق هذا المشروع. وعلى رأسها المبادرة الجريئة المتمثلة في اقتراح تخويل الأقاليم الجنوبية لبلادنا حكما ذاتيا في ظل الوحدة والسيادة المغربيتين، وهي المبادرة التي حظيت بتنويه ودعم دوليين كبيرين، جعلا خصوم وحدتنا الترابية يكثفون محاولاتهم لنسف كل الجهود المبذولة لوضح حد للنزاع المفتعل حول الصحراء. وكدأب جلالته، فإنه كان حاسما في التشديد مجددا على أن تعنت الخصوم «لن يزيدنا إلا إصرارا على مواصلة التطور الديمقراطي والتنموي»، مؤكدا في نفس الوقت، أن «حقوق المواطنة لا يمكن تصورها أو ممارستها، إلا في ظل الالتزام بالحق الأسمى للوطن في الوحدة والسيادة». وبنفس روح التجديد والتحفيز، تحدث الخطاب الملكي السامي عن ورش الجهوية الموسعة، حيث اتخذ جلالة الملك هذه المناسبة موعدا لإعطاء انطلاقة جديدة ودفعة قوية لهذا الورش الكبير، والذي يريده جلالته تجسيدا متكاملا للنموذج التنموي والمؤسسي للمغرب، ومنهجا رائدا لتوطيد الحكامة الترابية الجيدة، والتنمية المندمجة. وفي هذا الإطار، دعا جلالة الملك إلى إنضاج تصور الجهوية المتقدمة من خلال أربع مستويات، يتعزز أولها بنقاش وطني كبير وتعبئة شاملة حول المشروع بهدف تبنيه الجماعي، والانخراط القوي لإنجاحه. في حين يتطلب المستوى الثاني، كما يقول جلالته، وضع خارطة طريق واضحة ومضبوطة، لحسن تفعيله، بخطوات متدرجة، وبواسطة الهيآت المؤهلة، والآليات المؤسسية والتنموية الملائمة والناجعة. وحدد جلالته المستوى الثالث، في انكباب الحكومة، بموازاة أعمال اللجنة، على إعداد ميثاق لعدم التمركز، يقوم على نقل الصلاحيات والموارد البشرية والمالية اللازمة للجهات. ولم يفت جلالة الملك التأكيد، في مستوى رابع، على دور الأحزاب السياسية في تعزيز هذه الجهود من خلال أداء مهامها في «المساهمة الفعالة في إعداد وتأطير نخب مؤهلة لحسن تدبير الشأن الجهوي». وذكر جلالته في ذات السياق، بمختلف الأوراش التنموية والبشرية والمستدامة، والمخططات القطاعية، ذات البعد الجهوي التي تجسد «تحولا نوعيا وغير مسبوق، في تاريخ التحرر التنموي لبلادنا، مكن من تعزيز انفتاح المغرب على العالم، وكذا بين جهاته، وفك العزلة عن المناطق النائية والمهمشة، ووضع حد نهائي للمقولة الاستعمارية للمغرب النافع وغير النافع». أنظر النص الكامل للخطاب الملكي على الصفحة 2