عن الهجوم المجاني... النقد السينمائي الاستباقي والمطالبة بتفعيل محاكم التفتيش أعلنت وزارة الاتصال أن السلطات المغربية المختصة قررت عدم السماح بالترخيص بعرض فيلم "الزين لي فيك" بالمغرب "نظرا لما تضمنه من إساءة أخلاقية جسيمة للقيم و للمرأة المغربية ومس صريح بصورة المغرب". وأوضحت الوزارة في بلاغ لها مطلع هذا الأسبوع، أنه "بعد مشاهدة فريق من المركز السينمائي المغربي لعرض فيلم تحت عنوان "الزين لي فيك" في أحد المهرجانات الدولية، فإن السلطات المغربية المختصة قررت عدم السماح بالترخيص بعرض هذا الفيلم بالمغرب، نظرا لما تضمنه من إساءة أخلاقية جسيمة للقيم و للمرأة المغربية ومس صريح بصورة المغرب". على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى صفحات بعض الجرائد ساد خلال الأسبوع الماضي، هجوم عنيف استهدف نبيل عيوش شخصيا قبل فيلمه " الزين لي فيك"، وانتصبت عدة جهات طرفا مدافعا عن المغاربة ضد أي سينما تعري ظواهر واقعية فاضحة، إذ الأمر كما يقول الشاعر العربي: " ومهما تكن عند امرئ من خليقة وإن خالها تخفى على الناس تعلم". كل هذا بناء على لقطات مسربة عبر اليوتيوب، ولم يتسن لحد الآن لأي أحد أن شاهد الفيلم في مجمله، حتى وسائل الاعلام التي تستدعى عادة للعروض ماقبل الأولى، لتكوين رأي يتم تقديمه للقراء، بينما مسألة افتحاص الفيلم فتأتي بعد ذلك لتحاكمه، على العكس من ذلك صار الجميع يمارس النقد السينمائي (قبل المشاهدة) ويمارس الرجم بالغيب حسب رأي فقهاء المسلمين أنفسهم، بعض وسائل الاعلام الغربية سخرت منا باعتبارنا نحاكم عملا سينمائيا قبل أن نتمكن من مشاهدته ونكون رأينا عنه وننبري لمحاربته والمطالبة بمنعه بشكل قبلي، واتهام بطلته لبنى أبيضار بالعهر وممارسة الرديلة دون أي تمييز بين الممثلة وشخصيتها في الفيلم. ليس هذا المقال دفاعا عن نبيل عيوش كمخرج وكسينمائي بل دفاع عن السينما التي يجب ان تكون حرة باعتبارها إعادة انتاج فني للواقع، يقرر الفرد بحرية أن يشاهد تجربة سينمائية عبر شراء تذكرته والدخول الى القاعة المظلمة أو مقاطعة الفيلم دونما اكراه. أما نبيل عيوش فقد صرح خلال خلال استضافته في برنامج "موعد في كان" على "فرانس 24، قائلا: "أتمنى من كل قلبي أن يعرض "الزين اللي فيك" في المغرب فهو فيلم للجمهور المغربي قبل غيره". وعن سؤال حول موضوع "الدعارة" قال إنه خال من المشاهد الإباحية، مشيرا إلى أنه يتضمن "مشاهد صادقة وجريئة"، مردفا: "إنه الواقع ويجب نقله كما هو". واعتبر عيوش خلال حديثه أن تصوير أفلام مثل "الزين اللي فيك" في المغرب هو أمر لا يطرح صعوبة بخلاف ما يقع في بلدان عربية أخرى. بطلة الفيلم لبنى أبيضار التي نالت نصيبها من القذف والهجوم المجانيين، قالت متحدثة عن دورها في الشريط، "كبرت في ذلك الحي الشعبي فعايشت كل هذا وأنا من هناك وكل هذه الممارسات متواجدة في قلب المدينة القديمة" في مراكش و"يحاولون إخفاء ذلك". وأنا فخورة بأنني عملت مع نبيل الذي يفتح الباب لكل هؤلاء النساء لأنهن في كل مكان ولا أحد يريد رؤيتهن !" الأدهى من هذا سارعت بعض الجهات في مدينة مراكش الى وضع شكاية لدى وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية تطالبه فيها ب"فتح تحقيق قضائي"، ضد عيوش وأبيضار في "كل ما ظهر في الفيديوهات المسربة" من الفيلم المعني... وأوردت هذه الجهات في شكايتها أن المشتكى بهم "قاموا باستعمال وسيلة النشر على اليوتوب والسينما لتشجيع الفتيات على امتهان الدعارة بمراكش لكونها مدينة سياحية يتوافد عليها سياح خليجيون يدفعون مبالغ مهمة مقابل الدعارة، كما أن الشريط يظهر مشاهد مخلة بالحياء ومشاهد علاقات جنسية بين الجنسين، إضافة إلى المشاهد الشاذة التي قام بها شاب يمارس الشذوذ الجنسي مع أشخاص من نفس الجنس، كما تحدد ذلك مقتضيات المادة 489 التي تقول يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة من مائتين إلى ألف درهم من ارتكب فعلا من أفعال الشذوذ الجنسي مع شخص من جنسه، ما لم يكن فعله جريمة أشد". الشكاية في مجملها ضعيفة الحجة لدرجة لا تميز فيها بين الممثلين وشخصياتهم في الفيلم ...المضحك أنها تطالب بسجنهم، والحكم عليهم بغرامات ولم لا تكوين محاكم تفتيش تحاكم على النوايا، صحيح أن شر البلية ما يضحك.