أكد عبد اللطيف الشنتوف رئيس نادي القضاة أن مسودة القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية أهم قانونين في كل دول العالم بالنظر لارتباطهما بحرية الإنسان التي تعد أغلى ما يمكن أن يملكه الإنسان، الذي هو مستعد للتفريط في حقوقه المادية لكنه غير مستعد للتفريط في حريته، وأردف قائلا «إن اللحظة تاريخية ويجب على جميع الأطراف من باحثين ومشرعين ومؤسسات وطنية العمل على إنتاج مشروع قانون جنائي ومسطرة جنائية جيدة حتى لا نترك القضاء في مواجهة المجتمع في المستقبل، الآن نؤسس للقضاء الذي نريد، وللقانون الذي نريد». وليبرز الأهمية التي يضطلع بهما كلا القانونين (القانون الجنائي والمسطرة الجنائية)، شدد على أنهما مؤشران دالان على تقدم البلد من الناحية الحقوقية، فهما بمثابة مرآة أمام المحافل الدولية وخاصة وضعية حقوق الإنسان، معتبرا أن النقاش حول الموضوع يجب أن يكون أساسه مؤطرا ببعض المبادئ، خاصة تلك المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية والتي تهم القانون الجنائي والمسطرة الجنائية من قبيل الشرعية الجنائية، وقرينة البراءة، والشك يفسر لصالح المتهم، بالإضافة إلى ضمانات المحاكمة العادلة وضمان حقوق الدفاع . كما شدد على ضرورة الانضباط لما تتضمنه الاتفاقيات الدولية التي يعد المغرب طرفا فيها، هذا مع الأخذ بأفضل التجارب الإنسانية في المجال، وما حملته توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة وخصوصا ما له علاقة بتعزيز استقلالية القضاء، وكذا علاقة النيابة العامة بالشرطة القضائية . ومن جانبه دعا محمد أقديم رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب، إلى التريث وعدم التسرع وأخذ الوقت الكافي من أجل التمكن من صياغة قوانين جيدة (مشروع القانون الجنائي والمسطرة الجنائية)، مقترحا في هذا الصدد إلى إضافة سنة أو أكثر للاشتغال ومن تم إخراج قوانين تستجيب لطموحات المغاربة. وأفاد أن جمعية هيئات المحامين بالمغرب تركز على النص المتعلق بالمسطرة الجنائية أي (الشكل) لكونه يعد ضمانة أساسية، قائلا»حينما نقول الشكل فإن قانون المسطرة الجنائية هو المبتدأ والمدخل، والمشروع بالرغم من المراحل المهمة التي قطعها، إلا أنه بالشكل الذي هو لايمكن تبنيه و يعد لزاما أن يعاد النظر فيه وإدخال العديد من التعديلات عليه». وكشف النقيب أقديم عن جوانب الاختلاف بين الجمعية ووزارة العدل والحريات بهذا الخصوص، وتهم التدابير المرتبطة بالحريات التي تعد أساسية، حيث أن الاختلاف مع الوزارة انصب حول المادة 66 من قانون المسطرة الجنائية التي تنظم الاعتقال، حيث يطالب المحامون بتمتيع المشتبه فيه منذ أول لحظة بحق الدفاع، فيما تعتبر الوزارة أن الثقافة العامة داخل المجتمع ولدى الضابطة القضائية لم تصل بعد إلى درجة أن تستسيغ أن يمثل المشبه فيه بصحبة دفاعه. واستغرب النقيب هذا التفسير الذي تقدمه الوزارة الوصية، مؤكدا على أن المحامين ليسوا على استعداد لتقبل مقتضيات تمس في الصميم حماية الحرية، وهم بالمقابل وعبروا عن ذلك بشكل واضح مستعدون لتقديم خدمات الدفاع بالمجان، قائلا «إذا كان هذا هو العائق الذي يحول دون التنصيص على مقتضى ضمان الدفاع للمشتبه فيه، فنحن كمحامون مستعدون للتنازل عن الأتعاب المتعلقة بضمان الحرية، فضمان الدفاع هذا ليس ترفا وليس دفاعا عن مصلحة ما من أجل جلب ملفات قضايا للمحامين، بل لكونه يعد من صميم ضمان الحرية، فالمحامي يشكل ضمانة أساسية والمجتمعات المتقدمة التي قطعت أشواطا كبيرة لا يمكن فيها الاستماع لشخص إلا بحضور دفاعه». كما دعا رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب إلى ضرورة إعطاء عنصر قرينة البراءة، والشك يفسر لصالح المتهم قيمتهما القوية، خاصة وأنه منصوص عليهما في الدستور، بل هما مبدءان منصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية، ولكن على مستوى الواقع الإدانة والاعتقال هو الأصل، والبراءة هي الاحتياط . وطالب في هذا الصدد مشددا «على اعتماد قرينة البراءة والمتهم بريء إلى أن تتبث إدانته بحكم حائز لقوة الشيء المقضي به، بحيث يجب أن تنص المسطرة على أن الاعتقال الاحتياطي استثنائي لدرجة كبيرة ، بل والعمل على إبعاد الاعتقال الاحتياطي بصفة كلية وإحلال إيداع الكفالات المالية، ذلك أنه في أنظمة كثيرة لا يوضع الشخص رهن الاعتقال الاحتياطي مع أنه يكون متلبسا بالجريمة، وأشار في هذا الإطار إلى بعض التجارب المقارنة، كما هو الحال في الولاياتالمتحدةالأمريكية، حيث ولو أن الأمر يتعلق بجرائم القتل فإنه مع ذلك توضع كفالة ويتمتع الشخص بالإفراج المؤقت إلى حين استنفاذ كل المساطر».