تختتم مساء غد السبت، بمدينة أكادير فعاليات الدورة 12 لمهرجان "تيميتار: علامات وثقافة" الذي تميز بمشاركة ثلة من الفنانين القادمين من مناطق مختلفة من العالم من أجل التغني بقيم السلم والاختلاف والتعايش. وقد حظي الفنان الأمازيغي الراحل عموري مبارك، الذي انتقل إلى دار البقاء في 14 فبراير الماضي، بتكريم فني وتضمن برنامج تكريم هذا الفنان، الذي طبع الأغنية الأمازيغية العصرية ببصمته الخاصة، بعرض العمل الفني الذي يحمل عنوان "أيتها النحلة .. أريد مرافقتك في الطريق"، وهو عبارة عن إبداع مبتكر من طرف الفنان عبد الرزاق الزيتوني، ويجمع بين المسرح والغناء والرقص، مع الاحتفاء بالجسد تحت أشكال مختلفة ومتنوعة. كما تضمن هذا التكريم تقديم ألبوم غنائي جديد للفنان عموري مبارك يحمل عنوان" أناروز ن سيفاو"، وهو من إنتاج "جمعية تيميتار"، التي دأبت خلال الدورات السابقة على إصدار مجموعة من الألبومات الغنائية، تشجيعا منها للفن والفنانين. وأوضح خالد بازيد، المدير العام للمهرجان، في لقاء عقده اليوم مع الصحافة، أن إقدام "جمعية تيميتار" على هذه المبادرة يندرج في إطار الحرص على نشر وإشاعة الثقافة المغربية الأمازيغية في أشكالها المختلفة، غناء ومسرحا وشعرا وغيرها من الأشكال التعبيرية الأخرى، فضلا عن كون هذه المبادرة تعتبر التفاتة وفاء وعرفان اتجاه فنان بصم بطابعه الخاص الأغنية الأمازيغية العصرية على امتداد عقود متتالية. من جهتها، ذكرت لطيفة اليعقوبي، نائبة مدير المهرجان ومسؤولة الأنشطة الموازية، ببعض المحطات المميزة في مسيرة الفنان الراحل عموري مبارك، ومن ضمنها مشاركته في إحياء سهرات سابقة لمهرجان تيميتار. كما سجلت حرص المهرجان على تكريم أسماء إبداعية أخرى شكلت علامات بارزة في الإنتاج الثقافي والفني المغربي الأمازيغي كما هو الشأن مثلا بالنسبة للأديبين الراحلين علي صدقي أزايكو، ومحمد خير الدين، ومجموعة إزنزارن الغنائية. من جانبها، قالت زهراء تانيرت، أرملة الراحل عموري مبارك، إن الألبوم الجديد الذي أصدرته "جمعية تيميتار" يشكل مرآة لمجموعة من الأفكار والمبادئ التي كان يؤمن بها الفنان الراحل، كما يشكل الألبوم من الناحية الفنية عصارة تجربة لفنان مبدع، كرس حياته لخدمة ثقافة وطنه. يذكر أن الراحل عموري مبارك من مواليد 1951 بمنطقة اركيتة في إقليمتارودانت، وقد انضم إلى المجموعة الغنائية الأمازيغية "أوسمان" (البرق)، التي لقيت أغانيها نجاحا منقطع النظير خصوصا في عقد السبعينيات، سواء في المغرب أو في الخارج، خاصة في فرنسا. وانفصل الراحل عن مجموعة "أوسمان" سنة 1978 ليواصل مشواره الفني منفردا حيث غنى قصائد لشعراء أمازيغ مرموقين أمثال محمد مستاوي، وعلي صدقي أزايكو، حيث غنى لهذا الأخير قصيدة "جانفيليي" التي حاز بها على الجائزة الثالثة للمهرجان الأول للموسيقى العصرية المغربية الذي نظم في مدينة المحمدية سنة 1985. وتميزت هذه الدورة أيضا بتنوع فنون الطرب والغناء، حيث ضم ضروبا مختلفة من الفنون الموسيقية، والإيقاعات الغنائية من طرب أمازيغي، سواء منه المنتسب لمنطقة سوس أو الأطلس المتوسط، إلى جانب الألحان الأفريقية ، وموسيقى الجاز، فضلا عن الاحتفاء بأجود ما تعرفه الموسيقى الإلكترونية من إبداعات فنية. وقد أعطت فرقة "أحواش ايت باعمران" إشارة الإنطلاقة لهذا المهرجان فوق الخشبة الرئيسية التي نصبت في ساحة الأمل بقلب مدينة أكادير، حيث أدت هذه الفرقة بعضا من أعذب الأنغام الموسيقية الأمازيغية الممزوجة بالرقصات المعبرة، ليعقبها الفنان الأمازيغي الرايس سعيد أوتجاجت الذي طوع آلة الرباب لتنطق بأحسن ما جادت به قريحة هذا الفنان الشاب من جميل الألحان وأبلغ الاشعار. وألهب فنان الراي الجزائري رضى الطلياني حماس الجمهور الذي حج بكثرة إلى ساحة الأمل حيث أدى هذا الفنان ثلة من أجمل الأغاني التي رددها معه الجمهور بحماس منقطع النظير، قبل أن تصعد الخشبة الفنانة سعيد شرف ذات الصوت الجهوري الذي زاد من حماس الجمهور الذي ردد معها مقاطع من الوصلات الغنائية التي أدتها. أما في مسرح الهواء الطلق، فكان لجمهور مهرجان تيميتار موعد مع الفنان المغربي إدريس المالومي الذي يطوع آلة العود لتنطق بأجمل الأنغام صحبة فرقته الموسيقية، كما استمتع جمهور المهرجان في أولى أمسياته بمسرح الهواء الطلق بثلة من أجمل الاغاني التي أداها الفنان الأردني مكادي نحاس، والفنانة المغربية الصاعدة خنساء باطمة، فضلا عن مشاركة مغربية أخرى تمثلت في أشعار الرايسات. ومن جملة الأسماء الغنائية الأخرى التي استمتع جمهور مهرجان تيميتار بغنائها خلال دورته 12 هناك ماريو لوسيو من جزر الرأس الأخضر، ورياض العمر من لبنان، والرايسة فاطمة تيحيحيت من المغرب، وفيوفاركا توري من مالي، والنجمة اللبنانية ديانا حداد، وبعض نجوم الأغنية الشعبية المغربية في مقدمتهم الستاتي، والداودية. يذكر أن مهرجان تيميتار صنف سنة 2014 كواحد من أفضل المهرجانات الموسيقية العالمية من طرف المجلة الأنجليزية المتخصصة " سونغ لاين"، حيث يشكل هذا الملتقى الغنائي موعدا سنويا للتمازج الفني والثقافي الذي تتفاعل خلاله الموسيقى العالمية بمختلف أصنافها.