من العار أن تتم متابعة فتاتين قضائيا بسبب ارتدائهما تنورتين.. هذا أمر مرفوض وغير مقبول بالمطلق الجامعة المغربية ليست فقط إطارا لإنتاج الكفاءات ولكنها أيضا فضاء للبحث العلمي وإنتاج المعرفة الجامعة فضاء لإنتاج قيم الحداثة والتحرر والتسامح وليس فضاء لإنتاج التزمت والتطرف والإقصاء انتخاب فاطمة الزاوي رئيسة جديدة لقطاع التعليم العالي والبحث العلمي لحزب التقدم والاشتراكية ويوسف الكواري كاتبا عاما حذر محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، من الانجرار وراء نقاش هوياتي سطحي، والخوض في نقاش قضايا مهزوزة لا تغني ولا تسمن من جوع، وترك القضايا الجوهرية التي يتعين الانكباب عليها بشكل جدي ورصين من قبل كل مكونات المجتمع المغربي. وعبر محمد نبيل بنعبد الله، في كلمة له خلال اللقاء الوطني لقطاع التعليم العالي والبحث العلمي لحزب التقدم والاشتراكية الذي نظم بتعاون مع فريق التحالف الاشتراكي بمجلس المستشارين، أول أمس السبت بالرباط، عن رفضه المطلق لمتابعة الشابتين سناء وسهام، قضائيا بتهمة الإخلال بالحياء العام لمجرد ارتدائهما "تنورتين". وقال الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، خلال هذا اللقاء الذي أدارته فاطمة الشعبي عضوة الديوان السياسي وعضوة قطاع التعليم العالي والبحث العلمي للحزب، (قال) "من العار ومن غير المقبول أن تتم متابعة فتاتين، قضائيا، بسبب ارتدائهما تنورتين، هذا أمر مرفوض وغير مقبول بالمطلق" مشيرا إلى أنه باشر هذا الموضوع، بمعية امحند العنصر الأمين العام للحركة الشعبية، واتصل برئيس الحكومة عبد الإله بنكيران الذي عبر له بدوره عن رفضه المطلق لما حصل. وأوضح نبيل بنعبد الله، أن رئيس الحكومة، فور علمه بهذه القضية حاول الاتصال من أجل معالجتها، لكن لما أصبح الأمر بيد القضاء، لم يعد ممكنا توقيف المسار القضائي، معربا في الوقت ذاته، عن أمله في أن يخلا سبيلهما، وأضاف الأمين العام لحزب الكتاب، أن مثل هذه القضايا، تؤثر سلبا على صورة المغرب، في جميع المناحي، مؤكدا، في الوقت ذاته، أنه من غير المقبول أن ترهن البلاد وراء بعض الحرائق المفتعلة، في إشارة إلى الأحداث التي أتيرت مؤخرا بشكل متواتر ومنتظم، من الحفل الموسيقي لجينيفر إلى "قبلات فيمن بحسان" مرورا بفيلم "الزين اللي فيك". واعتبر الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، أن الغاية من وراء إثارة هذا النقاش الذي وصفه ب "السطحي" هو إشغال الحكومة وطمس الإنجازات التي حققتها، داعيا مختلف أطراف الحقل السياسي إلى الخوض في نقاش قضايا جوهرية تهم مصير الشعب برمته، والابتعاد عن حصر النقاش في قضايا سطحية، مشيرا إلى أن لا أحد ناقش في الجوهر تقرير المجلس الأعلى للتعليم، وتم اختزاله في مسألة اللغة، وكأن مشكل التعليم ببلادنا، اليوم، محصور في اللغة أي في البعد الهوياتي. من جانب آخر، أكد المسؤول الحزبي، أن الجامعة المغربية ليست فقط، إطارا لإنتاج الكفاءات للاقتصاد الوطني أو للإدارة لمغربية، ولكنها أيضا فضاء لإنتاج المعرفة والبحث والعلمي، داعيا إلى ضرورة تقوية هذه الجوانب، حتى تظل الجامعة فضاء لإنتاج المعرفة وإنتاج قيم الحداثة والتحرر والتسامح وليس فضاء لإنتاج التزمت والتطرف والإقصاء. وحذر نبيل بنعبد الله من وجود مخاطر حقيقية تحدق بالجامعة المغربية، وتحاول جرها إلى أحضان التطرف والإقصاء والعنف، ما يفرض، في نظره، على جميع الفاعلين والمتدخلين تحمل المسؤولية، كاملة، لإعادة الجامعة المغربية إلى أمجادها.. وحث الأمين العام، أساتذة حزبه، على ضرورة الرفع من درجة التأطير الفكري والمرجعي في الوسط الجامعي وخارجه، مشيرا إلى أن ما وصل إليه حزب التقدم والاشتراكية اليوم، هو بفضل التأطير الفكري والمرجعي لجيل الرواد من أمثال المحتفى بهم اسماعيل العلوي وعمر الفاسي الفهري، الطيب الشكيلي. وذكر محمد نبيبل بنعبد الله، بقوة ووحدة حزب التقدم والاشتراكية، الذي يحتضن كل مناضليه، واستطاع، عبر مساره التاريخي، أن يدبر اختلافاته بشكل ديمقراطي وبصدر رحب، في المحطات التي كانت تتطلب موقفا حاسما، مرورا بقرار المشاركة في حكومة التناوب التوافقي بقيادة عبد الرحمان اليوسفي، وصولا إلى قرار المشاركة في الحكومة الحالية التي يرأسها حزب العدالة والتنمية، حيث كان هناك بعض المناضلين الذين اعتبروا المشاركة في هذه الحكومة، نشازا، ويطرح للحزب إشكالات حقيقية، لكن يقول الأمين العام، "بفضل المثابرة والممارسة والحضور المتميز على الساحة، مع الحفاظ على استقلالية القرار الحزبي والدفاع عنها بشكل مستميت، هناك، اليوم، إجماع داخل حزب التقدم والاشتراكية، والإقرار بسداد مواقفه". وفي السياق ذاته، أكد نبيل بنعبد الله أن حزب التقدم والاشتراكية، بفضل مواقفه وحضوره المتميز في المشهد السياسي الوطني، أثبت وجوده وقوته في الحقل السياسي، مشيرا إلى أن التحالف السياسي مع حزب العدالة والتنمية هو ضرورة تاريخية، وعلى الأطراف التي ترى في هذا الاختيار خطأ، أن ترى اليوم الموقع الذي بات يحتله حزب التقدم والاشتراكية، ولو فرط في هذا الاختيار لكان مصيره غير الوضع الذي هو عليه اليوم. من جانبه، أكد يوسف الكواري، منسق قطاع التعليم العالي والبحث العلمي لحزب التقدم والاشتراكية، والذي انتخب في نهاية الأشغال، كاتبا عاما للقطاع، على الدور الفعال الذي تُؤَسِّس له منظومة التربية والتكوين عموما، ومنظومتَا التعليم العالي والبحث العلمي خصوصا، في بناء تنميةٍ شاملةٍ ومستدامةٍ لبلادنا، مبرزا العمل الجبار الذي أضطلع به الرعيل الأول من مناضلي حزب التقدم والاشتراكية في سبيل بناء جامعة مغربية تتلاءم مع متطلبات العصر، بارتباطها بهموم وقضايا الشعب المغربي، جامعة تؤسس لبناء مجتمع المعرفة، في إطار يحافظ على سلاسة بنيته الفكرية والاجتماعية والثقافية والتاريخية والإنسانية. وأضاف الكواري، أن حزب التقدم والاشتراكية وهو يمارس عمله السياسي، من داخل قوى صف اليسار الاشتراكي الديمقراطي المغربي، يُؤسِّس، في العمق، من خلال مشروعه المجتمعي، لبناء مجتمع تسوده المعرفة والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص بين مكونات الشعب المغربي والمساواة بين الأفراد والجماعات والجهات في الحقوق والواجبات. وأوضح يوسف الكواري أن قطاع التعليم العالي والبحث العلمي لحزب التقدم والاشتراكية، اشتغل إلى جانب بعض مكونات القوى اللحية بالبلاد، من أجل المساهمة للوصول لجامعة فعالة ومُواطِنة ترتكز، في المقام الأول، على أسسِ الديمقراطية والحكامة الجيدة وتسعى إلى العمل من أجل تقدم البلاد وسعادة الإنسان المغربي، في إطارٍ يؤسس، للملاءمة بين التكوين والتشغيل، والالتقائية في الجهود. وأكد الكواري على مسألة الملاءمة بين التكوين والتشغيل، باعتبارها أهم وأعقد المعادلات التي تواجه المتدخلين في تدبير الشأن العام المغربي، بصفة عامة، والشأن الجامعي بصفة أخص، مشيرا إلى أن صعوبة هذه المعادلة تكمن، أصلا، من محاولة التوفيق بين عالمين، متكاملين ومتناقضين في ذات الحين، ولكل منهما مميزاته وخصوصياته، مشيرا في الوقت ذاته، إلى ضرورة الإنكباب على تشييد علاقة تفاعلية، إيجابية بين مجال الشغل ومجال التكوين، في إطار يعتبر معطيات الواقع المغربي من جهة، والمعطيات التي ستترتب عن العولمة الزاحفة من جهة أخرى. وأوضح الكاتب العام لقطاع التعليم العالي لحزب التقدم والاشتراكية، رؤية القطاع للجامعة المغربية، التي يريدها فضاء للمعرفة، يتطلب أكثر من أي وقت مضى، توجها ديمقراطيا صارما يهدف إلى التأطير الجيد؛ كيفا وكمَّا؛ ويرتكز على الالتقائية في العمل، التي لا تستقيم بدورها إلا اعتمادا على الشفافية بقصد المحافظة على المشاركة الواقعية للأساتذة الباحثين. وفي السياق ذاته، دعا إلى ضرورة الانكباب على مراجعة وتحيين النظام الأساسي للأساتذة الباحثين لغرض التحفيز الدائم والمستمر في الزمان، للعنصر البشري، وتقوية سبل الشراكة بين جميع المكونات ووضع نظام إعلامي مندمج يسهَر على تسهيل الولوج للمعلومة، وإعادة النظر في الهندسة الجامعية في بعدها الهيكلي والخرائطي التي أضحت متجاوزة ومعرقلة للسير العادي للجامعة المغربية. وشدد الكاتب العام لقطاع التعليم العالي لحزب التقدم والاشتراكية، أن إصلاح التعليم العالي والبحث العلمي لن يكون أبدا شاملا إلا بتحسين الحياة الجامعية للطلبة وذلك عن طريق التوزيع المنصف للمنح الجامعية وتوسيع شبكة الأحياء الجامعية مع تقوية قدراتها وتحسين حكامة تدبيرها كي تكون مجالا للخطاب الجامعي العلمي والديمقراطي. وفي نفس السياق، على الإصلاح أن يَشتَمِل على بُعدٍ يؤسس للعدالة الاجتماعية، عن طريق تسهيل الولوج للتعليم العالي والبحث العلمي عبر مجموع التراب المغربي وذلك بتقريب مؤسساته للطلبة ومع ملاءمة مضامينها التكوينية مع الخصوصيات المتعلقة بالمعطيات الاقتصادية والسياحية والفلاحية والصناعية لكل منطقة من مناطق المغرب. من جانبها، وقفت فاطمة الزاوي الرئيسة الجديدة لقطاع التعليم العالي والبحث العلمي لحزب التقدم والاشتراكية، عند مجموعة من الإشكالات الكبرى بقطاع التعليم العالي والبحث العلمي، في مقدمتها مشكل النقص في الموارد البشرية، الذي ينجم عنه ضعف في التأطير العلمي والمعرفي. وأفادت فاطمة الزاوي، أن عدد مؤسسات التعليم العالي العمومي هو 119 مؤسسة، أغلبها متمركز في الدارالبيضاء والرباط ومراكش، وهو ما يطرح، في نظرها، مشكل التوزيع المجالي والجهوي للمؤسسات الجامعية، وأضافت أن حوالي مليون طالب مغربي، يؤطرهم فقط 16517 أستاذ و10608 مؤطر إداري، مؤكدة على ضرورة الانكباب على معالجة هذه الجوانب التي تعتبر مفصلية في مجال التعليم العالي والبحث العلمي. ومن أهم التحديات التي يتعين مجابهتها، وفق فاطمة الزاوي، هو تحدي الهدر الجامعي، مشيرة إلى أن 30 في المائة من الطلبة هم الذين يحصلون على الإجازة، فيما 70 في المائة منهم يغادرون الجامعة دون الحصول على هذه الشهادة، كما أن من أصل 21 ألف طالب دكتوراه، فقط 1000 طالب منهم يتمكنون من الحصول على شهادة الدكتوراه. وتميز هذا اللقاء الوطني، الذي عرف حضورا مكثفا لمختلف المؤسسات الجامعية المغربية، بلحظة تكريم قوية ومؤثرة لثلاثة أهرامات في حزب التقدم والاشتراكية، مشهود لها بعطائها وتاريخها النضالي المتواصل، وهم على التوالي إسماعيل العلوي الأمين العام السابق ورئيس مجلس رئاسة حزب التقدم والاشتراكية، عمر الفاسي الفهري العضو بالديوان السياسي سابقا والعضو الحالي في مجلس رئاسة الحزب، والطيب الشكيلي العضو بالديوان السياسي سابقا وعضو مجلس الرئاسة حاليا. وفي لحظة امتزجت فيها مشاعر التأثر والعرفان لجيل بكامله من الرواد الذين بصموا بمداد من الاعتزاز التاريخ المغربي الحديث، أكد عضو المكتب السياسي مصطفى البرايمي في كلمة له في حق المحتفى بهم، أن هؤلاء الثلاثة قدموا ولازالوا يشكلون صورة رمزية ونموذجية لما ينبغي أن يتحلى به المناضل المغربي كيف ما كانت مرجعيته وحساسيته، مشيرا إلى أن هؤلاء مارسوا السياسة بنفس أخلاقي عال، يغلب على البعد السياسي بمفهومه الضيق. وقال مصطفى البرايمي "إن القاسم المشترك بين هؤلاء الرجال الثلاثة، أنهم ظلوا متشبعين بقضايا الإنسان المغربي، وبما يحمله من قضايا جوهرية، تشكل الطموح الجماعي المشترك لكل المغاربة والمتمثلة في رفع مظاهر الظلم والحيف، والتطلع للعيش الكريم واستنشاق هواء الحرية، وذلك منذ أن فتحوا أعينهم على السياسة في حزبنا على مر تاريخه ومراحل تطوره". وبعد ذلك تطرق مصطفى البرايمي إلى ما يميز كل واحد من هذه القامات في المجال الفكري والعلمي والسياسي حيث شكل كل واحد منهم، منارة تهدي الطريق في مجال تخصصهم. كما تميز هذا اللقاء بإعادة هيكلة قطاع التعليم العالي والبحث العلمي لحزب التقدم والاشتراكية، حيث تم انتخاب مكتب حديد يتكون من ممثلين عن مكاتب ومنسقي مختلف الجامعات المغربية والتي بات يتواجد بها مناضلو حزب التقدم والاشتراكية، بشكل وزان ومكثف، وبعد ذلك انتخبت فاطمة الزاوي بالإجماع رئيسة جديدة للقطاع فيما انتخب بالإجماع أيضا يوسف الكواري كاتبا عاما للقطاع, وقد جرت عملية إعادة الهيكلة في جو طبعه التوافق والرغبة في الاشتغال على هذه الواجهة المحورية والحيوية بالنسبة لحزب التقدم والاشتراكية الذي ظل يعتبر الجامعة المغربية فضاء لإنتاج الفكر والمعرفة.