بداية القوس والسهام.. الفتوحات.. أنواع الأسلحة وخاصيتها... 5 الجيش العربي أقوى جيش شهده العالم في أقصر فترة زمنية ممكنة الحلقة 5 بعد الحلقات التي خصصناها للحديث عن تاريخ الرياضات والألعاب التقليدية بالمغرب، وقدمنا حكاياتها، قوانينها، أنواعها، وطرائف وصور من هذا الموروث الثقافي والرياضي الغني، نعود في إطار نفس السلسلة الرمضانية لتقديم كتاب في حلقات للدكتور عدنان درويش عبد الغني جلّون بتصرف، خصصه لتاريخ الرماية والمسايفة والقوس، والدور الذي لعبه الإسلام في إغناء هذا الموروث الضارب في جذور التاريخ. ويقول عنان درويش في كتابه أن بعض الدارسين يقررون أن الرماية بالقوس والسهام قديمة جداً ويرجعها بعضهم إلى آدم ونوح عليهما السلام، بينما ينسبها بعضهم إلى أمم وأفراد جاؤوا من بعد، يقول العلامة الدينوري في السهام (ت 733ه): وأما مبدأ عملها وأول من رمى بها، اختلف الناس في القوس ومبدأ من رمى عنها، فقال بعض أهل العلم: إن القوس جاء بها جبريل إلى آدم عليه السلام، وعلمه الرمي عنها، وتوارثه ولده إلى زمن نوح عليه السلام، وذكرت الفرس في كتاب الطبقات الأربع: أن أول من رمى عنها جمشيد الملك الفارسي، وقيل إنه كان في زمن نوح عليه السلام، وتوارثه بعده ولده طبقة بعد طبقة. وقال آخرون: )إن أول من رمى عنها النّمرود، وخبره مشهور في رميه نحو السماء وعَوْد سهمه إليه وقد غُمس في الدم.، ورمى عنها بعد النمرود سامن اليماني ثم كند بن سامن ثم رستم من المجوس ثم اسفنديار وغيرهم، وقيل إن أول من وضعها بَهرام جور بن سابور ذي الأكتاف، وهو من الملوك الساسانية، وإنه عملها من الحديد والنحاس والذهب، ولم يكن رآها من قبل ذلك فلم تطاوعه في المدّ فعمله من القرون والخشب والعَقب. وهذا القول مردود على مقاله، لأن القوس الأول لم تزل تفتخر بالرمي في الحروب والصيد، ولم يُنقل أن الرمي انقطع في دولة منهم، والله أعلم). ويذكر الأستاذ مصطفى الفرحاني: أن «أول هدف رمي فيه بعد رمي أهل الحجاز الهدف الذي بدمشق في باب شرقي، وكان أنشأه أبو عبيدة بن الجرَّاح ورمى فيه جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أخبرني بذلك جماعة من أهل الشام، وبعده أو قريب منه أهداف مصر وملوك حلوان وآثار الصحابة في هذه المواضع كثيرة. فأما أهل العراق من أهل الكوفة والبصرة وغيرهم فأول رميهم الذي يأتي إلينا كان في أيام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، فقد حكى لنا أنه لما اتسع الإسلام وخالطت الفُرس العرب ورموا معهم، رأى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، فقد حكي أن يعمل لهم قوساً وسطى يعني بين العَربي والفَارسي، فعمل القوس المعروفة بالواسطية، وإنما اسمُها من الوسطية إلى الواسطية. في الحالات الثلاثة التي سدناها، تعتمد الرماية على خبرة الرامي ومدى معرفته وخبرته في تقدير المسافات، إضافة إلى نوعية القسي والسهام، ولا تأتي هذه الخبرة إلا بكثرة الرماية والتدريب المستمر تحت إشراف أستاذ عالم بفنون الرماية بالسهام، حيث تتحكم هذه الخبرة بمدارات الرماية لاكتساب الخبرة في تقدير المسافات). بغض النظر عن نوع السهم والقوس وتوافق أجزائهما مع بعضها البعض من حيث الطول والقصر وقوة الخيل، ونوعية الخشب وبقية ما يلزم السهم والقوس من شروط تختص بصناعتهما، تعتمد سُرعة السهم على خبرة وسرعة الرامي في إطلاق سهامه مجال الاختبار، لذلك فقد خصص أساتذة الرماية بالسهام اختباراً لمعرفة سرعة السهم، فعلى الرامي بعد أن يتخذ مكانه في الميدان أن يرمي ثلاثة أسهم متتالية، بحيث يرمي السهم الأول، ثم يلحقه بالسهم الثاني، على أن يكون رماية السهم الثاني مباشرة قبل غياب غبار السهم الأول، ثم يرمي السهم الثالث، الذي يصل إلى قبل اختفاء غبار السهم الثاني، وهكذا، أما إذا كان هناك فرق كبير ما بين السهام الثاني والثالث، فيرجع ذلك إلى بطئ رماية الرامي أو فساد في صناعة القوس أو السهام. . 4 مكانة غزوة الخندق من السرايا والغزوات النبوية الشريفة قال ابن هشام: حدثنا زياد بن عبد الله البكائي، عن محمد بن إسحاق المطلبي، وكان جميع ما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه سبعاً وعشرين غزوة. وكانت بعوثه صلى الله عليه وسلم وسًراياه ثمانية وثلاثين من بين بَعْثٍ وسَرِيةٍ. إن تفاصيل جميع غزواته وسراياه وبعوثه صلى الله عليه وسلم، سيطيل بنا المقام والحديث، فمن الأيسر بمكان الإيجاز بذكر آثار الرماية بالسهام وما ورد في بعض السرايا والغزوات التي سجلت للتاريخ الإسلامي والرماية بالسهام معايير ومبادئ وأسس التاريخ الحربي والاجتماعي والرياضي للأمة الإسلامية. هذا التاريخ الذي شهد له قادة وعلماء ومستشرقو الغرب، وهذه شهادة البروفيسور إدمونت بوزورث الذي يؤكد ويقول : "كَوّنَ الجيش العربي أقوى جيش شهده العالم في أقصر فترة زمنية ممكنة". ولما: " لم يكن بين القوم قتال إلا الرمي بالنّبل والحصى، فأوقع الله بينهم التخاذل، ثم أرسل عليهم، في ظلمة شديدة من الليل ريح الصبا الشديدة في برد شديد، فأسقطت خيامهم، وأطفأت نيرانهم وزلزلتهم، حتى جالت خيولهم، بعضها ببعض في تلك الظلمة فارتحلوا خائبين. برزت أهمية غزوة الخندق في الكشف عن آثار الرماية بالسهام، كما برز دور الفرسان والرجَّالة الرماة في هذه الغزوة، حيث كانوا يمثلون الخطوط الأكثر أهمية في الدفاع والهجوم على جيش المشركين، كما برز في هذه الغزوة دور الرماية بالسهام في استقصاء دور جيش المشركين ومنعهم من عبور الخندق أو الوصول إلى جيش المسلمين بالرغم من المحاولات العديدة التي باءت جميعها بالفشل. نظراً لعدم تمكن جيش المشركين من المقابلة الفعلية المباشرة لجيش المسلمين، بسبب تَتَرُّس جيش المسلمين بالخندق والساتر الترابي الذي عمل على منع جيش المشركين من الوصول إلى جيش المسلمين، لذلك " لم يكن بين القوم قتالٌ إلا الرمي بالنّبل والحصى، فأوقع الله بينهم التخاذل، ثم أرسل عليهم الله، في ظلمة شديدة من الليل ريح الصبا الشديدة في برد شديد، فأسقطت خيامهم، وأطفأت نيرانهم وزلزلتهم، حتى جالت خيولهم، بعضها في بعض في تلك الليلة الظلمة فارتحلوا خائبين". ونتيجة لذلك حددت أسلحة جيش المسلمين بثلاثة أنواع من الأسلحة هي : القوة المادية: وتشمل على: الأسلحة التالية: البيضة، الترس، الحجارة، الحربة، الدرع، الرمح، السيف، القناة، القوس، المِغْفَر، النبال. . 1 القوة المعنوية: التي تربى عليها جيش المسلمين بفضل توجيهات ونصائح وإرشادات النبي صلى الله عليه وسلم 2 القوة الإلهية: -الريح والمطر والبرد- التي مد بها الله سبحانه وتعالى رسوله صلى الله عليه وسلم لدعم جيش المسلمين.