توقف جلالة الملك في خطاب العرش، بكثير من الصراحة والحزم، عند معاناة مغاربة العالم مع عدد من القناصلة وداخل بعثات دبلوماسية مغربية أثناء سعيهم لإنجاز وثائق إدارية، أو لإيجاد حلول لبعض المشاكل الشخصية والمدنية والاجتماعية... جلالة الملك أوضح أن هذه المعاناة رواها له مباشرة عدد من المهاجرين لما كان يلتقيهم في زياراته الدولية، ولم يخف استنكاره لذلك وامتعاضه لما يتخلى دبلوماسيون مغاربة عن خدمة مواطنين مغاربة، ووجه وزارة الخارجية إلى ضرورة وقف هذه الممارسات والحرص على كرامة مغاربة العالم واستقبالهم بالشكل اللائق من لدن المصالح القنصلية التي هي مسؤولة أولا وقبل كل شيء عن هذه الجوانب الإدارية والاجتماعية. فعلا بعض قناصلة المملكة في الخارج تعتبر المصالح الذاتية وحضور حفلات المجاملة والعلاقات العامة هي شغلهم الأول، وأحيانا الوحيد، ولا يقضون أيامهم إلا في البحث عن طرق للاغتناء الشخصي وقضاء مصالحهم ومصالح أقربائهم، وينسون أن الدولة تدفع لهم رواتبهم أولا من أجل خدمة مصالح الجالية وإنجاز معاملاتها الإدارية والاجتماعية... من جهة ثانية بعض هؤلاء يتصرفون كما لو أنهم في مقر للشرطة أو أنهم في تحقيق مع متهمين ألقي عليهم القبض، ويكون استقبالهم وتعاملهم وأسلوب حديثهم مع المغاربة الذين يزورون القنصليات مفتقدا للحد الأدنى من الاحترام وآداب التعامل واللياقة... ينسى هؤلاء الدبلوماسيون(!!!!) أن الأمر يتعلق بمغاربة يقيمون في بلدان لها ممارسة إدارية ومنظومة اجتماعية ومؤسساتية وديمقراطية عريقة ومتقدمة، ومن ثم تقودهم المقارنة المنطقية إلى الإحساس بكثير من الأسى والغبن جراء ما يعانونه داخل قنصليات بلدهم. لا يعني طبعا أن الصورة أعلاه هي عامة ووحيدة، وإنما هناك فعلا قناصلة ودبلوماسيون يمتلكون كثير كفاءة ونزاهة ومسؤولية وأخلاق، وتقضى على أيديهم حوائج الناس، لكن المعاناة التي أبرزها خطاب العرش موجودة فعلا وفي كثير من بلدان العالم، والمطلوب اليوم هو بالذات ما حث عليه جلالة الملك وزارة الخارجية. ليس الاهتمام هنا بأوضاع جاليتنا موسميا أو مرتبطا بفترة العودة إلى الوطن، وإنما التنبيه الملكي كان ينطلق من حقائق موجودة على الأرض، وجاء ضمن لغة صريحة وواضحة، بل وحتى لما توقف عند تمثيلية المهاجرين في مؤسسات البلاد لم يجار خطاب المزايدة والمواقف الكلامية المعلقة في الهواء، وإنما انطلق من إكراهات الواقع ومن الحقائق الموضوعية ليحث على تمثيل مغاربة العالم في هيئات الديمقراطية والحكامة والهياكل الاستشارية... التوجيهات الملكية المتضمنة في خطاب العرش بشأن المهاجرين يجب أن تكتسب في أقرب وقت امتدادها العملي على أرض الواقع عبر إجراءات ملموسة وقرارات حازمة وخطط عمل مدروسة ومحكمة. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته